الحروب السياسية، تُضاف الى الفلتان الذي يضرب كل الأرجاء اللبنانية، ويوشك ان يجرّ البلد الى فوضى لا تبقي شيئاً، وتُضاف ايضاً الى الحرب التي تُشن يوميّاً على المواطن اللبناني، وتعدم كل مناحي ومفاصل حياته ومعيشته، حتى وصل الى حال صار يتسوّل فيها رغيف خبز. والاخطر من كل ذلك، الحرب على الليرة، وسط مخاوف مما يُحكى في مختلف الأوساط عن تحضيرات في غرف السوق السوداء لقفزات جنونيّة للدولار.
وسط هذا المناخ الحربي، بدأ المواطن اللبناني يعيش مسبقاً ارتدادات تلك الحروب، التي تجلّت بأبشع صورها في أرتال السيارات امام محطات المحروقات والشحّ في مادة البنزين واحتكاره وتخزينه وتهريبه، وكذلك في طوابير المواطنين أمام الأفران، وفي الشحّ الهائل في الأدوية، وفي المواد الإستهلاكية الاساسية المدعومة وغير المدعومة في محلات السوبر ماركت والغلاء الذي يحلّق بالأسعار الى ما فوق السحاب، فيما المتحكّمون بالبلد والممسكون بزمام أمره، في أعلى درجات «التمسحة السياسيّة»، ويمعنون بجشع ما بعده جشع، في صبّ الزيت على النار لإحراق ما بقي من البلد.
«على هذه الصورة لن يكون في مقدور البلد ان يستمر لأسابيع قليلة جداً»، على ما يقول مرجع مسؤول لـ«الجمهورية»، في معرض توصيفه لواقع البلد واشتعال الجبهات السياسية الداخلية، بعد فشل الجهود الخارجية والوساطات الداخلية في فك العِقَد المانعة لتشكيل الحكومة.
ويعبّر المرجع نفسه عن قلق بالغ من الجوّ الصدامي الذي دخل فيه البلد في الايام الأخيرة، وأعاد رفع المتاريس بين المكونات السياسية، وهو الامر الذي قد ينذر مع استفحاله وتورّمه الخطير، بتطورات دراماتيكية أشدّ خطراً، ويُخشى معها ان يفلت البلد من أيدي الجميع، نصبح جميعنا عاجزين أمام سرعة الإنهيار وتداعي الهيكل اللبناني بالكامل.
ورداً على سؤال، يشير المرجع الى أنّه بلغ مرحلة متقدّمة جداً في تشاؤمه، ومع ذلك لا يرى انّ الافق مسدود بالكامل، فإمكانية بلوغ تفاهم لم تُعدم بعد، وخريطة الطريق الى هذا التفاهم محدّدة في مبادرة الرئيس نبيه بري، التي باتت تشكّل الأمل الوحيد المتبقّي الذي يمكن ان يُبنى عليه هذا التفاهم وبالتالي إحداث نقلة نوعية للواقع اللبناني، من اجواء الانفجار السائدة حالياً، الى اجواء الإنفراج.
**