كتبت صحيفة ” الديار ” تقول : وجهت القوى السياسية “الحاضنة” للحكومة “رسالة” واضحة الى معارضيها في الداخل والخارج انها “باقية” “وتتمدد”، وقد جاء “الاستيعاب” السريع لاستقالة الوزير ناصيف حتي عبر تعيين مستشار رئيس الجمهورية شربل وهبة مكانه في غضون ساعات، ليشير بوضوح الى انه مهما كانت الاسباب الكامنة وراء مغادرة وزير الخارجية السابق، فإن رعاة الحكومة غير معنيين في هذه المرحلة في استبدال الحكومة والذهاب الى “المجهول” في ظل التعقيدات الدولية والاقليمية، وعدم وجود البديل المناسب داخليا، دون ان يمنع ذلك احتمال حصول تبديل وزراي لبعض الوزراء ”المغضوب” عليهم، وهو امر جرى نقاشه في بعبدا بين الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب، دون حسمه…
وفيما يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في الثامنة والنصف مساء غد الاربعاء، في ظل التوتر السائد على الحدود الجنوبية، وفي ظل “الكباش” حول التمديد لقوات اليونيفيل، وعشية صدور قرار المحكمة الدولية التي تعمل فرنسا على خط تأمين ”هبوط آمن للحكم، لا يزال التخبط المالي والاقتصادي على حاله وسط جمود التفاوض مع صندوق النقد الدولي واستمرار “تبخر” مادتي المازوت والبنزين خصوصا في الجنوب اما الوضع الصحي فدخل مرحلة حرجة مع استمرار عداد “كورونا” في الارتفاع وتسجيله بالامس 177 إصابة جديدة بينها 18 من الوافدين، و3 حالات وفاة، وثمة اتجاه لاقفال البلاد 15يوما اذا جاءت نتيجة المرحلة الثانية من الاجراءات ”الاعتباطية” وفق خطة 5-2-5 سلبية، واستباقا لهذا القرار رفعت لجنة متابعة ملف كورونا توصية لرئاسة الحكومة بالتشدد بتطبيق الإجراءات الوقائية بما في ذلك المطار، على أن تتضمن فرض منع تجول خلال فترة اقفال البلد بين6 و10 آب..
لماذا استقال حتي؟
على خط استقالة وزير الخارجية ناصيف حتي، ذكرت مصادر مطلعة على الملف، انه لم يكن قادرا على الاستمرار في منصبه بعدما امضى الاشهر الستة المنصرمة مهمشا عن اداء دوره، ولم يشعر انه قادر على ادارة وزارة الخارجية في أصغر الملفات، وكان “طيف” الوزير جبران باسيل موجودا في زوايا “قصر بسترس”، ولم يجد الوزير الدعم المطلوب من رئيس الجمهورية ميشال عون بعدما “اشتكى” اليه مرارا تحييده عن الملفات الاساسية وشعوره انه “بدل عن ضائع” في الحكومة التي لا يوجد لديها اي مقاربة واضحة في السياسة الخارجية، وبدل انصافه، قامت الرئاسة الاولى بتكليف المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم بالقيام بزيارات خارجية باعتباره مندوبا رئاسيا، وهو ما اعتبره حتي تجاوزا لدوره واعتبر ان “الرسالة” قد وصلت حينها، وبدأ يفكر بالاستقالة، وقد حسم الامر بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان بعدما تم تجاوزه من قبل “السراي الحكومي”، ولم تتم دعوته الى اجتماع حضره عدد من الوزراء وجرى استثناؤه،وبعدها اختار رئيس الحكومة حسان دياب ارتكاب “فول” ديبلوماسي غير مفهوم بحق باريس…
“رسالة” عتب الى بعبدا
وبحسب تلك الاوساط، قرر حتي عندئذ الخروج من الحكومة، واختار عدم الصعود الى قصر بعبدا لتقديم استقالته في “رسالة” عتب واضحة منه على رئيس الجمهورية الذي تعمد تجاهله متبنيا مقاربة باسيل في وزارة الخارجية… وقد عبر حتي باقتضاب عن ”معاناته” بالقول للصبر حدود “وقد صبرت ستة اشهر”، نافيا ربط استقالته بإملاءات خارجية، مؤكدا انها لا تمت للحقيقة بصلة، نافيا حصول زيارة من رئيس لجنة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا الى الخارجية… ولدى مغادرته الخارجية بعد ان ودع موظفيها، قال حتي: استقالتي ليست مرتبطة بأي عامل خارجي بل اسبابها داخلية صرف، مضيفا ردا على سؤال عما اذا كان النائب جبران باسيل يقيّد عمله: هذا كلام غير مقبول. وقال “الله يوفق الجميع”…
“مراسلات” فرنسية
ووفقا لاوساط ديبلوماسية، تلقى حتي مراسلات فرنسية رسمية “مستاءة” من موقف رئيس الحكومة، بعدما اتهم وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان، بأن لديه ”معلومات منقوصة” حول الإصلاحات التي أنجزتها حكومته، مع العلم انه كان في اجواء نجاح باريس في إقناع دول الاتحاد الأوروبي بضرورة إعطاء فرصة لهذه الحكومة وعدم ربط الامور بسياسة “النأي بالنفس”..
باريس والمحكمة الدولية
ووفقا لتلك الاوساط، فإن موقف رئيس الحكومة، جاء بعد عمل الديبلوماسية الفرنسية الدؤوب في الاسابيع الاخيرة، لتأمين “هبوط آمن” لقرار المحكمة الدولية في قضية اغتيال الشهيد رفيق الحريري، وهو ما اثار حفيظة وزير الخارجية الذي كان يواكب تجاوز باريس لخلافاتها مع الولايات المتحدة ازاء الملف اللبناني، وكيفية مقاربة التعامل مع “حزب الله”، ووسعت مروحة اتصالاتها الداخلية والخارجية خصوصا مع واشنطن لتجنيب لبنان اي خضة في هذه الظروف الصعبة… وفي هذا السياق علم ان الفرنسيين تواصلوا اكثر من مرة مع الرئيس سعد الحريري، وعدد من المسؤولين اللبنانيين الأمنيين والسياسيين وبحثوا معهم كيفية التعامل مع المستجد القانوني، مع التشديد على ان لا تكون المطالبة بتحقيق العدالة “بوابة” للفوضى اللبنانية.
لبنان “دولة فاشلة”
وكان حتي زار السراي صباح امس وقدم استقالته للرئيس حسان دياب قبل ان يصدر بيانا اكد فيه ان لبنان ينزلق للتحول إلى دولة فاشلة لاسمح الله، وقال “إنني وبعد التفكير ومصارحة الذات، ولتعذّر أداء مهامي في هذه الظروف التاريخية المصيرية ونظرا لغياب رؤية للبنان الذي اؤمن به وطنا حرا مستقلا فاعلا ومشعا في بيئته العربية وفي العالم، وفي غياب إرادة فاعلة في تحقيق الإصلاح الهيكلي الشامل المطلوب الذي يطالب به مجتمعنا الوطني ويدعونا المجتمع الدولي للقيام به، قررت الإستقالة من مهامي كوزير للخارجية والمغتربين متمنياً للحكومة وللقيمين على إدارة الدولة التوفيق وإعادة النظر في العديد من السياسات والممارسات من أجل إيلاء المواطن والوطن الاولوية على كافة الاعتبارات والتباينات والانقسامات والخصوصيات… ولفت حتي في بيانه الى انه شارك في هذه الحكومة من منطلق العمل عند رب عمل واحد اسمه لبنان، فوجدت في بلدي أرباب عمل ومصالح متناقضة، إن لم يجتمعوا حول مصلحة الشعب اللبناني وإنقاذه، فإن المركب، لاسمح الله، سيغرق بالجميع…
لماذا الاسراع في تعيين وهبة؟
وعلى وقع ترحيب القوى السياسية “المعارضة” بخطوة حتّي، وتمنياتها بأن يحذو وزراء آخرون حذوه، سارع عون ودياب الى قبول الاستقالة ووقعا مرسوم تعيين السفير شربل وهبة في الخارجية، ووفقا لمصادر سياسية مطلعة، فإن الاستعجال في تعيين خلف لحتي لا يرتبط فقط بمعارضة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل قيام الوزير دميانوس قطار بمهام وزارة الخارجية بالتكليف، بل بأبعاد اخرى تتعلق بتوافق بين القوى السياسية “الحاضنة” للحكومة على الاسراع في لملمة تداعيات الاستقالة، وعدم السماح باستغلالها من قبل الداخل والخارج، وكان واضحا اظهار التماسك السياسي لابلاغ من يعينهم الامر بأن الحكومة باقية حتى اشعار آخر، وهي لا ”تترنح” بل اصبحت الان محصنة اكثر؟
اتجاه لتغيير 5 وزراء؟
ووفقا لاوساط سياسية معنية بهذ الملف، فإن “المرونة” في التغيير الحكومي بعد استقالة حتي ستفتح “الباب” امام احتمال حصول تعديلات وزارية مقبلة، خصوصا ان بعض المرجعيات السياسية وخصوصا التيار الوطني الحر، غير راضين عن اداء عدد من الوزراء، وكذلك يرغب دياب باجراء تعديلات على بعض الحقائب، وقد جرى التداول بين دياب والرئيس عون في هذه الخطوة بالامس، وعلم ان 5 وزراء وضعوا على “مشرحة” التغيير، وتم الاتفاق على اجراء المزيد من المشاورات السياسية مع باقي مكونات الحكومة لـ”جس نبضها” حيال هذه الخطوة، وستكون الساعات المقبلة حاسمة في هذا الاطار، ويبقى موقف “الثنائي الشيعي” حاسما في هذا الموضوع وسط الخشية من اي “دعسة ناقصة” قد تعطي نتائج عكسية على العمل الحكومي.
تخبط في مواجهة “كورونا”
وفيما تنذرالفوضى “العارمة” في إدارة الأزمة بمزيد من الانزلاق نحو التفشي الوبائي، وفي غياب اي دليل علمي يفسر اداء الحكومة الصحي، وعلى وقع استمرارارتفاع اعداد المصابين، وعشية اعادة فتح البلاد ليومين، بدءا من صباح اليوم، ثمة توجه لتشديد المرحلة الثانية التي تبدأ الخميس المقبل من خلال توصية “لجنة المتابعة” بإقفال البلاد، ومنع التجول، والى ان تحسم الحكومة خياراتها، خصوصا ان فترة الإقفال شهدت منسوبا مرتفعا من التفلت في إجراءات الإقفال، ما يطرح تساؤلات حول آلية الرقابة الواجب اتباعها في الفترة الثانية، كشف وزير الصحة حمد حسن خلال مؤتمر صحافي أن اللجنة العلمية ستوصي بإقفال عام لمدة 15 يوماً في حال كان التقييم سلبياً، بعد انتهاء المرحلة الثانية، واعترف بعدم وجود جدية في احترام الاجراءات والالتزام بمعايير التعبئة العامة، وطالب الوزارات المختصة بمتابعة الموضوع أكثر في أيام الاقفال المقبلة، مشيراً الى أن هذه اللجنة أوصت بالتشدد بمتابعة موضوع فحوص “البي سي آر” وإعادة تقييم المختبرات وفرض شروط جديدة. واعلن وزير الصحة ايضا انه سيعاد تقييم عدد الوافدين من المطار، وقد تم اقتراح تخفيض عدد الوافدين الى ما دون الـ 2000 وافد.. وقد نعى وزير الصحة شهيدة الواجب الممرضة زينب محمد حيدر التي توفيت جراء اصابتها “بكورونا” وأصدر الجسم التمريضي والطبي والإداري في مستشفى رفيق الحريري الجامعي بياناً نعى من خلاله حيدر ووصفها بالشهيدة الأولى في لبنان موضحا انها كانت تعمل في مستشفى الزهراء، ونقلت إلى مستشفى رفيق الحريري الجامعي لتلقي العلاج بعد إصابتها بكورونا.
خطوات “تجريبية”؟
ووفقا لمصادر طبية، ثمة استغراب كبير حيال اعتماد الحكومة مبدأ التجربة في مقارباتها لمواجهة الموجة الجديدة “لكورونا”، والاسئلة كثيرة حيال عدم اتخاذ قرار في تأخير فتح المطار الى الاول من آب، والاستعجال في فتحه دون الاستعدادات المناسبة لمواكبة الوافدين ما ادى الى غرق البلاد في عدوى الانتشار، والان تقر خطة ”متقطعة” غير علمية ستكون مجرد تضييع للوقت بينما كان المطلوب تسكير البلاد لمدة 15 يوما وعدم الدخول في تجارب غير مجدية ستكبد البلاد خسائر اقتصادية وصحية، يضاف اليها غياب التنسيق بين وزارتي الصحة والداخلية، ترجمت تفلتا فاضحا على الارض…
العام الدراسي الى اين؟
وعلى وقع استمرار عداد “كورونا” في الارتفاع، أعلن وزير التربية والتعليم العالي طارق المجذوب عن خطة للعودة الآمنة إلى المدارس سيتم إطلاقها الأسبوع الذي يلي المقبل، لافتا إلى أن العام الدراسي سيبدأ بين أيلول وتشرين ألاوّل المقبلين”، مشيراً ”إلى وجود سيناريوهات عدة يمكن العمل على أساسها العام الدراسي المقبل، موضحاً أن السيناريو الأساسي الذي يتم التحضير له يجمع بين الحضور والتعلّم عن بعد ويُسمّى بالتعليم المُدمج، ويمكن أن يكون بتقسيم أيام الأسبوع على مجموعتين من الإثنين حتى السبت، أو التقسيم أسبوعياً، أو شهرياً، أو فصلياً.
ووفقا للمعلومات، فإن خطة وزير التربية للعام الدراسي تتضمن تقليصا للمنهج الدراسي الى النصف، وسيكون البرنامج6 أيام3 ايام حضور و3 ايام اونلاين، والدوام 4 ساعات فقط في اليوم، كما سيتم تقسيم الصف الى مجموعتين: مجموعة تحضر الاثنين والاربعاء والجمعة، ومجموعة ثانية في باقي الايام، إلى جانب ارتداء الكمامات ومنع تجمع الطلاب في الملعب.. وتبقى الاسئلة مفتوحة على مصراعيها حول جهوزية المدارس الرسمية والخاصة لخوض هذه التجربة المعقدة في بلد يعاني من انقطاع دائم في الكهرباء، وضعف في خدمات الانترنت؟