اليوم عادت الهجرة غير الشرعية عبر المراكب من سواحل الشمال، بشكل لافت، حيث تزدهر السوق السوداء عبر التنسيق مع تجار التهريب ودفع الاموال بالعملة الخضراء للوصول الى اوروبا. ورغم مخاطر هذه الرحلة وما تحمل معها من مصير مجهول، الا ان اصرار البعض على ترك البلاد بات اشد الحاحا واصرارا بالتزامن مع فتح ابواب المدارس، والتي على ما يبدو باتت حكرا على الاغنياء فقط.
وتكشف احدى العائلات التي توضب حقائب الرحيل، انها وصلت الى مرحلة اما أن ترضى بالموت في الشارع بعد تعثرها في دفع ايجار منزلها وفي تأمين طعام افراد عائلتها، او المغامرة بالهجرة عبر البحر. وتعتبر ان خطورة الرحلة في عبور المياه الاقليمية وكل الدول لن تقف عائقا امام مسيرتهم، لان الجميع يعرف ان الشعب اللبناني اصبح بمعظمه جائعا.
واكدت ان الرحلة لن تكون سهلة، لكن هم على يقين انه في اي دولة حطوا رحالهم سيكون لاطفالهم مستقبل افضل، خصوصا ان التعليم في لبنان بات محصورا بطبقة واحدة.
واكدت والدة اطفال في طرابلس ان «اكثر من اسبوعين والمدارس الخاصة بدأت باستقبالها طلابها وطالباتها، اما المدارس الرسمية فما زالت ترفض افتتاح العام الدراسي، لم يكف هؤلاء اكثر من عامين من التعطيل، وكان حريا بهم فتح ابواب المدارس امام الطلاب بدلا من رمي مسؤولية التأخير هنا وهناك وترك الحرية للاهالي في ارسال اولادهم، اما بالنسبة للرواتب فان جميع اللبنانيين بقطاعيه يرزحون تحت ازمة معيشية لا مثيل لها، لكن في الوقت نفسه يجب ان تستمر مسيرة التعليم لبناء الوطن من جديد».
واكدت السيدة نفسها ان هناك مؤامرة على فقراء لبنان، فهم يريدون اطفالنا بلا تعليم ولا وظيفة في المستقبل، لذلك بات الرحيل الحل الوحيد.
اما بالنسبة لباقي العائلات التي تستعد للهجرة، فقد باشرت بتصفية اعمالها لتوفر المبلغ المطلوب لكلفة طريق الهجرة غير الشرعية، واعتبرت انه حتى الهجرة تحتاج الى الوف الدولارات، لكن هذه المرة الوحيدة التي يدفع فيها اللبنانيون اموالا يعرفون انها ستحقق احلام الاولاد بالعيش بكرامة، وفي حال لم يكتب لها الوصول فان وجهتها الى اي مكان افضل من البقاء في بلد لا يجد فيه المواطن كرامته اسوة بباقي الدول
وحسب المعلومات، ان نسبة الهجرة سترتفع في الايام المقبلة مهما بلغت خطورتها، ورغم فشل العشرات من الابحار لاسباب متعددة، الا ان الامل لديهم بالخروج لم ينته بعد، واكدت المعلومات ان الحل لابقاء المواطنين في بيوتهم وقراهم يحتاج الى عشرات السنين من العمل الحكومي، لذلك فان الهجرة عبر قوارب الموت ستبلغ ذروتها في الايام المقبلة،طالما انه ليس في الافق ما يشير الى حلول جدية للازمات المعيشية الخانقة التي لامست حدود المجاعة.
المصدر :”الديار – دموع الأسمر”
**