معضلة قانون الانتخاب، نقاش مؤجّل مكرر، يُسحب من الجرار متى استدعت الحاجة للردع السياسي، ويعاد اليه مع حلول الهدنة على مضض. يترقبه اللبنانيون بفارغ الصبر، فينساقوا معه الى احباط جديد، ضمن سلسلة”الاحباطات” التي كان آخرها: تحقيق 4 آب 2020 وتدقيق السنوات الثلاثين.
وللمفارقة، ما أن نخرج انتخابيّاً من القيد الطائفي، وفق خطة مرحلية بعد تشكيل هيئة وطنية تدرس وتقترح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية (المادة 95 من الدستور اللبناني)، حتى نجدَ أنفسنا مقيّدين بنقاش جديد لا يقل “طائفيّةً”، نحاول استباقه في هذا المقال.
من هنا، دعوكم من المواربة، ولنسأل: مجلس الشيوخ، أرثوذكسي أم درزي؟
هو تلك الغرفة الثانية في السلطة التشريعية، التي استحدثها دستور الطائف مع انتخاب أول مجلس نواب على أساس وطني لا طائفي، بعد تجربة كانت الأولى والأخيرة على يد المفوض السامي الفرنسي عام 1926.
“مجلس الشيوخ للدروز،” يؤكد رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب لموقع mtv، “فهم كانوا أول من طالب بإنشائه ايام شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز السابق الشيخ محمد أبو شقرا، كما أن الطائفة الدرزية هي الطائفة المؤسِّسة الوحيدة غير الممثلة بأي موقع أساسي في الدولة اللبنانية، التي أبصرت النور مع الأمير فخرالدين”.
ليس في ذلك انتقاص من حق الأرثوذكس، يردف وهاب، الا ان الحضور المسيحي في الدولة بشكل عام لا تعتريه أي مشكلة، كونهم يتبوّأون المواقع الثلاثة الأهم، أي رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش وحاكمية مصرف لبنان. أما عن احتمال الارتكان الى المعطى العددي، فيوضح وهاب أن رئاسة المجلس قد لا تؤول ساعتئذٍ الى الدروز، “غير أن المسألة ليست عددية.”
الا أنه في حال تم التوافق على تطبيق المادة 22 من الدستور بحرفيتها، يشرح أمين عام اللقاء الأرثوذكسي النائب السابق مروان أبو فاضل لموقع mtv، “يطرح السؤال حول ما اذا كان الإنتخاب خارج القيد الطائفي سينسحب على رئاسة مجلس النواب، وتالياً على رئاستي الجمهورية والحكومة، ما يُخضع عندها رئاسة مجلس الشيوخ الى مبدأ المداورة، ونكون بذلك قد بلغنا رقيّاً سياسياً رفيعاً. لكن، ما دامت الرئاسات محكمة بالمعيار الطائفي والمذهبي، تؤول رئاسة مجلس الشيوخ حتماً وتلقائياً الى الطائفة الأرثوذكسية التأسيسية للكيان اللبناني والرابعة في الوطن، بدلاً عن نيابتي رئاسة المجلس النيابي والحكومة، اللتين تمّ تكريسهما للطائفة نتيجة لغياب الرئاسة الرابعة المفقودة منذ اعتماد الميثاق الوطني وحتى اليوم. عندها، واحتراماً لمبدأ المناصفة في الرئاسات الأربع، أي اثنتين للموارنة والأرثوذكس واثنتين للشيعة والسنة، تصبح نيابتا الرئاستين من حصة المذاهب الأخرى”.
ويختم أبو فاضل بدعوةٍ الى التروي وعدم الخوض في الموضوع قبل أوانه، كون الأولوية اليوم هي لإيجاد الحلول في ظل وضع الإقتصادي المتردي والهمّ المعيشي الضاغط.
وعليه، الى أن يبتّ شيوخ المجلس بأمر مجلس الشيوخ،”اسفنجة” الهواجس الطائفية، نتساءل عن جدوى حتى أكثر الاسفنجات امتصاصاً، متى رميت في بحر من الهواجس المتلاطمة…
المصدر: رامي نصار – موقع MTV
http://mtv.com.lb/News/1127793
**