مع دخول القطاع الخاص حملة التلقيح لمواجهة فيروس كورونا، استبشر اللبنانيون خيراً بعد معاناتهم من «بيروقراطية» الدولة والمغالطات الكبيرة التي رافقت هذه الحملة في وزارة الصحة، حيث لا تزال قطاعات كثيرة تنتظر دورها، ومنها الجسم الاعلامي الذي وُعد بالتطعيم ضمن المرحلة الاولى، الّا أن بساط الاولوية سحب من تحته، ما دفع بالبعض الى التشكيك في نيات البعض بقصد معاقبة هذا القطاع الذي كشف فضيحة التلقيح داخل مجلس النواب. غير أنّ انطلاقة حملة التلقيح الخاصة لم تأت كما اشتهت السفن، فهل التلقيح هنا أيضاً محفوف بالعقبات، أم أنّ الأمور تسير على قدم وساق؟
5 في المئة فقط من الشعب اللبناني تلقوا اللقاح حتّى اليوم، تعددت الأسباب والنتيجة واحدة! فبعد البطء الذي شهدته عملية التلقيح في القطاع العام، اتّجهت أنظار أكثر من 5500 شركة في لبنان نحو القطاع الخاص الذي استورد اللقاح الروسي «سبوتنيكV».
حصلت نحو 33 شركة خاصة على موافقة وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن لاستيراد اللّقاحات، وعلى الاثر استوردت شركة «فارما لاين» نحو مليون لقاح «سبوتنيك V»، فما هي الاسباب؟ وهل من قطب مخفية خلف «سلحفاة التلقيح»؟
في 25 آذار الفائت وصلت الدفعة الأولى من لقاح «سبوتنيكV» الى لبنان، وانطلقت بعدها عملية التلقيح رسمياً في مقر شركة الطيران الوطنية اللبنانية («الميدل ايست») في مطار رفيق الحريري الدولي، مر أكثر من عشرة ايّام على انطلاق الحملة الا أنّ مصادر مواكبة لها تحدثت عن عقبات حالت دون اعطاء الشركات الأخرى الجرعات الخاصة بها. وحددت المصادر عقبتين أساسيتّين أعاقتا التلقيح بـ»سبوتنيكV»، الاولى هي رفض وزارة الصحة اعطاء اللّقاح الروسي للمستشفيات الحكومية ضمن الدوام الرسمي، والعقبة الثانية تمثّلت في طلب الوزارة من الشركات دفع اتعاب العاملين في القطاع الطبي المخوّلين اعطاء اللّقاح، إضافة الى ثمن المعدّات الطبية المستعملة في التلقيح.
وزارة الصحة من جانبها لم تنف هذه المعلومات، وأوضحت مصادرها لـ»الجمهورية» أنّ لقاح «فايزر» سيُعطى ضمن الدوام الرسمي للعمل في المستشفيات والمراكز المخصصة للتلقيح، في حين سيعطى لقاح «سبوتنيك في» خارج الدوام الرسمي (بعد الظهر ـ أيام العطلة او في نهاية الأسبوع)، مُعللة الأسباب بـ»عدم الضغط على المراكز التي تعطي اللّقاحات لأن عددها قليل نسبياً، ومنعاً للإكتظاظ وللحد من إمكان وقوع أي خطأ اتخذت الوزارة هذا الاجراء». وانطلاقاً من هذا ترى الوزارة انّ «هذه العملية من شأنها أن تسرّع عملية التلقيح لا أن تؤخرها».
أمّا في ما يتعلق بالأعباء الإضافية التي ستتكبدها الشركات، فأوضحت المصادر أنّ الشركات «ستدفع اضافة الى الـ 38 دولاراً ثمن اللّقاح (الجرعتين)، ونحو 75 ألف ليرة لبنانية ثمن الأدوات الطبية (الإبرة والمعقمات الطبية..) وبدل الأتعاب الطبية عن الجرعيتن، لأنّ الطاقم الملقح سيعمل خارج الدوام الرسمي لتلبية القطاع الخاص.
ولكن لماذا لم يحصل هذا الأمر مع لقاح «استرازينيكا» واللّقاح الصيني «سينوفارم»، حيث أحدثت مراكز خاصة لإعطاء هذين اللّقاحين؟ هنا تؤكّد مصادر وزارة الصحة أنّ «نحو 40 الى 50 ألف جرعة من «فايزر» و»استرازينكا» وحديثاً «سينوفارم» بدأت تصل أسبوعياً الى لبنان، وتالياً أصبحت الكرة في ملعب المستشفيات الخاصة التي يجب أن تدخل على خط المساعدة، كون المستشفيات الحكومية وبعض المستشفيات الخاصة لا يمكنها وحدها اتمام هذه العملية»، ومع ذلك تشدد المصادر على أنّ «هذه الأمور كلها لم تؤثر على عملية التلقيح ولم تؤخرها».
الصرّاف.. حماية الأفراد المعيار
على خط مواز، يشدد رئيس مجلس الأعمال اللبناني ـ الروسي جاك الصرّاف على أن «عملية تسليم اللّقاحات بدأت، ولا إشكالات تشوبها، بل انطلقت ضمن مراكز خاصة داخل المستشفيات».
ويكشف الصراف انه «عقب وصول الدفعة الأولى من اللقاحات الروسية في 25 آذار، افتتحت منصة جديدة وخاصة، حيث سجّلت نحو 5500 شركة أسماءها للحصول على «سبوتنيكV»، مشيراً الى أن «العمل الفعلي بدأ في الأمس، خصوصا بعد عطلة الأعياد»، جازماً أن «لا عرقلة من جانب وزارة الصحة»، متحدثاً عن «حصص أولى من اللقاح أعطيت لعدد من الشركات على مختلف الأراضي اللّبنانية».
ونفى الصراف حصول أي عملية اختيار للشركات وكل ما يتردد عن محاصصة ومحسوبيات وزبائنية في توزيع اللقاحات، مؤكّداً أن «التلاحم» داخل الشركات او المصانع الكبرى، أي حماية الأفراد، كان المعيار الأساسي وراء توزيع لقاحات الدفعة الأولى، على أن تخصص الدفعة الثانية من اللّقاحات، والتي تصل منتصف هذا الشهر، للإعلاميين».
وعن آلية الحصول على «سبوتنيكV»، قال الصراف: «كمرحلة أولى يجري تلقيح 25 ألف شخص مسجّلين عبر المنصة الخاصة التي تم تدريب اصحاب العمل على ادخال المعلومات وتنظيم المواعيد عليها»، لافتاً الى «أن عدداً من المستشفيات يتقدم يومياً بطلب لإعطاء لقاح «سبوتنيك في» ضمن مراكزه، وذلك بهدف تسريع وتيرة التلقيح، واعادة تفعيل عمل المؤسسات».
وفي الإنتظار، تعلو صرخات الاستغاثة ويستنجد اللبنانيون بالمنصات حيث بادر هؤلاء الى تسجيل اسمائهم على أكثر من منصة ومن يأتي دوره أولاً يُسارع الى أخذ اللقاح عبر منصته، والعبرة تبقى في التنفيذ وما علينا الّا رصد رسائل المنصات على هواتفنا تدعونا الى تحديد موعد التلقيح، وسوى ذلك يبقى جرعات من المسكنات مَلَّ منها اللبناني المتعطش لعودة آمنة الى حياته الطبيعية.
المصدر: الجمهورية – سمر فضّول
**