كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: الاهتمام بالانتخابات الرئاسية الاميركية التي جرت أمس، وما ينسج حول نتائجها من رهانات لبنانية وإقليمة ودولية، لم يحجب ما يواجه عملية التأليف الحكومي من عثرات وعقبات على رغم كل الاجواء الايجابية التي تُشاع او يتعمّد البعض إشاعتها والتلميح بولادة الحكومة العتيدة وَشيكاً.
وفيما ستتجه الانظار الى بعبدا اليوم، حيث سينعقد لقاء جديد بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري يتناول آخر ما توصّلت اليه محاولات التأليف، فإنّ الاوساط الشعبية غير مقتنعة بأنّ هذه الطبقة السياسية المسؤولة عن الكارثة التي حلّت بالبلاد ستؤلّف حكومة الانقاذ الموعودة، وإنما ستؤلّف حكومة محاصصات جديدة كسابقاتها يفضحها من الآن التنافس والتنازع على الوزارات الدسمة السيادية منها وغير السيادية، وانّ المداورة في توزيع هذه الوزارت التي أُريد إجراؤها ها هي تفشل بفِعل المطامع المتبادلة، والرغبة في جعل الحكومة العتيدة في خدمة المصالح الانتخابية، وربما الرئاسية لمختلف القوى السياسية التي بدأت تستعد من الآن لسنة 2022، التي ستكون سنة الاستحقاقات الانتخابية والحكومية والرئاسية.
قالت مصادر معنية بالتأليف لـ”الجمهورية” انّ هذا التأليف مازال في مرحلة يحاول المعنيون فيها معالجة التوازنات داخل الحكومة العتيدة، وإنّ الخلل الاساسي هو بين ان تكون الحكومة من 18 وزيراً او 20، والذي ترتبط به كل العقد الاخرى ومن ضمنه العقدة الدرزية والتوازن الميثاقي بين الطرفين الدرزيين على رغم أنّ أحدهما اكبر من الآخر، ولكن نتائج انتخابات 2018 قد أظهَرته.
واضافت المصادر انه من رحم معادلة 18 وزيراً و20، ولدت مجموعة أزمات مرتبطة بهذا العنوان الاصل. وبالتالي، فإنّ الملف الدرزي مهم في هذا الصدد، خصوصاً انّ الحديث عن انّ الحكومة سيكون عمرها 6 اشهر لا يأخذه اي طرف على محمل الجد، فهذه الحكومة ستدير الازمة المالية ـ الاقتصادية وتداعياتها في المرحلة المقبلة. وبالتالي، ستكون حكومة ادارة ازمة أكثر منها حكومة حلول، والمطلوب ان تحدد طبيعة عمل “حكومة المهمة” خصوصاً في موضوع صندوق النقد الدولي والشروط التي يطلبها، كما انها ستكون حكومة الانتخابات النيابية لعام 2022 وحكومة رسم توازنات وتحالفات ما قبل هذه الانتخابات. وبالتالي، يفترض بالحلفاء ألّا يتركوا الحلفاء، ومن هنا لا يتخلى رئيس مجلس النواب نبيه بري عن حليفه رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، وفي المقابل لا يتخلى “التيار الوطني الحر” عن تمسّكه بالتحالف مع رئيس “الحزب الديموقراطي اللبناني” النائب طلال ارسلان.
ولذلك، تضيف المصادر انّ المرحلة هي مرحلة بحث هادىء عن مخارج لهذا العنوان الاساسي الذي يحمل في مطاويه حلولاً للأزمات الاخرى، خصوصاً أنّ روح المداورة في الحقائب، باستثناء وزارة المال، يبدو أنه أُطيح بها، ما أعاد الامور الى نقطة الصفر في ظل إصرار ”التيار الوطني الحر” على التمسك بوزارة الطاقة. وبالتالي فإنّ زيارات الحريري المتكررة لرئيس الجمهورية هي بمثابة “ربط نزاع إيجابي”، بِغضّ النظر عن المعلومات التي تُسرّب والبيانات الرسمية التي تصدر بعد هذه اللقاءات.
الحريري الى بعبدا
وفي هذه الاجواء يزور الحريري اليوم القصر الجمهوري حاملاً الى عون صيغة حكومية ما زالت تتأرجح بين 18 و20 وزيراً، بعد ترجيح الصيغة الاولى لقاء وقف العمل بالمداورة في الحقائب الاربع الرئيسية، وللبحث في صيغة غير نهائية قيل إنها تترجم ما سَبق من تبدلات في المواقف الاولية وتفاهمات قادت اليها الساعات الاخيرة. ولفتت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” الى انّ الحريري نالَ بعض الأسماء بطريقة غير رسمية، ومنها اسما وزيرَي حركة “أمل” ومجموعة مختلفة من الأسماء التي بدأ التشاور في شأنها تزامناً مع استمرار البحث في توزيع الحقائب الخدماتية بعدما أنهت الاتصالات المداورة التي تردّد عنها الحديث لفترة قصيرة لم تدم طويلاً.
وعشيّة هذا اللقاء الجديد بين عون والحريري، إعتصمت مصادر بعبدا و”بيت الوسط” بكثير من الصمت، وظلت مصادرهما تتحدث عن التفاهمات والاجواء الإيجابية من دون اي ترجمة عملية، وهو ما يُبقي بعض التسريبات في دائرة الشك بما فيها ما بلغته عملية التأليف. وما عدم تعليقها على أنباء عودة الرئيسين عن مبدأ المداورة، سوى تأكيد لما تحقق إرضاءً لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل وانتصاراً لنظريته بفِعل إصراره على تسمية احد مستشاري وزير الطاقة للحقيبة، تأكيداً منه لإبقاء القديم على قدمه فيها، وهو ما سيؤدي الى فشل كل المحاولات الجارية لتغيير اسلوب العمل فيها ”شاء من شاء وأبى من أبى”، بحسب أحد المقربين منه. فـ”احتفاظ حركة “أمل” بحقيبة وزارة المال لن يسمح بالمداورة في الحقائب الاربع السيادية، ولتظلّ في عهدة مَن كانت في عهدتهم، ولتكن المداورة على الحقائب الخدماتية الاخرى فقط”.
إبراهيم وسيط
الى ذلك، وفي معلومات “الجمهورية” انّ المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم عاد الى لعب دور الوسيط بين بعبدا من جهة و”بيت الوسط من جهة أخرى، بُغية تذليل آخر العقبات التي ظهرت قبَيل نهاية الاسبوع الماضي، والتي أعاقت عملية التأليف. وقد شملت اتصالاته عين التينة حيث زار رئيس مجلس النواب أمس، وكذلك “حزب الله” بُغية تسهيل التفاهم على عدد قليل من الحقائب العالقة.
سقوط المداورة
وتحدثت مصادر واسعة الاطلاع عن انّ العقبات التي تعوق التأليف الحكومي باتت محصورة بـ 3 حقائب هي في حُكم الأمر الواقع على لائحة المداورة، وهي: وزارات الأشغال والصحة والإتصالات، بعدما خرجت من دائرتها 3 حقائب هي وزارة الداخلية التي ستبقى من حصة رئيس الحكومة، ووزارتا الدفاع والطاقة، الأولى من حصة رئيس الجمهورية والثانية ستبقى في عهدة “التيار الوطني الحر” بما فيها حق التسمية، والتي ستعود الى فريق مستشاري الوزير المتعاقبين عليها، ما لم ينجح الوسطاء في جعلها من حصة الارمن الذين لم يخرجوا من عباءة كتلة “لبنان القوي” إلّا في تسمية الحريري لتشكيل الحكومة.
إسقاط الاسماء
وقالت مصادر مطلعة على الاتصالات انه وعلى رغم من عدم الإنتهاء من توزيع الحقائب على الاطراف التي سَمّت الحريري و”التيار الوطني الحر” فقط، باستثناء بقية الاطراف التي لم تشارك في تسمية الحريري، فقد بدأت عملية إسقاط الاسماء على بعض الحقائب التي تم التفاهم على توزيعها نهائياً في انتظار التفاهم على الحقائب الاخرى العالقة، والتي بات التفاهم في شأنها ممكناً لمجرّد التفاهم على واحدة منها، فهي ستنتهي كاملة بفِعل انطباق لعبة الدومينو على العملية بكاملها.
التدقيق المالي
وعلى صعيد التدقيق المالي، دعت وزيرة العدل ليل أمس المجلس المركزي لمصرف لبنان الذي سينعقد اليوم الى اتخاذ القرار السليم بشأن تسليم المستندات المطلوبة من قبل شركة التدقيق المالي التشريحي alvarez والتي اعطت مصرف لبنان مهلة للإجابة تنتهي اليوم. وحمّلت نجم الأعضاء المسؤولية فردا فردا ودعتهم لتحكيم ضميرهم والتعاون مع التحقيق والا فيلتحملوا المسوولية امام الحكومة وامام الرأي العام.
وفي السياق واستجابة للكتاب المقدم من وزارة العدل، وجه رئيس مجلس الوزراء في حكومة تصريف الاعمال حسان دياب كتاباً الى وزارة المالية ومصرف لبنان ودعاهم إلى تسليم الشركة المعنية المستندات المطلوبة.
كما دعت وزيرة العدل كافة المجموعات الشبابية والمجتمعية وناشدت الجمعيات الحقوقية والعدلية للتحرك والضغط من اجل حمل المعنيين على التعاون مع شركة التدقيق الدولية.
كورونا
صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامة أمس تسجيل 1512 اصابة كورونا جديدة، رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 85209. وتمّ تسجيل 15 حالة وفاة في الـ24 ساعة الأخيرة.
وفي الموازاة، طالبت لجنة الادارة والعدل النيابية برئاسة النائب جورج عدوان بـ”” “إقفال عام على الاقل لأسبوعين لمواجهة تفشي فيروس ”كورونا”. فيما قال رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي، بعد مشاركته في جلسة اللجنة أمس في مجلس النواب: “خلال 14 يوماً يجب أن تُحضّر أسرّة “كورونا” في المستشفيات الخاصة والحكومية لكي نتحضّر للموجة الثانية من الفيروس”.
وأعلن مدير مستشفى الحريري الحكومي الجامعي فراس الابيض أنّه ”بين 1 ايلول و30 تشرين الأول، زادت أسرّة العناية المركزة لمرضى كورونا بنسبة 85 في المئة (165-306). وخلال الفترة نفسها ارتفع العدد اليومي لمرضى العناية بنسبة 178 في المئة (97-270). وشهد الاسبوع الماضي رقماً قياسياً للوفيات، بلغ 81 وفاة، بزيادة تقارب الـ30 في المئة عن الاسابيع السابقة”، مشيراً الى أنّ “أمامنا ايام قاسية”. وأشار إلى أنّ “عدد وفيات “كورونا” في لبنان بلغ 652، 20 في المئة، منهم مرضى أعمارهم ما بين 40-60 سنة، ولا تزال نسبة الفحوصات الموجبة وعداد الحالات الجديدة في ارتفاع”.
وفي إطار متابعة تطبيق الإجراءات الوقائية، أعلنت قوى الأمن الداخلي “تنظيم 877 محضر ضبط بتاريخ 2 تشرين الثاني الحالي، بحقّ أشخاص لعدم ارتداء الكمامة وعدم مراعاتهم للتباعد الاجتماعي ولمخالفتهم قرار ضبط التجوّل بين التاسعة مساءً والخامسة فجراً، وبحقّ مؤسسات لمخالفتها قرار التعبئة العامة لجهة عدم التزام القدرة الاستيعابية المسموح بها والتدابير الوقائية لمكافحة فيروس “كورونا”.
وأكدت أنّها مستمرّة في “التشدّد بإجراءاتها في تطبيق قرار وزير الداخلية والبلديات من أجل التزام الإجراءات الوقائية للحدّ من انتشار الجائحة”.