كتبت صحيفة ” البناء ” تقول : يتزامن توقيع مرسوم ترسيم الحدود البحرية للبنان وفقاً للخرائط الجديدة التي أعدها خبراء قيادة الجيش اللبناني، مع وصول معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل الى بيروت، وقالت مصادر سياسية مواكبة للحدثين، إن التزامن له مغزى كبير رغم الطابع الوداعي لزيارة هيل وارتباطها بحجزه مواعيد مستقبلية تتصل بانتقاله للعمل في أحد مراكز الدراسات الأميركية مع نهاية عمله الوظيفي. فهيل يبقى زائراً دبلوماسياً أميركياً رفيعاً حتى آخر لحظة يمضيها في وزارة الخارجية، وهو سيناقش مع المسؤولين اللبنانيين بصفته الرسمية مصير مفاوضات الحدود البحرية التي تلعب فيها حكومته دور الراعي والوسيط بين لبنان وكيان الاحتلال، خصوصاً ان المفاوضات توقفت بعدما عرض الوفد اللبناني رؤيته لحدود لبنان البحرية وفقاً للمعطيات التقنية والقانونية، التي عجز وفد الاحتلال عن الرد عليها بمعطيات معاكسة فلجأ إلى السياسة، مستعيداً المرسوم الذي صدر عام 2011 عن الحكومة اللبنانية وتم توثيقه لدى الأمم المتحدة، ويأتي المرسوم الجديد لتعديله، ما يعني أن الاميركي كوسيط وراع فعلي للتفاوض، رغم وجود الأمم المتحدة الشكلي على طاولة التفاوض، وعليه أن يتعامل منذ اليوم مع واقع جديد، وستظهر مواقف هيل التي سيحملها معه من واشنطن، التي رافقت التحضير لصدور المرسوم، وفقاً لما نقل عن السفيرة الأميركية من تلويح بتعطل المسار التفاوضي، موقفاً سيحكم هذا المسار تفعيلاً أو تعطيلاً.
كيان الاحتلال لم يتأخّر بلسان وزير الطاقة في حكومة بنيامين نتنياهو المنحلة، يوفال شتاينيتز الذي يقود المفاوضات مع لبنان حول ترسيم الحدود البحرية، أن “خطوات لبنانية أحادية الجانب ستقابل بخطوات إسرائيليّة موازية”، متهماً لبنان بأنه يفضل نسف المحادثات بدلاً من القيام بمحاولة للتوصل إلى حلول، وهذا الموقف سيعني تصعيداً يعطل المفاوضات ولو لمرحلة يختبر فيها قادة الكيان فرص استثمار الحقول الواقعة في المنطقة البحرية الجديدة التي تضمنها المرسوم بصفتها حقوقاً لبنانية، ووفقاً للمصادر المتابعة سيكون على لبنان الاستعداد لمواجهة سياسية ودبلوماسية تصل لحد تحذير الشركات التي تقبل التنقيب في الحقول التي تقع في منطقته الاقتصادية من عواقب ومخاطر مشاركتها، وصولاً الى بحث الخيارات التي تحمي الموقف اللبناني في حال مضي الاحتلال بالتحدّي، خصوصاً أن المقاومة سبق وقالت بلسان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بأنها مستعدّة للدفاع عن أية حدود سيادية تقرّرها الدولة اللبنانية اذا طلب منها ذلك.
في مسار التوقيع كان واضحاً منذ أول أمس أن رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ووزيرة الدفاع زينة عكر ووزير الأشغال ميشال نجار، قد حسموا أمر توقيع المرسوم، على قاعدة التوافق الوطني بانتقال الملف الى عهدة رئيس الجمهورية، وتوجّه الرئيس بتلبية طلب الوفد اللبناني العسكري وقيادة الجيش بتعديل مرسوم الترسيم لتوفير الغطاء اللازم للوفد المفاوض قانونياً ودبلوماسياً. وقالت مصادر سياسية إن التوقيع يجب ان يفتح الباب لمرحلة توافقية سياسية تزيل التوتر الذي رافق مرحلة ما قبل التوقيع وتضمن اتهامات أسقطها التوقيع. ودعت المصادر الفريق الذي قاد حملة الاتهامات الى تظهير المرسوم كحاصل توافق يجب الحفاظ عليه في مرحلة الدفاع عن المرسوم وصولاً لعودة التفاوض والتحسب لما قد يفرضه المسار التفاوضي، أو إقفال المسار التفاوضي واتجاه الأمور نحو التصعيد، والحاجة في الحالتين للحفاظ على هذا التوافق، بعدما أثبت التوقيع بطلان الاتهامات بالصفقات والتعهدات والاستعداد للمساومة على الحقوق الوطنية بخلفيات كيدية أو تفادياً لعقوبات، أو تنفيذاً لتعهدات لأنه لو صح ذلك لما وقع المرسوم، الذي لم يضغط أحد على أحد لتوقيعه، وجاء تعبيراً عن مواقف تخص جميع من وقعوا بمبادرات وقراءات ذاتية لمواقفهم، خصوصاً أن حزب الله فضل البقاء بعيداً عن الجدال حول الرمسوم تمسكاً لإعلانه كمقاومة الاستعداد لحماية الحدود السيادية التي تقررها المؤسسات الدستورية للدولة ومنعاً لشبهة وقوفه وراء إملاء آلية معينة لهذا التحديد، ما يمنح خصومه فرصة توجيه الاتهامات بنيات وحسابات لحزب الله مرة بتقديم تسهيلات وتراجعات ومرّة بالدفع باتجاه التصعيد.
**