كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: عاد التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان ليتصدّر واجهة الاهتمام الداخلي ويجعل ملف التأليف الحكومي في آخر سلّم الاولويات، على رغم حاجة البلاد الملحّة لحكومة تنتشلها من الانهيارالذي تعيشه على كل المستويات، فتلقّفَ رئيس مجلس النواب نبيه بري رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى المجلس النيابي أمس لـ”التعاون مع السلطة الاجرائية من أجل تمكين الدولة من إجراء التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان، وانسحاب هذا التدقيق بمعاييره الدولية كافة، على سائر مرافق الدولة العامة تحقيقاً للاصلاح المطلوب وبرامج المساعدات التي يحتاج اليها لبنان في وضعه الراهن والخانق”، ودعا المجلس الى جلسة تعقد الثانية بعد ظهر بعد غد الجمعة في قصر الاونيسكو لمناقشة مضمون هذه الرسالة الرئاسية “لاتخاذ الموقف أو الاجراء او القرار المناسب”.
وكان عون قد وجّه أمس رسالة الى مجلس النواب بواسطة رئيسه بري، دعا فيها النواب الى “التعاون مع السلطة الاجرائية من اجل تمكين الدولة من إجراء التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان، وانسحاب هذا التدقيق بمعاييره الدولية كافة، على سائر مرافق الدولة العامة تحقيقاً للاصلاح المطلوب وبرامج المساعدات التي يحتاج إليها لبنان في وضعه الراهن والخانق، وكي لا يصبح لبنان، لا سمح الله، في عداد الدول المارِقة أو الفاشلة في نظر المجتمع الدولي، مع خطورة التداعيات الناجمة عن سقوط الدولة اللبنانية في محظور عدم التمكّن من المكاشفة والمساءلة والمحاسبة، بعد تحديد مكامن الهدر والفساد الماليين اللذين قضيا على الاموال الخاصة والاموال العامة معاً”. وطلب مناقشة هذه الرسالة في مجلس النواب “وفقاً للأصول واتخاذ الموقف او الاجراء او القرار في شأنها”، لافتاً الى “ضرورة التعاون مع السلطة الاجرائية التي لا يحول تصريف الاعمال دون اتخاذها القرارات الملائمة عند الضرورة العاجلة”.
وعرضَ عون “المراحل التي قطعها إقرار التدقيق المحاسبي الجنائي منذ 24 آذار الماضي، والقرارات التي اتخذها مجلس الوزراء في هذا الصدد، وصولاً الى التعاقد مع شركة “ألفاريز ومارسال” للقيام بمهمة التدقيق الجنائي تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء. وأبرَزَ العراقيل التي برزت والتي حالت دون مباشرة الشركة لمهمتها، لا سيما موضوع السرية المصرفية والتمنّع عن تسليم المستندات والمعلومات المطلوبة على رغم من الحماية القانونية التي توافرت لهذا التسليم، وصولاً الى حدّ طلب الشركة إنهاء العقد في 20/11/2020″. واعتبر انّ “ما حدث يشكّل انتكاسة خطيرة لمنطق الدولة ومصالح الشعب اللبناني، الذي يعاني أزمات نقدية واقتصادية واجتماعية ومعيشية خانقة وموروثة ومتناسلة ومتفاقمة، ومنها على الأخصّ جائحة “كورونا” وانفجار مرفأ بيروت”.
التأليف في الانتظار
من جهة ثانية، وعلى صعيد ملف التأليف الحكومي، علمت “الجمهورية” من مصادر متابعة انّ الحكومة العتيدة دخلت غرفة الانتظار، وبات من المبكر الحديث عن أي ولادة قريبة لها بعدما هُدر التوقيت الذي كان يمكن ان تُشَكّل في خلاله، اي قبل اكثر من اسبوعين. واكدت المصادر انّ الكلام عن انّ الرئيس المكلف سعد الحريري سيعتذر بسبب تهديد اميركي له بعقوبات هو كلام غير دقيق، وتمّ تَناقله فقط عبر وسائل الاعلام، لكنّ الحقيقة هي انّ قرار عدم اعتذار الحريري هو قرار خاص به، فهو لم يرشّح نفسه حتى يعتذر وكان يعلم تماماً انّ طريقه ليس مفروشاً بالورود، وإنما هو طريق وَعِر وليس سهلاً، وهذا القرار اتخذه بملء إرادته، وهو ينتظر حالياً تَبدّل الظروف المؤاتية ليعاود استئناف التفاوض في شأن تشكيل الحكومة.
ولَمّحت المصادر الى “انّ الحريري فرمَلَ عمله وخطواته بعدما برز كلام أميركي واضح بأنّ الاميركيين لا يريدون “حزب الله” في الحكومة، وهو يعلم جيداً أن لا حكومة يمكن ان تشكّل من دون “حزب الله”.
أمّا في شأن التفاوض مع رئيس الجمهورية في ملف التأليف، فلا يزال عون ينتظر أن يأتيه الحريري بـ”معايير ستاندرد” تنطبق على جميع الأفرقاء السياسييين الذين سيمثّلون في الحكومة. واستبعدت المصادر حدوث خرق في تأليف الحكومة في ظل الاجواء القائمة حالياً، مُبدية تخوّفها من ان يطول عمر التأليف ويمتد الى ما بعد شباط المقبل.
لا اتصال ولا وسيط
الى ذلك لم يحصل أمس اي اتصال او اجتماع حول الشأن الحكومي، وساد صمت رهيب في القصر الجمهوري و”بيت الوسط”، ولم يسجّل أي نشاط لوسيط بينهما منذ اللقاء الأخير بين عون والحريري قبل 9 ايام تقريباً، كذلك بالنسبة الى مَن اعتادوا نقل المواقف والرسائل المتبادلة.
وعن زيارة الحريري المحتملة لعون نَفت مصادر بعبدا علمها بوجود موعد محدّد سلفاً لهذه الزيارة، ولفتت الى انّ اي لقاء لم يعقده عون مع الحريري بناء على موعد سابق، إذ اعتاد الأخير في غالبية اللقاءات التي عقدها حتى الآن مع رئيس الجمهورية طَلبَ الموعد وهو في الطريق الى القصر الجمهوري.
الثنائي الشيعي
وأبلغت مصادر الثنائي الشيعي الى “الجمهورية” أنّ “آلية وضع أسماء الوزراء هي العقدة الأساسية التي لا تزال تؤخّر الاتفاق على تشكيل الحكومة”، وأكدت انّه “من غير المقبول ان يختار الرئيس المكلف وحده اسماء الوزراء، أيّاً تكن طوائفهم، لأنّ مثل هذا الأمر ينطوي على تعديل جذري في قواعد المشاركة، ويشكّل سابقة قد يتسلّح بها البعض في المستقبل لتحويل الاستثناء قاعدة”.
وأوضحت المصادر “انّ قوى 8 آذار أبدت مرونة واسعة تمثّلت في اقتراحها أن تضع لائحة من مجموعة اسماء مرشحة للتوزير، على أن يختار الرئيس سعد الحريري من بينها، وهذا موقف يعكس تبدّلاً في المقاربة مقارنة مع ما كان يحصل في السابق، حيث كنا نكتفي بإبلاغ الرئيس المكلف أسماء وزرائنا من دون أن يكون له حق في تعديلها”.
ونفت المصادر ما رُوّج قبل أيام من انّ الحريري اقترح اسماء على “الثنائي الشيعي” الذي وافق عليها، مؤكدة “انّ أصل هذه القاعدة مرفوض”.
إبراهيم والأميركيين
على صعيد آخر، وفي خطوة خاطفة غايتها إتمام مهمة لم يرِد المعنيّون إنجازها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بسبب كورونا، بعدما تسرّبت معلومات عن طلب عدد من اعضاء الكونغرس فَرض عقوبات على المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، زار وفد رفيع من وزارة الخارجية الاميركية لبنان واجتمع مع ابراهيم بعيداً من الاضواء وسط تَكتّم عن مضمون اللقاء وهوية الاشخاص الذين شاركوا فيه.
وفي معلومات لـ”الجمهورية” أنّ الوفد شرح لإبراهيم آلية العمل في الولايات المتحدة، وخصوصاً على مستوى فصل السلطات، ولا سيما منها السلطة التشريعية التي لها أطر عمل مختلفة ومنفصلة تماماً. وأكد الوفد لإبراهيم انّ الامور لن تذهب الى اي مكان آخر، وأنّ العمل والتعاون بين السلطات الاميركية المعنية وبينه سيُستكمل في ملفات التفاوض وعودة المفقودين الاسرى والوساطة التي يقوم بها اللواء ابراهيم في هذا الاطار، بالاضافة الى التعاون الامني المستمر.
كورونا
على الصعيد الكوروني، أعلنت وزارة الصحة العامّة، في تقريرها اليومي أمس حول مستجدات كورونا، عن تسجيل 1188 إصابة جديدة (1169 محلية و19 وافدة)، ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 118664. كذلك تم تسجيل 23 حالة وفاة جديدة، وبذلك يصبح العدد الإجمالي للوفيات 934″.
وأعلن وزير الصحة حمد حسن، في مؤتمر صحافي، عن “اتفاق مع شركة “فايزر” في شأن وصول اللقاح في الربع الأول من السنة المقبلة، أي بين أواخر شهر شباط و1 آذار المقبلين، “وسيتم توزيعه تباعاً بحسب لوائح سنضعها على أساس علمي تبعاً للأولويات الصحية”.