«نعتذر من زبائننا الكرام، المطعم مغلق حتّى إشعار آخر». بهذه الرسالة ودّع 785 مطعماً زبائنه بين أيلول 2019 حتّى شباط2020، وفقاً لبيان نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان. وأتت كورونا لتزيد الطين بلّة، إذ طالت سلسلة الإقفال النهائي مطاعم إضافيّة بسبب التعبئة العامة والعودة لاحقاًمع الإلتزام بكافةالإجراءات الوقائيّة،ما أدّى إلى إنخفاض أعداد الزبائن. قرارُ الإقفال إلى الواجهة من جديد، فكيف سيكون المشهد بالنسبة لمدى إلتزام المطاعم؟ بين إنتشار الوباء وتردي الأوضاع الإقتصادية، ماذا خسر هذا القطاع؟
يؤكدنقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان طوني الرامي للدّيار، أنّ «ستلتزم المطاعم بقرار الإقفال مهما كان. حتّى ولو كان سيمنع خدمات التوصيل أو ما يُسمى بخدمة «الدليفري»، مع العلم أنّها لا تسبب بإنتشار الوباء». ويذّكر الرامي بأنّ القطاع كان دائماً حريصاً على روّاده، موّظفيه وسمعته، بما أنّه أقفل أبوابه شهر آذار قبل إصدار القرار الرسمي بالتعبئة العامة. وتابع الرامي: «من المؤكد أنّ الإقفال اليوم، خلال شهر تشرين الثاني، أفضل من الإقفال خلال شهركانون الأوّل كونه شهر الأعياد».
وضمن حملة تدقيق على نسبة إلتزام المطاعم بمعايير الإجراءات الوقائيّة، يضيف الرامي: «كنّا قمنا بـ1500 زيارة خفيّة وحصدنا نتيجة التزام بنسبة 87%. فالقطاع ملتزم بتطبيق معايير الإجراءات الوقائية. ولا يمكن شمل إنتهاك الإجراءات من قبل نسبة ضئيلة من المطاعم بالأكثريّةالملتزمة».
خدمة «الدليفري»…سبب الإستمراريّة؟
«بعدني واقف على إجريّ بأصعب الظروف»، هذا ما أكّده هاني صاحب مطعم محلّي، موضحاً أنّ السبب وراء إستمراريّة مطعمه يعود لعدم توّقف خدمة التوصيل لديه منذ إقفال البلد في المرحلة الأولى.خصوصاً أنّ مساحة مطعمه صغيرة وكان ملتزماً بالإجراءات الوقائيّة على أكمل وجه، أي كان يستقبل 50% فقط من قدرته الإستيعابيّة.ومن جهته، يؤكد الرامي أنّ «خدمةالدليفريغير مكتظةوآمنة لمنع إنتشار الوباء».
قطاع المطاعم: «خسارة بخسارة»
يشير الرامي إلى أنّ خسر قطاع المطاعم كل مقوماته؛ أوّلاً خسرالسيولة، بما أنّ أموال الناس محجوزة في المصارف. ثانياً، خسر القدرة الشرائيّة لدى زبائنه التّي إنخفضت مع غلاء المعيشة، لتصبح المطاعم جزءاً من «الكماليات». ثالثاً خسر العامل النفسي بما أنّ مهما كان المستوى المعيشي للمواطن، لن يرغب كما في السابق، الخروج إلى المطاعم.وخسر هذا القطاع بسبب تفشي وباء كورونا الذّي ضر بقطاع السياحي برّمته في العالم وخصوصاً قطاع المطاعم. ويختم الرامي مشيراً إلى أنّ هذا «القطاع يلفظ أنفاسه الأخيرة خصوصاً بعد الضربة القاضية بإنفجار مرفأ بيروت التّي دمّرت 2039 مطعماً. ومع إبتداء فصل الشتاء، وإلتزام المطاعم بالإجراءات الوقائيّة، سينخفض عدد الزبائن تلقائياً بسبب الإعتماد فقط على المساحة الداخلية».
ظاهرة جديدة: البيع «عالشمعة»
فيما نصّ قرارالإقفال على توّقف المطاعم لإستقبال الزبائن عند الساعة التاسعة مساءاً مع توّقف خدمة التوصيل، لجأ بعض المطاعم إلى العمل «عالشمعة». وذلك من خلال إطفاء إنارة المطعم لكي لا يستطيع أحد من المسؤولين رصد مخالفته، والإستمراربتلبية زبائنه. إلاّ أنّ نفى الرامي هذا التصرف معتبراً أنّ المطاعم التّي تقوم بهكذا تصرف ما هي إلاّ «دكاكين سياحيّة» وليس مؤسسات سياحية محترمة التّي تحميهاالنقابة.
إنّ الوباء لم يضرب قطاع المطاعم في لبنان فقط، ولكنه ضرب القطاع في كل أنحاء العالم. ووفقاً لإستطلاع أصدرته الجمعية الوطنية للمطاعم في واشنطن، «إن مطعماًمن أصل ستة مطاعم سيغلق لهذا العام؛ أي أنّ سيتم إقفال ما لا يقل عن 100,000 مطعم»، كرقم أوّلي بإنتظار إصدار الإحصاءات الحكومية في الأشهر المقبلة. فكيف إذا كانت المطاعم اللبنانيّة تعاني من أزمة إقتصاديّة، وإرتفاع بأسعار المواد الغذائيّة، وغلاء المعيشة في غضون إنخفاض القدرة الشرائية؟ وهنا يمكن إستنتاج مدى صمود اللبناني ومدى حرصه على الإستمراريّة حتّى لا يصل إلى مرحلة إقفال مطعمه، صرف موظفيه، وتوديع زبائنه؛ «شكراً على تفهمكم، على أمل أن نراكم قريباً»
المصدر: غنوة عطية – الديار
**