كتبت صحيفة ” الجمهورية ” تقول : حُسم الأمر قبل الاستشارات النيابية الملزمة؛ الدكتور مصطفى أديب رئيساً مكلفاً تشكيل الحكومة من خارج النادي التقليدي لرؤساء الحكومات، بأكثرية موصوفة بلغت 90 صوتاً. ويأتي هذا الحسم عشيّة الاحتفال بمئوية لبنان الذي يقام اليوم في حضور الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الذي وصل الى بيروت مساء أمس.
وكما هو واضح، فإنّ الرئيس المكلّف شَكّل نقطة توافق لم تكن متوقعة، بين ما تسمّى القوى السياسية الكبرى المتخاصمة، وبالتالي هو يَتكىء على إرادة هذه القوى مجتمعة، وكذلك على تغطية سنية واضحة سياسية ودينية لم تكن متوفرة للحكومة المستقيلة ورئيسها حسان دياب، وذلك للانطلاق في المهمة الصّعبة التي تنتظر حكومته إذا قيّض لها أن تتشكّل في المدى القريب، ولم تسقط، كما كان يحصل خلال تشكيل الحكومات السابقة، في فخ التجاذب بين الحاضنة السياسية الجديدة لهذه الحكومة، ويفتح أمامها وعلى مصراعيه، بازار التنافس على الحقائب الوزارية السيادية والخدماتية.
بتسمية الرئيس المكلّف، تُطوى صفحة التكليف، وتبدأ المرحلة الانتقالية نحو التأليف، وهذا الاستحقاق، الذي يُحاط برغبات ومطالبات داخلية ودولية لإتمامه على وجه السرعة، يشكّل بحد ذاته، ساحة الامتحان الاساسية لصدقية الطبقة السياسية، وترجمة حرصها الكلامي على ولادة سريعة لحكومة مختلفة عن سابقاتها، بفِعل جدي يبعد من طريقه كل اسباب التأخير والتعطيل، ويفرشه بورود التسهيل.
ورشة التأليف، يفترض أن تبدأ منتصف الأسبوع الجاري، بعد ان ينهي الرئيس المكلّف زياراته التقليدية الى رؤساء الحكومات السابقين، على ان يجري مشاورات مع الكتل النيابية غداً في مقر رئاسة مجلس النواب في عين التينة، ثم يستكملها في مرحلة تالية بمشاورات مع القوى السياسية، وربما مع ممثلي الحراك المدني. يمهّد من خلالها طريقه للدخول سريعاً إلى السرايا الحكومية كرئيس للحكومة كامل المواصفات والصلاحيات.
ولكن في الطريق الى هذا التأليف، ومع الواقع اللبناني المعقد سياسياً، والمنكوب بأزمة اقتصادية وماليّة، وبالآثار الكارثية التي تأتّت عن انفجار مرفأ بيروت وتدمير ربع العاصمة، تزدحم الأسئلة:
أولاً، حول كيفية نبش اسم مصطفى أديب، وإدخاله في نادي رؤساء الحكومات من دون سابق إشارة إليه لا من قريب او من بعيد؟
ثانياً، حول من أوحى بتسميته، وجمع رؤساء الحكومات السابقين عليه، وأمّن بالتالي الحضانة السنية له سياسياً ودينياً؟
ثالثاً، حول ما اذا كان هناك غطاء خارجياً لاسم مصطفى اديب، وتحديداً فرنسي، وحول ما إذا كان هناك ضوء أخضر أميركي، وكذلك سعودي شجّع على هذا الخيار؟
رابعاً، حول كيفية تعاطي القوى التي سمّته، مع استحقاق التأليف، وحول حقيقة ما يقال انّ توافقاً ضمنياً حصل بين هذه القوى على ان يكون تأليف حكومة أديب هو الأسرع في تاريخ تأليف الحكومات، وضمن مهلة لا تتجاوز أسبوعين الى 3 اسابيع على الاكثر؟
خامساً، حول الغاية من تجنّب رؤساء الحكومات تسمية شخصية لها ثقلها السياسي والسني، ومبادرتهم الى اختيار شخصية غير معروفة ولم تكن في حسبان أحد، ولا تملك قوة التمثيل، ولا عناصر القوة التي تخوّلها مواجهة التحديات الهائلة التي تواجه البلد، وخصوصاً على الصعد الإقتصادية والنقدية والمالية والإجتماعية؟
سادساً، حول ما اذا كان صحيحاً ما يتردّد في بعض المجالس والصالونات السياسية من اختيار اديب، هدفه تقطيع الوقت لا اكثر، وانه حتى ولو سار التكليف بشكل سلس، فإنه لن يتجاوز عتبة التكليف، ولن يبلغ التأليف بالنظر الى التعقيدات والمطبّات التي ستبرز في طريقه، وخصوصاً حيال توزيع الوزارات الحيوية والفيتوات المتوقعة حول إسنادها لهذا الطرف او ذاك. وكذلك حول حجم المشاركة السياسية ونوعيتها وما اذا كانت حزبية مباشرة او حزبية غير مباشرة، وحجم شراكة “حزب الله” في الحكومة، ما يدفعه امام هذا الانسداد الى الاعتذار عن تأليف الحكومة، ليعود بعد ذلك الدوران في دوامة التكليف من جديد؟
بحسب معلومات “الجمهورية” انّ الساعات الـ48 الماضية كانت حافلة باتصالات مكثفة على الخطوط السياسية كلها، وخصوصاً بين الرباعي حركة “أمل” و”حزب الله” و”التيار الوطني الحر” و”تيار المستقبل”، وأنّها دخلت مدار “الإيجابية الجديّة” اعتباراً من يوم الجمعة الماضي، حينما لمس “الثنائي الشيعي” تحديداً، ليونة في موقف الرئيس سعد الحريري، لجهة قبوله تسمية شخصية يتم التوافق عليها، بعدما كان حاسماً في إعلانه بأنه لن يغطّي أحداً لرئاسة الحكومة.
وتشير المعلومات الى انّ موقف الرئيس تمام سلام الذي كان حادّاً لناحية إعلانه بأنه “لن يقبل بتشكيل حكومة في عهد الرئيس ميشال عون وبوجود جبران باسيل، محمّلاً العهد مسؤولية ما حلّ بالبلد من انهيار”، شَكّل في ذلك اليوم نقطة إرباك لحركة المشاورات، حيث لم يقرأ موقف سلام بأنه يعبّر عنه شخصياً فقط، بل قُرىء على أنه معبّر ايضاً عن الرئيس الحريري، بعدما فشلت محاولات الثنائي الشيعي في إقناعه ترؤس الحكومة الجديدة، او تسمية شخصية للتوافق عليها.
وتشير المعلومات الى أنّ هذا الأمر بَدا وكأنّ الأبواب قد أغلقت نهائياً، وانّ الكرة رميت في ملعب الثنائي وحلفائهم، حيث اصبحوا امام عدة خيارات:
الاول، رفض التسليم بالموقف الرافض من قبل الحريري وفريقه وإبقاء باب المشاورات مفتوحاً معه.
الثاني، الذهاب الى الاستشارات الملزمة من دون توافق على اسم، وهذا معناه فتح الباب على احتمالات غير محسوبة.
الثالث، التمنّي على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تأجيل الاستشارات، علماً انّ رئيس الجمهورية لم يكن في هذا الوارد على اعتبار انّ هذا التأجيل سيعتبر نكسة لرئاسة الجمهورية.
الرابع، الذهاب الى الاستشارات النيابية الملزمة وتسمية شخصية عبر الثلاثي “أمل”، و”حزب الله” و”التيار” مع القوى الحليفة. وهذا معناه استنساخ مرحلة تكليف حسان دياب، إنما بوجه جديد. وبالتالي، تشكيل حكومة من لون واحد، تشكّل استفزازاً للسنّة بمستوياتهم السياسية والروحية، وكذلك للقوى المعارضة التي تنتظر سقوط ”الثلاثي” في هذا الأمر، وهذا معناه ايضاً العودة من جديد الى الدوران في حلقة الاشتباك السياسي والشارعي ما يشرّع الباب على احتمالات غير محمودة.
وتقول المعلومات انه أمام هذه الخيارات، كان الخيار الأول هو الغالب، وتحديداً لدى الثنائي الشيعي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، كان مصرّاً على إبقاء قناة الاتصال المباشر مفتوحة مع الرئيس سعد الحريري، وسجّل في هذا الاطار أكثر من تواصل بين بري والحريري، اتبعت باللقاءات المتتالية في بيت الوسط، بين الحريري والمعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل. وخلاصة هذا التواصل كانت التأكيد للحريري بأنّ القرار حاسم بأنّه لا يمكن السير بأيّ شخصية لرئاسة الحكومة الّا عبر التفاهم والتوافق عليها مع الرئيس الحريري، انسجاماً مع الموقف الثابت لدى الثنائي: لا حكومة من لون واحد، ولا حكومة تستفزّ الطائفة السنيّة سواء بتركيبتها أو برئيسها، فإمّا الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة، وإمّا شخصية يتم التوافق معه عليها.
وتشير المعلومات الى أنّه وسط هذه الاجواء التقى الرؤساء السابقون للحكومات في بيت الوسط يوم الجمعة الماضي، من دون ان يصدر عنهم أيّ موقف، فيما كانت أجواء هذا اللقاء تؤكد بأنّ الرؤساء، وأمام “إصرار الثنائي” الذي أُبلغ به الحريري على رئيس حكومة بالتوافق، باتوا متيقنّين بأنّ الكرة في ملعبهم، علماً أنّ أحد رؤساء الحكومات كان يشد في اتجاه إبقاء الكرة في ملعب الآخرين. فيما غلب الرأي في هذا اللقاء بمواجهة الإيجابية التي عبّر عنها رئيس مجلس النواب بمبادرته فور استقالة حكومة حسان دياب الى تسمية الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة، وظل مصرّاً على هذه التسمية ورفض السير بأيّ حكومة لا يكون الحريري شريكاً فيها، بإيجابية مثلها، الّا انّ الحريري كان واضحاً في تأكيده انه لن يسمّي احداً من تيار المستقبل او من المقرّبين منه.
وتقول المعلومات إنّ ما انتهى اليه لقاء رؤساء الحكومات وموافقة الحريري على تسمية شخصية لرئاسة الحكومة، بلغَ عين التينة، ولم يطل الوقت حتى بادَر الرئيس سعد الحريري الى إبلاغ النائب علي حسن خليل باختيار مصطفى اديب، الذي أبلغ الرئيس بري بذلك، وتم بعده التواصل مع “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، والحلفاء، وتم الاتفاق على تسمية أديب ربطاً برغبة رؤساء الحكومات السابقين، وتحديداً الرئيس سعد الحريري. وزاد منسوب الايجابية مع إعلان الرئيس فؤاد السنيورة بعد ذلك اللقاء أنّ رؤساء الحكومات سيتفقون على اسم قبل الاثنين.
وتضيف المعلومات أنّ رؤساء الحكومات، وفي لقائهم الجمعة، تداولوا في ما بينهم بعدة أسماء من خارج تيار المستقبل، من بينهم السفير مصطفى اديب ومدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات ورئيس مجلس إدارة الميدل ايست محمد الحوت، وتردّد انّ من بين الأسماء ايضاً وليد الداعوق ورشيد درباس، وقيل انّ احد رؤساء الحكومات كان متحمّساً لطرح اسم السفير نواف سلام، لكنه كان وحيداً في هذا الامر، خصوصاً انّ تبنّي اسم نواف سلام سيعتبره الثنائي الشيعي تحديداً خطوة تصعيدية.
وتشير المعلومات الى انّ اسم الدكتور مصطفى اديب، كان على بساط التداول والاقرب الى القبول به من البداية، ولوحظت المقاربة الايجابية من قبل الرئيس الحريري لاسم أديب، والرئيس نجيب ميقاتي لم يكن بعيداً عن هذا الأمر، خصوصاً انّ اديب يتمتع بمواصفات مقبولة لدى مختلف الأطراف، فضلاً عن انه شغل مدير مكتب ميقاتي زمن تولّيه رئاسة الحكومة قبل ان يعيّن سفيراً للبنان في المانيا.
وتقول المعلومات انّ الساعات الاربع والعشرين التالية للقاء رؤساء الحكومات الجمعة، شهدت حركة اتصالات على اكثر من خط، وكشفت مصادر متابعة لهذه الاتصالات أنّ باريس لم تكن بعيدة عنها، الا انّ المصادر نفسها لم تستطع ان تؤكد او تنفي ما قيل في بعض المجالس السياسية الضيقة بأنّ باريس دخلت على خط التكليف بكل قوة في الايام الاخيرة، وانّ خيارها وقع على السفير اديب بالنظر الى العلاقة الوثيقة التي تربطه مع الفرنسيين، وانّ اديب قد فوتِح منذ ايام قليلة من قبل الفرنسيين باحتمال تسميته لرئاسة الحكومة في لبنان، وانّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون شخصياً، وربطاً بحركة اتصالات دولية كان قد أجراها، هو الذي زكّى الدكتور أديب لدى القيادات اللبنانية.
وفي هذا السياق، أشارت المصادر الى انّ الرئيس الفرنسي الذي اتصل برئيس الجمهورية العماد ميشال عون السبت الماضي – وقد أبلغ عون ماكرون بأنّ تكليف رئيس الحكومة سيتم بشكل مؤكد يوم الاثنين، وان ماكرون عبّر عن ارتياح حيال هذا الامر – ليس مستبعداً ان تكون له اتصالات مماثلة بمراجع سياسية اخرى. الّا انّ هذه المصادر قالت انها لا تستطيع ان تؤكد ما اذا كانت اتصالات ماكرون لها علاقة بالتطور الايجابي على خط التكليف. وتبعاً لحركة الاتصالات جرى حسم اسم الدكتور مصطفى اديب، وكان بعض رؤساء الحكومات قد أجروا اتصالاً به، قبل اجتماعهم الاحد وإعلان تسميته، حيث تم إبلاغه بقرارهم، الذي أعلنوه ببيان بعد الاجتماع، تلاه الرئيس فؤاد السنيورة باسمهم، أكد فيه الاتفاق على اسم الدكتور أديب متمنياً أن يحظى بموافقة معظم الكتل النيابية.
وصول الرئيس الفرنسي
وكان الرئيس الفرنسي قد وصل الى بيروت مساء أمس، في زيارة تستمر حتى مساء اليوم، حيث سيشارك في إحياء مئويّة دولة لبنان الكبير، وستكون له محادثات في لقاءات متلاحقة، مع المسؤولين الكبار تتعلّق بتأليف الحكومة الجديدة بعد تكليف الدكتور مصطفى أديب بهذه المهمّة، وذلك في ضوء المبادرة الفرنسية المطروحة لحلّ الأزمة اللبنانية بكل مستوياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وإعادة إعمار مرفأ بيروت والأحياء التي تدمّرت نتيجة انفجار المرفأ.
وأعلن ماكرون بعدما استقبل عون في المطار: “هدف الزيارة هو الاطلاع على ما استجَدّ من الوضع السياسي، وموقفي ما زال نفسه وهو ضرورة تأكيد ما سيحصل، واني قد رأيتُ انّ العملية قد انطلقت في الساعات الأخيرة بتسمية رئيس وزراء وبالتأكيد لا يعود لي ان اوافق عليه او لا، لأنّ ذلك يعود الى السيادة اللبنانية، ولكن عليّ ان أتأكد انه حقاً سيتمكّن من تشكيل حكومة مهمة لخدمة الشعب اللبناني ولبنان، وإطلاق اقتراحات بشأن مكافحة الفساد من أجل العدالة، وإجراء إصلاحات ايضاً في مجال الطاقة واعادة بناء المرفأ، وادارة أفضل ايضاً للبنك المركزي والنظام المصرفي. كل هذه الإصلاحات الضرورية التزمتُ من جهتي بمتابعتها، لأنه بالتأكيد يجب ان تعتمدها هذه الحكومة، وانّ فرنسا ملتزمة لكي تكون معكم وتدعم لبنان والشعب اللبناني”.
الاستشارات
وكانت الاستشارات النيابية الملزمة، قد انطلقت صباح امس، وخلصت الى تسمية السفير مصطفى اديب لرئاسة الجمهورية، حيث جاءت هذه التسمية بـ 90 صوتاً لأديب توزّعت على كتل المستقبل، التنمية والتحرير، لبنان القوي، الوفاء للمقاومة، كتلة المردة، كتلة ميقاتي، كتلة ارسلان، كتلة الارمن، الكتلة القومية، فيما برز موقف ”القوات اللبنانية” التي سمّت السفير نواف سلام، كذلك سمّاه النائب فؤاد مخزومي. وفي المقابل، نالت الوزيرة السابقة ريا الحسن والوزير السابق الفضل شلق صوتاً واحداً لكل منهما.
اديب
وبعد الاستشارات، أطلع رئيس الجمهورية رئيس مجلس النواب على نتائج الاستشارات، وبناء عليها استُدعي السفير اديب الى القصر الجمهوري حيث أبلغ بتكليفه، خلال اللقاء الذي عقد في حضوره بعد انتهاء الاستشارات في القصر الجمهوري، بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري.
وبعد تكليفه، اكد الرئيس المكلف في تصريح له، ان لا وقت للكلام والوعود والتمنيات بل للعمل بتعاون الجميع من أجل تعافي الوطن لأنّ القلق كبير لدى جميع اللبنانيين. وقال: “الفرصة أمام بلدنا ضيقة وبإذن الله سنوفّق بهذه المهمة لاختيار فريق عمل متجانس من أصحاب الكفاءة والاختصاص”.
ومن بعبدا، توجّه الرئيس المكلف الى الجميزة، وتفقد الاضرار الناجمة عن انفجار المرفأ، مؤكداً العمل من اجل بناء ما تهدم. ثم قام بجولة على رؤساء الحكومة السابقين.
بري
الى ذلك، وبعد مغادرته بعبدا، امل الرئيس نبيه بري التعجيل بتشكيل الحكومة، وهو ما عاد وأكد عليه في خطاب ألقاه من عين التينة بمناسبة ذكرى تغييب الامام موسى الصدر، حيث دعا الى الاسراع في تشكيل حكومة قوية جامعة للكفاءات تمتلك برنامجاً اصلاحياً محدداً برؤية واضحة لاعادة اعمار ما تهدّم والمباشرة بالاصلاحات.
واكد بري على جميع الأطراف السياسية ملاقاة حركة “أمل” على بعض العناوين، وأهمها دولة مدنية وإنشاء مجلس الشيوخ وقانون انتخابي خارج القيد الطائفي على اساس لبنان دائرة انتخابية واحدة، واستقلالية القضاء، مشدداً على ان يأخذ التحقيق بانفجار بيروت مجراه من دون ابطاء ومن دون تسرّع، وقال :”ليستعِن القضاء اللبناني بمن يريد شرط حفظ سيادة لبنان للوصول الى الحقيقة والاقتصاص من المجرمين”.
ولفت بري الى انّ “الوطن لم يعد يملك فائضاً من الاستقرار السياسي أو المالي أو الأمني أو ثقة المواطن والخارج”، وقال: “الخوف والقلق على لبنان هذه المرة ليس من الخارج بل من الداخل، والاستخفاف والحقد والأنانية والكيدية السياسية والانكار قد تكون مسبّبات تضع لبنان على حافة خطر وجودي”.
واعتبر بري أنّ بعض السياسيين لم يشعر بمأساة الناس وبقي يتصرّف وكأنّ شيئاً لم يحصل، ومضى بممارسة الدلع والمراهقة والمقامرة، محذّراً من “الاستمرار بهذا الأداء السياسي فهو يمثّل أرضاً خصبة لإيقاظ الشياطين النائمة من الخلايا الإرهابية”.
وقال بري: “أخطر ما كشفته كارثة المرفأ هو سقوط هيكل النظام السياسي والاقتصادي بالكامل، ولا بد من تغيير في هذا النظام الطائفي فهو علّة العلل”، ورأى أنّ “حجر الزاوية للتغيير هو تهذيب الخطاب السياسي والاعلامي الذي انحدر للأسف، وكأننا دولة غير قابلة للحياة والموت على حد سواء”.
مجموعة الدعم
واللافت في الساعات الماضية، دعوة مجموعة الدعم الدولية “للبنان إلى “تشكيل حكومة على وجه السرعة، تكون فعّالة وذات مصداقية وقادرة على تلبية التطلعات المشروعة والاحتياجات التي عبّر عنها الشعب اللبناني، ومواجهة التحديات الأساسية التي تواجه لبنان حالياً، خاصة إعادة إعمار بيروت، وتطبيق إصلاحات عاجلة وجادة تعدّ ضرورية للغاية لتخطّي التحديات الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية والأمنية الحادة وغير المسبوقة والتعافي منها، فضلاً عن تخطّي تداعيات جائحة كورونا”.
وحثّت “جميع القوى والقيادات السياسية في لبنان، على التحلّي بروح المسؤولية إزاء الوضع الراهن وإعلاء المصلحة الوطنية لصالح الشعب والوطن”.
وأكدت مجموعة الدعم انّ “على الحكومة الجديدة أن تركز على الاستجابة لتحديات لبنان العاجلة، خاصة في 3 مجالات أساسية:
الاول، تنفيذ إصلاحات تهدف لاستعادة الاستقرار الاقتصادي ومصداقية القطاع المالي، بالإضافة إلى إصلاحات في قطاع الكهرباء وغيره من القطاعات الأساسية الأخرى، وإصلاحات في المشاريع المملوكة للدولة وفي قوانين المشتريات الحكومية.
الثاني، إطلاق عملية إعادة إعمار بيروت وتأمين توزيع المساعدات بطريقة فعالة، وبشفافية على المتضررين.
الثالث، مواجهة جائحة كورونا والوضع الإنساني في كل أنحاء البلاد”.
وشدّدت ايضاً انّ على “الحكومة الجديدة وجميع الفرقاء اللبنانيين الالتزام بسياسة لبنان الطويلة الأمد في النأي بالنفس عن الصراعات الإقليمية”، مؤكدة في الوقت ذاته على “الحاجة إلى استقرار داخلي، وحماية الحق في الاحتجاج السلمي”.