لا استراحة بين الإستحقاقات التي يخوضها لبنان، بل مزيد من المشتقات والمتاعب، وبعدما نام التكليف استفاقَ الإرهاب قبل أن يطل ماكرون من وراء البحار كأستاذ يعطي اللبنانيين دروس بالديمقراطية وكقاض يحاكم المسؤولين بالخيانة.
لبنان الدولة التي نخرها المتناوبون على الفساد منذ إتفاق الطائف، تدمّرها جهات إقليمية ودولية بفرط عدوانهم السياسي والاقتصادي، والآن يهدّدها الإرهابيون على مدار الساعة ..
كل المؤشرات الداخلية والخارجية كفيلة بإظهار مدى الإنهيار ونوع الخطر الذي يواجهه اللبنانيون: تآكل العملة الوطنية وانعدام القدرة الشرائية وانكشاف مزيد من الخلايا الإرهابية النائمة؛ وانقسام واضح حول الخيارات للخروج من الأزمة بدءًا من الدعوة إلى الإنتخابات النيابية المبكرة مروراً بالمطالبة بالحياد والفدرلة وصولاً إلى إلغاء الطائفية السياسية وقيام الدولة المدنية.
في السياسة، سبات بانتظار موقف رئيس الجمهورية الى تحريك عجلة الإستشارات النياببة وعودة الإتصالات بين الكتل النيابية، وبعد اعتذار الرئيس مصطفى أديب لا أعذار أمام “الإنقلابيين” الذين توسلوا في نواديهم واجتماعاتهم كلَّ أنواع المكر والإلتفاف على المبادرة الفرنسية والإطاحة بفرصة التقاط النفس الأخير بعدما خنقوا بسياساتهم المالية والاقتصادية والمعيشية كلَّ الوطن ورهنوا مستقبلَه للمجهول.
الكل يتحمّل مسؤولية عودة العجلة سريعاً الى نقطة الصفر، غائرة في وحل الأزمة السياسية المتراكم، وبات من الصعب تحديد مكانها، للإنطلاقِ مجدداً على جادة الثقة والحوار والإنقاذ…
في خضمِّ هذا السواد، دفوع البعض مجهزة للإفلات من العقاب: يرفعون مبادرة الأستاذ ماكرون، يَتلطَوْنَ وراءها عند عتبة مطلة بقساوة على مشهد الإنهيار الذي يتحمّلون جميعاً مسؤوليته ويَنكأُون اليوم الجراحَ ويضربون وجه لبنانَ بعصا الإنصياع لجهات إقليمية ودولية.
الأخطر أن لبنان دخل أخطر مراحله وسيكون حجم التداعيات كبيراً على المستويات السياسية والإقتصادية والأمنية، وما نشهده في الشمال مثال سيتكرر للأسف لإحداث مزيد من الفوضى واستخدام الفوضى في الضغط.
وفي خلاصة محاضرة ماكرون أن الفرنسي يريد ما يريده الأميركي بفارق أن الأميركي يريد تحقيق أهدافه وعلى رأسها القضاء على المقاومة بالضربة القاضية بينما يريدها ماكرون بالنقاط وعلى جرعات متتالية.