يتساءل اللبنانيون اين اصبح مسار العقوبات الفرنسية التي لوّحت بها فرنسا؟ وهل يمكننا اليوم نعي المبادرة الفرنسية نهائياً، بعدما اعترف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بفشله في مهمته اللبنانية، وظهر كأنّه استسلم في ايجاد حل للأزمة السياسية اللبنانية وتحديداً الحكومية، فلجأ الى لغة التأنيب، متوعداً السياسيين المعنيين، الذين وعدوه بتحقيق الإصلاحات المشروطة المطلوبة، للحصول على دعم فرنسا والمجتمع الدولي؟ الاّ انّه حتى الساعة لم يتضح مسار هذه العقوبات عملياً، في وقت تبدو الإدارة الفرنسية، وبعدما تلمّست فشلها في إنقاذ حكومة لبنان، ارتأت الدفع باتجاه ايجاد المخارج لإنقاذ شعبه.
في المعلومات، يتحدث المتابعون للشؤون الخارجية عن مبادرة فرنسية جديدة او ربما مهمّة جديدة تُعرف بالـ CURRENCY BOARD وهي تهدف الى دعم المؤسسات الاجتماعية وحماية العائلات اللبنانية من خطورة الانهيار المالي وتحديداً من تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية.
«الجمهورية» استوضحت من المصادر الفرنسية الديبلوماسية عن المهمّة الجديدة. الّا انّ تلك المصادر لم تنف كما لم تؤكّد هذه المعلومة. وقالت لــ«الجمهورية»: «إنّه من المبكر جداً الكلام عن هذا الموضوع»، موضحة في الوقت نفسه، انّ كل ما يمكن الكشف عنه حالياً هو انّ الرئيس ماكرون وخلال اجتماعه في قمة السبع الكبار(G7)، اعلن في الاجتماع انّه يفكر في ايجاد طريقة أو وسيلة لتقديم المساعدات الى الشعب اللبناني، الّا انّه لم يذكر تحديداً ما هي هذه الوسيلة».
من جهة اخرى، اكّدت المصادر الديبلوماسية نفسها «انّ ماكرون لم يعترف أبداً بأنّه فشل في مهمته اللبنانية، كما يُروج له اعلامياً، انما الذين فشلوا هم السياسيون اللبنانيون»، مضيفة: «فرنسا لم تفشل ابداً وهي لم تعلن فشلها، انما من فشلوا هم الذين اخفقوا في إحقاق الاصلاحات المطلوبة منذ اكثر من عشرة اشهر». ولذلك، تردّ المصادر الفرنسية الفشل الى الطبقة الحاكمة وليس إلى فرنسا. وتقول: «على المسؤولين المعنيين والحكومة اللبنانية والدولة اللبنانية التفكير جدّياً في انقاذ شعب لبنان والقيام بواجباتهم. اما بالنسبة لفرنسا فهي دائماً حاضرة وجاهزة لمساعدة شعب لبنان».
واذا كانت فرنسا ستلجأ حقيقة الى مسار الـ«Currency board»، فكيف يمكن لهذه المنصّة العمل، وكيف يمكن من خلالها حماية اللبنانيين من تداعيات الانهيار المالي؟
ما هو الـ«Currency board»؟
«المنصة» او«مجلس العملة» هو سلطة نقدية تهدف إلى الحفاظ على سعر صرف ثابت بين العملة الوطنية والعملة الأجنبية. تحقيق ذلك يتطلب توقف البنك المركزي عن اصدار الليرة اللبنانية. حيث سيكون التركيز الأساسي للمنصة هو التأكّد من أنّ الليرة اللبنانية الموجودة في التداول في السوق مدعومة بالكامل (100%) بالدولار الأميركي أو الذهب. بعبارة أخرى، لا يمكن للبنك المركزي طباعة أوراق نقدية جديدة، إلّا إذا كان لدى لبنان ما يكفي من العملات الأجنبية أو احتياطيات الذهب لتغطية الأوراق النقدية الجديدة.
يهدف المجلس النقدي إلى تثبيت سعر صرف العملة الوطنية تجاه الدولار أو اليورو قانوناً، أي بالتصويت في مجلس النواب مما يجعل تعديل سعر الصرف صعباً جداً.
في المقابل، يمكن لكل مواطن أن يحوّل عملته الوطنية إلى العملة الدولية والعكس بالعكس ساعة يشاء بسعر الصرف الثابت.
في حال قرّر المجلس النيابي اعتماد مجلس النقد اي الـ«Currency board» فإنّه لا يتمتع بسلطات تخوله التأثير على السياسة النقدية، وهو لا يحق له اقراض الحكومة.
وعند اعتماد الـ«Currency board» يشترط على الحكومات عدم طباعة النقود، ويمكنها فقط فرض الضرائب أو الاقتراض للوفاء بالتزامات الإنفاق الخاصة بها.
والجدير ذكره، انّ المصرف المركزي في لبنان هو من يثبت سعر الصرف، وهذا يعطيه المرونة للتعديل إذا اقتضت الحاجة.
المصدر:”الجمهورية – مرلين وهبه
**