مجدداً التحضير النفسي للعتمة الشاملة التي من المتوقع ان تحلّ نهاية تموز تتصدّر الأخبار، يضاف اليها التحذير من ارتفاع فاتورة المولّدات الخاصة هذا الشهر الى المليون ليرة لكل 5 امبير بنتيجة ارتفاع أسعار المحروقات الى الضعف. وكالعادة، لا معالجات لا خطط ولا رؤية، والحلول الوحيدة المتوفرة انتظار مصرف لبنان لفتح الاعتمادات بالقطّارة.
شهد الأسبوع الماضي «بروفا» للعتمة الشاملة على مرحلتين، الأولى امتدت لساعتين يوم الأربعاء، والثانية كانت يوم الجمعة، قبل ان تعلن مؤسسة كهرباء لبنان بأنّ المصارف الأجنبية المراسلة استكملت الإجراءات المصرفية العائدة للقسم الأول من شحنة الغاز اويل لمعمل دير عمار، والتي على إثرها ارتفعت القدرة الإنتاجية للمعمل، وتلاه الإعلان يوم السبت عن انجاز الموافقة لشحنة الغاز اويل لمعمل الزهراني، والتي على إثرها أُعيد وضع المعمل في الخدمة.
كل هذا ولا يزال العمل بالسلفة ساري المفعول، ولا تزال البواخر في الخدمة تساند المؤسسة، وعليه، كيف سيصبح الوضع بعد انتهاء أموال السلفة ورحيل البواخر المرتقب نهاية أيلول؟ وكيف تستعد السلطة لهذه المرحلة؟
تؤكّد مصادر مطلعة في مؤسسة كهرباء لبنان، ان لا عتمة شاملة عمّا قريب، ليس على الأقل قبل النصف الثاني من شهر آب المقبل. وأوضحت لـ»الجمهورية»، انّ ما اعلنته المديرة العامة لمنشآت النفط أورور فغالي أنّه «بعد شهر تموز لن يعود هناك أموال للكهرباء» صحيح، لأنّه لا يزال لدينا حمولة باخرتين فقط، لكن وتجنباً للمحظور اتخذت المؤسسة كل الاحتياطات اللازمة لإطالة أمد استخدام هذا المخزون قدر المستطاع، لذلك تكتفي المؤسسة حالياً بإنتاج ما بين 700 الى 800 ميغاوات يومياً بمعاونة البواخر التي تساهم بتأمين 300 ميغاوات من ضمنهم، بما ينعكس ما بين 4 الى5 ساعات تغذية يومياً.
وأكّدت المصادر، انّ المؤسسة قادرة في خلال ساعات على رفع الإنتاج الى ما بين 1700 و2000 ميغاوات، أي ما يوازي حوالى 13 ساعة تغذية، لكن هذا الإجراء يسرّع في إنهاء اموال السلفة باكراً اي نهاية تموز كحدّ اقصى.
ورأت المصادر، انّ المؤسسة تعاني اليوم من مشكلتين أساسيتين: مشكلة تأمين الدولار للفيول اويل والغاز اويل، ومشكلة تأمين الدولار لشراء قطع الغيار والمواد الاستهلاكية، فمتى تأمّنوا يمكن للمؤسسة ان ترفع التغذية الى 2000 ميغاوات، لافتة الى انّه في صيف 2019 وصل انتاج المؤسسة الى 2170 ميغاوات بمعاونة البواخر.
وعن الكلفة التقديرية لتأمين هذين الطلبين، تقول المصادر: «نعم هناك كلفة، والكلفة تختلف وفق سعر برميل النفط عالمياً، ففي العام الماضي كان سعر برميل النفط 44 دولاراً، بينما هو راهناً 77 دولاراً، مع الإشارة الى انّ في حال لم تغطِ المؤسسة هذه الكلفة سيتكبّدها المواطن الذي يدفع راهناً فاتورة باهظة للمولد».
وشدّدت المصادر على ضرورة رفع تعرفة مؤسسة كهرباء لبنان التي باتت بخسة جداً، بدليل انّ كلفة ساعة تغذية تؤمّنها المولدات الخاصة تتراوح ما بين 1300 و 1400 ليرة، بينما كلفة ساعة تغذية تؤمّنها مؤسسة كهرباء لبنان تبلغ 106 ليرات، شرط ان يترافق هذا الإجراء مع آلية لتأمين الدولار، فالمؤسسة لا يمكنها شراء الدولار من السوق الموازي لأنّها مؤسسة عامة ومصدر دولارها الوحيد هو مصرف لبنان.
ورأت المصادر، انّ تأمين دولارات للمؤسسة أهم بكثير من تأمين السلفة. فالمؤسسة، وبعد تحسّن الجباية بات لديها مدخول يتخطّى الـ 80 ملياراً شهرياً، انما كل ما تملكه هو بالليرة اللبنانية، وبهذه العملة لا يمكنها لا شراء الفيول ولا قطع الغيار، رغم انّها تملك ثمنهما، كما انّ المتعهدين يرفضون القبض بالعملة الوطنية.
ورداً على سؤال، أكّدت المصادر، انّ ما نعانيه اليوم ليس مشكلة قطاع كهرباء فقط، انما مشكلة بلد ومشكلة دولار تطاول كل مفاصل الحياة، من ازمة محروقات الى ازمة دواء الى ازمة سعر صرف…، ولا حلول في الأمد المنظور لأزمة الكهرباء الّا في حال تأمّنت هبات معينة للقطاع. فكما صاحب المولّد الخاص يعاني من أزمة دولار لتأمين ثمن قطع الغيار، كذلك تعاني المؤسسة مع فارق انّ صاحب المولّد يمكنه شراء الدولار من السوق الموازي لتأمين ثمن قطع الغيار، لكن المؤسسة لا يمكنها ذلك.
المصدر:”الجمهورية_ ايفا ابي حيدر”
**