كتبت صحيفة “الديار” بأن مصادر مواكبة لعملية التاليف تقول ما حصل كان متوقعا، لسببين اثنين، الاول جرعة الدعم التي تلقاها رئيس الجمهورية ميشال عون الذي شعر للمرة الاولى من عملية التفاوض ان “الحصار” المفروض عليه داخليا يتجه الى التفكك بعد “استدارة” النائب السباق وليد جنلاط، فضلا عن شعوره “بفائض القوة” بعد المواقف الاخيرة للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله،و لهذا وجد نفسه غير معني بتقديم اي تنازلات اساسية في الملف الحكومي تضعف العهد فيما تبقى من الولاية الرئاسية، مع العلم انه في الاساس لا يريد عودة الرئيس المكلف الى السراي الحكومي.
الحريري لا يرغب “بالتشكيل”
اما السبب الجوهري والمباشر المسؤول عن انهيار المحادثات الثنائية، فتعود الى حقيقة راسخة تفيد بان الرئيس الحريري لا يريد تشكيل الحكومة في هذا التوقيت “غير المناسب” في غياب اي ضمانات خارجية بمنح حكومته المساعدة المطلوبة لاخراج البلاد من ازمتها الاقتصادية والمالية،وهو لا يريد ان يكون ”كبش محرقة” سياسية حبث من المقدر ان يسقط مرة جديدة في “الشارع” في توقيت حساس يسبق استحقاقات انتخابية سيودي الاخفاق فيها بمستقبله السياسي الذي لم يعد مصدر اهتمام لاحد في الخارج وخصوصا في المملكة العربية السعودية، ولهذا لا يستطيع الحريري الا الاستمرار في “المراوغة” وابتكار الحجج المانعة لصدور المراسيم بانتظار الانفراجة الاقليمية والدولية.
“الولادة” والتسوية الخارجية
ووفقا للمعطيات، كل الخلافات التفصيلية حول” الثلث المعطل” ووزارة الداخلية، وغيرها من العقبات غيرالجوهرية، يمكن تجاوزها اذا تامن المناخ الخارجي المناسب، فالحريري لا يستطيع تجاوز محاولات الولايات المتحدة المستمرة لإضعاف حزب الله داخل الحكومة وخارجها، كما لا يستطيع تجاوز الاشارات السلبية السعودية اتجاه عودته الى حكومة، وهو يدرك جيدا ان “مفتاح” الدعم الاقتصادي بيدها ولا يستطيع احد تجاوزها خليجيا، اما واشنطن فتملك “مفاتيح” المؤسسات المالية الدولية، وهذا يعني ان ”ابواب” الدعم “مسكرة”، فهل المطلوب من الحريري “الانتحار” سياسيا؟وعليه، لا مجال “لولادة” حكومة جديدة، الا بعد حصول تسوية بين الدول الإقليمية والدولية في منطقة يجري اعادة رسم تحالفاتها وحتى خرائطها.
لماذا لا “يعتذر” الحريري؟
اما لماذا لا “يعتذر” الحريري، فترى تلك الاوساط انه بات “اسير” لعبة اكبر منه، ويخشى القيام “بدعسة ناقصة” في توقيت غير مناسب لبعض الخارج المصر على ابقاء الضغط على حزب الله وحلفائه، وهو لا يملك ترف اتخاذ قرار بالتخلي عن “ورقة” ضغط التكليف الموجودة في “جيبه” والتي تستخدم في ”بازار” الضغوط الاقليمية لابقاء لبنان في “غرفة العناية”، ودون “ضوء اخضر” خارجي للانتقال الى مرحلة اخرى وجديدة من الصراع لن يكون بمقدور الحريري “الاعتذار”، فالقرار ليس في “بيت الوسط” بل في مكان آخر، ولهذا يفضل الانتظار، فاما تحصل انفراجة فيذهب الى تشكيل حكومة ضمن تسوية على الطريقة اللبنانية المعتادة، او يطلب منه الخروج من “اللعبة” تمهيدا لخطوات تنذر بالاسوأ.
**