قد تكون السياسة في ظروف دقيقة هي فن اختيار التوقيت. يختار البعض منطق التسويات في أوقات مدروسة، فتأتي بالنتائج المرجوّة وربّما بنتائج افضل. يمثّل وئام وهاب مثالًا حيًّا على الفكرة أعلاه. رئيس حزب التوحيد العربي، الذي يعيش دائما في قلب الأحداث؛ ويتمتع بقدرة عالية على القراءة السياسية وربط الاحداث يدرك تماما خطورة الوضع ويستشعر الخطر الشديد الذي يهدد المجتمع الدرزي وكل الوطن بوجوده مع استمرار تفكك الدولة التي لن يبقى منها الا المؤسسة العسكرية والقوى الأمنية. ويأتي اجتماعه برئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال ارسلان ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط في دارة خلدة يوم السبت المقبل في محاولة لإنتاج الحلول التي من شأنها تكريس الاستقرار والمساهمة برفع المعاناة عن أبناء المجتمع الدرزي وطي ملفات قديمة وجراح في البيت الدرزي تسببت بها اشكالات حصلت في الشويفات والبساتين.
بعتبر لقاء خلدة الذي سيجمع الاقطاب الثلاثة مفصلي من حيث توقيته ومضمونه، كون كل ما سيلحقه مرتبط فيه، وكونه يضع المدماك الأساس في معركة الوجود للحفاظ على الحقوق، على الرغم من تباين وجهات النظر وتصاعد بعض الخلافات حول ملفات عديدة والتي تبقى من طبيعة العمل السياسي.
إنّها القوة مجدّدًا، في الرؤية والطرح، وربّما في الإرادة. هكذا يعيد وهاب وصل ما انقطع من خلال هذا اللقاء الجامع في محاولة واضحة لمعالجة رواسب وذيول الخلافات والبحث في كل الملفات الداخلية منها وتلك المتعلقة بالاستحقاقات الوطنية، وربما بعض الملفات الاقليمية كالوضع في سوريا وحيث تتواجد شريحة واسعة من طائفة الموحدين الدروز، وكيفية ترتيب البيت الدرزي الداخلي، من مشيخة العقل الى الاوقاف الدرزية والمجلس المذهبي، حيث أن الاتفاق على هذه السلة سوف يحدد مسار العلاقات المستقبلية. هناك تعويل كبير على نجاح لقاء خلدة في تسوية الخلافات وإراحة مناطق التواجد المشتركة في المناطق الدرزية، من الشوف الى عاليه وبعبدا وحاصبيا وراشيا، لأن أي خضّة في هذه المناطق تخض كل لبنان، خاصة في هذه الظروف التي يعاني منها المواطنون سياسياً واقتصادياً ومعيشياً وصحياً. لهذا يتعاطى الثلاثي الدرزي مع اللقاء بإيجابية وانفتاح وجدّية على أمل التوصل الى نتائج تريح البلاد والعباد.
**