يبدو انّ المشهد الداخلي قد اقترب من لحظة الحسم، وسلوك خيار من اثنين: اما تشكيل حكومة متفاهم عليها برئاسة سعد الحريري في غضون ايام قليلة، واما لا حكومة نهائياً. ولكلا الخيارين أثاره الفورية. فخيار التشكيل من شأنه أن يُحدث نقلة نوعية في المشهد العام، تعيد للبلد توازنه المفقود، وتكبح المسار الانحداري الذي يهوي فيه. واما خيار اللاحكومة فيترتب عليه حتماً مزيد من الدوران في متاهة الأزمة مع ما يرافقها من تعقيدات وتوترات تضع البلد في مهبّ احتمالات لا حصر لها، تسرّع انزلاقه نحو الارتطام الكارثي على كل المستويات.
الصراع المحتدم بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومعه فريقه السياسي ورأس حربته رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وبين الرئيس المكلّف سعد الحريري وفريقه السياسي، الذي يتمّ شهره الثامن بعد اسبوع، حوّل تأليف الحكومة إلى لعبة تسجيل نقاط لا رابح فيها، استُنفدت فيها كل محاولات الإحراج للإخراج، وأوصل الطرفين الى أفق مسدود، ووصل معهما لبنان الى مفترق مصيري. واللبنانيون منهكون بين قهر وجوع وطوابير ذلّ اصعب عليهم من ويلات الحرب الاهلية. وهو وضع بات يتطلّب لحظة مسؤولية، فعلى ما سيقرّره عون والحريري، في موازاة هذه الصورة السوداء، يُرسم طريق البلد، إما في اتجاه الانفراج، وهو مطلب صادر من وجع الناس، وأما في اتجاه الانفجار والفوضى والشر المستطير.
**