إنه السادس والعشرين من أيار 2006، يوم أصبح للزمن طعم من تغيير يتذوّقه الأحرار أبد الدهر، يوم أطلَّ فجر لا يشبه سنين ما قبله. أطلَّ التوحيد العربي ناثراً مبادئه على الثوار، كشمس تشرق فوق مناطق الشوف وعاليه والمتن وحاصبيا وراشيا، يوم أعلن التوحيديون عن مشروعهم في المشرق العربي، بلا منةٍ من أحد، وما زالوا على العهد، قابضين على الأمانة لحمايةِ قسمهم التوحيدي، لا يتوسّلون غِطاء وشرعية ممَن هم ليسوا أهلاً، فشرعيتهم نبتت من الأرض وأهلِها. أربعة عشر عاماً على الهروب الكبير، وبَدء معركة الكرامة الإنسانية التي أطلقها مؤسس التوحيد العربي معالي الوزير وئام وهاب، يوم كانت عصابة الفساد قيادة ومعاونين وأزلام يتشاركون في نهش جسد الدولة وسرقة المال العام والإعتداء على حقوق المواطنين الى حد قهرهم وإذلالهم وإفقارهم.
لقد كتبت الأقدار على التوحيديين أن يكونوا في الطليعة، في خوض المعارك المصيرية من أجل الوطن والمواطن، كيف لا وهم الذين أقسموا بشرفهم ومعتقدهم في الحفاظ على كرامتهم وعزتهم، وقد قادهم هذا القسم التوحيدي في التصدي “لغزوة الجاهلية”، ليكتسحوا باللحم الحيِّ كل محاولات الغدر والجُبن بساحلها وجبلها غير آبهين بغطرسة القوة ولا بتواطؤ البعض، مردّدين أهازيج النصر، رافعين نعش الشهيد الأول ضد الفساد محمد ابوذياب شهيد بني معروف المرفوع على أكتاف أبطال غير آبهين بغدر الزمن.
أربعة عشر عاماً والتوحيد العربي لا يرضى دون التغيير المنشود، فلا كورونا، ولا كلُّ الفيروسات الناطقة قادرة على أن تُلوِّث نقاوته، وما من عاقل قادر أن ينسى أو يتناسى من الداخل والخارج مواقف الوزير وهاب الممتدة حتى يومنا هذا والتي شكّلت خارطة طريق للأحداث والتطورات الداخلية والخارجية.
لم ينأ أبناء الصحابي سلمان الفارسي(ص) يوماً عن دفاع الناس المؤمنين عن دورهم في المشرق العربي، فرأيناهم في لحظة الفجر يهبطون كالنسور على جبل الشيخ والسويداء ليسطروا مع شروق الشمس ملحمة التصدي للغزاة المارقين، فاغتسل تراب الجبل الأبيّ بدم أبنائه الميامين وتحوّلت القرى الى مدائن للفرح والإنتصار والشهادة.
إنه وعد الأرض والوطن، وعد السيف الذي خرج من غمده، وعد الحياة لأبنائها في مسيرة الوفاء والإنتماء والولاء؛ هي معركة الفصل في وجه الطغاة والكفرة والمرتزقة الذين عاثوا فساداً واستباحوا المقدسات والأعراض وكل التقاليد والقيم الدينية والإنسانية، إنهم عصابات الإجرام حيث لا دين لهم ولا طائفة ولا مذهب.
لقد وقف التوحيديون ومنذ اللحظة الأولى وبلا تردد الى جانب سوريا، بوابة العروبة الحقيقية، بوابة فلسطين السليبة، بوابة الأقصى الشريف، كنيسة القيامة، بوابة المقاومة المظفرة في لبنان، بوابة الآخاء القومي لكل مكونات الأمة، بوابة الرسالات السماوية والشرائع الإنسانية والحضارات العريقة.
ولأن سوريا كل ذلك كان الإستهداف لها، وكان التوحيديون الى جانب سوريا وعلى أرضها الطيبة، يدافعون دفاع المؤمنين بهذا الدور المشرقي الكبير لها ولجيشها، ولقيادتها وشعبها، فلم يسمحوا لأنفسهم بالنأي عنها وهي التي لم تنأ عن اللبنانيين في كل المحن.
التوحيديون لن يكونوا يوماً على الحياد في الصراع بين الحق والباطل، في الصراع بين أصحاب الأرض وبين والمارقين، فالحياد عن القضايا العربية المصيرية هو جبن وتخاذل وهروب ونذالة ولا يمكن أن تنطبق هذه الصفات عليهم، بل تنطبق على كثيرين غيرهم.
أربعة عشر عاماً والتوحيديون لا يزالون على إيمانهم وجوهر توحيدهم العربي وصدق عزيمتهم ودماء شهدائهم. لذلك كان خيار لا وبل قدر قائدهم وئام وهاب أن يمضي في مواكبة المقاومين لشرف الأمة والدفاع عن حقوقها وسيادتها، فلن يرضى الله منه غير ذلك ولن يقبل سلمان والمقداد بغير ذلك منه، وعليه يجاهد في كل المواقع لنصرة المشرق العربي والتأكيد على أهمية وحدته الاقتصادية من أجل مواجهة المخاطر والصعاب التي تحيط بنا من كل صوب وحدب.
التوحيديون باقون على عهد التغيير طالما هم باقون وبقيت الحياة، وهم على موعد مع النصر القريب والأكيد، وعودة الحياة لأرض الحياة، يستمعون بشغف وعشق لآذان الجوامع والمساجد ويستيقظون على أجراس الكنائس والمعابد، ويرفعون صور شهدائهم على رايات الأمة والوطن، ولن يتراجعوا مهما بلغت التضحيات في معركة الدفاع عن الكرامة الإنسانية، ولقد أعدوا أنفسهم وجهزوا دروبهم، وماضون في نصرهم المبين إن شاء الله.