تواصلت المساعي لاحتواء الاحتقان السياسي والنيابي المحيط بالملف الحكومي والمتوقع ظهوره في جلسة مجلس النواب غداً، وتقوم المساعي على بلورة توصية متفق عليها تعيد ملف التأليف الى توافق رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، بحيث لا ينال رئيس الجمهورية ما أوحت به الرسالة التي وجهها للمجلس لزجّه في مأزق دستوري تحت عنوان سحب التكليف، ولا ينال الرئيس المكلف ما يرغبه من تفويض مفتوح في التأليف، فتحسم التوصية الشراكة في التأليف بين الرئيسين مقابل الشراكة في المسؤولية عن عدم التأليف، بينما يطلب رئيس الجمهورية شراكة في التأليف وحصر المسؤولية عن عدم التأليف بالرئيس المكلف، ويطلب الرئيس المكلف إطلاق يده في التأليف وحصر المسؤولية بعدم التأليف برئيس الجمهورية تحت شعار فليوقع التشكيلة التي أودعتها لديه منذ شهور.
نجحت الجهود والمساعي على الخطوط الرئاسية مع السعودية ودول الخليج في احتواء وتطويق ذيول الأزمة الديبلوماسيّة اللبنانيّة – الخليجيّة وعاصفة ردود الفعل السياسيّة والإعلاميّة التي اندلعت إثر كلام وزير الخارجية والمغتربين “المتنحي” شربل وهبي بحق المملكة ودول الخليج، وذلك بعد تهديدات كبيرة نقلها سفراء خليجيون إلى المسؤولين في لبنان بتوجه مجلس التعاون الخليجي لاتخاذ إجراءات تصعيديّة ضد لبنان في حال لم تبادر الدولة اللبنانية إلى القيام بخطوات جدية لإعادة الأمور إلى طبيعتها. وقضى المخرج للأزمة بتنحّي وهبة عن الاستمرار بممارسة مهامه وتعيين الوزيرة زينة عكر مكانه.
ونفت مصادر رئيس الجمهورية لـ”البناء” أن يكون “كلام وهبة خلال الحلقة التلفزيونية الأخيرة منسقاً مع الرئيس عون أو مع النائب جبران باسيل لاستهداف السعودية لتحقيق أهداف سياسية، كما يدّعي بعض المصطادين في الماء العكر، بل إن حقيقة الأمر أن وهبة أخطأ وتحمل المسؤولية وتنحى وموقف الرئاسة الأولى واضح لجهة عدم تغطية أي موقف ضد أي دولة صديقة للبنان ومنها السعودية ودول الخليج”.
وأكدت مصادر دبلوماسية رسمية لـ”البناء” إلى أن “الخطوات التي قام بها لبنان كافية لرأب الصدع وتهدئة غضب الدول الخليجية وحماية العلاقات اللبنانية الخليجية من أي شائبة”. وظهر المناخ الإيجابي من تصريحات سفير السعودية وليد البخاري الذي لفت في دردشة مع الإعلاميين في ختام اليوم التضامني مع السعودية أن “المملكة لا تعمل وفق ردات الفعل، ولن يكون هناك ترحيل للبنانيين من المملكة ومن دول الخليج”، وقال: “إن أخلاقيات ومرتكزات المملكة لا تسمح بأن يتم التعرّض لكل مقيم على الأراضي السعودية، ناهيكم عن اللبنانيين الموجودين في المملكة”.
وكشف أنه تلقى مكالمة هاتفية مساء الثلاثاء من وهبة “أعرب فيها عن اعتذاره الشديد والصريح لما بدر منه في لقائه التلفزيوني، وأخبرني بأنه سيتنحّى”.
ورداً على سؤال عما إذا كان اعتذار وهبة كافياً قال: “الأهم ليس أن نعتبره كافياً أم لا، بل مراجعة السياسات الخارجية بإرادة سياسية جامعة تجاه المملكة ودول مجلس التعاون. وعندما تكون هناك مراجعة حقيقيّة، فهذا يعني أن هناك مؤشرات إيجابية لاستعادة ثقة المجتمع الدولي، وعلى رأسه المملكة”.
وكان رئيس الجمهورية استقبل وهبة وتسلم منه كتاباً بطلب إعفائه من مسؤولياته الوزارية. ثم توجّه وهبة بعدها إلى السراي الحكومي وقال بعد لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب: “أبلغته عدم الاستمرار بمهامي وخطوتي من أجل مصلحة لبنان واللبنانيين”. وقال وهبي لرئيس الحكومة خلال اللقاء بحسب معلومات “البناء”: “لم يمنحني الله نعمة الصبر لأتمالك نفسي وعدم رد الإساءة”.
وأكد وهبي لـ”البناء” أن “لا رئيس الجمهورية ولا رئيس الحكومة طلبا منه التنحي بل إن موقفه الذاتي جاء لمصلحة لبنان واللبنانيين وعلاقات لبنان الخارجية”. واتهم وهبة القناة التي استضافته بنصب فخٍ إعلامي – سياسي له خلال الحلقة للإيقاع به لأهداف سياسية تتعلق “بموقف لبنان مما يجري على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، والموقف الوطني الثابت من ملف ترسيم الحدود البحرية، وموقف لبنان ووزارة الخارجية من الانفتاح على سورية لا سيما انني أعلنت عن زيارة قريبة لسورية، استهداف عهد الرئيس عون ومزيد من الضغط عليه وتشويه صورته”.
المصدر:”البناء”
**