46 عاما مرت على ذكرى الحرب اللبنانية في 13نيسان 1975، حرب كان من المفترض ان تنتهي ولكن ذلك لم يحصل رغم إصرار الطبقة السياسية الحاكمة واحزابها على تكرار عبارة “تنذكر وما تنعاد” مع كل 13 نيسان.
من شهد على تلك المرحلة الاليمة من تاريخ الوطن يقول إن الساحة اللبنانية كانت تستعد للانفجار الكبير ، السلاح متفلت في كل مكان ، البلد تحول الى كانتونات ومتاريس طائفية والحقد مستحكم دون ان ننسى الاقصاء والتهميش الذي مورس بحق بعض الجماعات اللبنانية والعجز السياسي تجاه معالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
لقد مرت كل تلك السنوات من دون ان يخرج لبنان من كبوته، واللبنانيون الذين يعيشون هاجس تكرار تلك المآسي وأعمال التهجير والقتل والخراب والدمار، وحدهم من يتكبدون اليوم الخسائر البشرية والمادية، “فجماعة الطائف” القابضة على الحكم لم تتعلم من دروس الماضي فيما الشعب يتحمل وزر ما ارتكبته وترتكبه اليوم بحق البشر والحجر.
أعظم حدث مأساوي مر على اللبنانيين بعد تلك الحرب والأزمات التي لحقتها كان انفجار مرفأ بيروت في 4 اب من العام الماضي، فما لم تدمره مدافع ودبابات وصواريخ الحرب الأهلية، دمرته مادة الامونيوم،التي طال لهيبها الحارق آلاف الوحدات السكنية والشركات تجارية والمدارس والمطاعم ، وأدت الى استشهاد المئات والى اصابة الآلاف من اللبنانيين .
لا شك ان غياب المسؤولية وتبادل الاتهامات وانعدام الحس الوطني والانساني هو شعار الطبقة السياسية الحاكمة التي امتهنت منذ اتفاق الطائف سياسة الفساد وافقار الشعب ونهب اموال الدولة والارتهان للخارج، حتى وصلنا اليوم الى تفاقم الأزمة الاقتصادية والانهيار الحقيقي وتفاقم الدين العام وانهيار العملة الوطنية امام الدولار وتدهور الوضع المعيشي عند المواطن الى أقصى الحدود والتهديد بالاغتيالات وبخطر الفوضى الأمنية والاجتماعية والصحية، وانتشار عمليات السرقة والقتل وتفشي ظاهرة البطالة في صفوف الشباب وزيادة معدلات الهجرة الى الخارج.
لا شك أن كل ما تقدم تحاول الطبقة السياسية معالجته من خلال التجاوزات الراهنة للدستور، وعدم احترام القوانين والتعطيل وضرب سلطة القضاء ومؤسسات الدولة والتمسك بسياسة العناد و الكيدية والمحسوبية وغياب المساءلة والمراقبة وارتباط الفساد السياسي بالقضائي والمالي والاعلامي والمصرفي.
ان صرخات المواطن لم يعد صداها يصل الى آذان المسؤولين بعد ان اصبح شغلهم الشاغل في الوقت الراهن الاستمرار في لعبة التراشق السياسي وتبادل الاتهامات وتقديم الشكاوى ضد بعضهم البعض امام القناصل والزوار العرب والاجانب الى حين تنفيذ مآربهم وتحقيق احلامهم على حساب وحدة الوطن وكرامة أهله. وبالتالي تصبح كل المزاعم عن مشاريع إصلاحية اوعن توقيف فاسدين ومتورطين لا تتعدى البروباغندا الاعلامية التي يحاول من خلالها تسجيل كل معسكر سياسي نقاطا في مرمى الآخر خاصة في الملفات الدسمة التي تفتح عند الحاجة وتقفل عندما تدق ساعة التسوية.
ان السلطة السياسية تتحمل المسؤولية الكبرى حيال ما يتعرض له لبنان اليوم من أزمات سياسية واقتصادية ومالية وصحية ومعيشية، ولا احد يعلم الى سوف تصل اليه الأمور في الوقت الراهن، ليبقى الرهان عشية 13 نيسان على حراك شعبي جديد يعيد توجيه البوصلة ويعمل على بناء منظومة سياسية واعية ومدركة ومسؤولة والخروج من منطق ” حارة كل مين ايدو إلو” من خلال الحفاظ على الدولة المركزية.
**