بمناسبة تأسيس حزب التوحيد العربي، في السادس والعشرين من أيار، وتلازماً مع عيد المقاومة والتحرير، عقد مجلس الأمناء في الحزب جلسة له، وأصدر البيان التالي:
رغم كل الإحتلالات التي تناوبت على أمتنا، ورغم إرتهان الأنظمة والمتاجرة بمواردها، وتفسيخها لوحدة المجتمع، بين طائفي ومذهبي وعرقي، خدمة للأعداء، ورغم النكبات والهزائم والإتفاقيات والمعاهدات المذلّة… أبت إرادة التحرير والتغيير إلا أن تستنهض قواها الحيّة، وتذهب في معركة الوجود لإستعادة الحقوق المسلوبة، فتشكّلت المقاومات من فلسطين الى العراق وسوريا ولبنان، وتحقّق الحلم الذي كان يراود شعبنا في حق الصراع والبقاء…
وعلى وقع ذلك، إنبرى مقاوم من الجبل، نذر نفسه لإطلاق صرخة الأمل في وجه الألم، وكلمة الحق في وجه الباطل، وأخذنا في مسيرة التوحيد نمضي، فريقاً موحّداً يعرف ما يريد، ويدرك صعوبة المرحلة وأخطارها، لكن فعل الإرادة والإيمان، كانا أقوى من كل المعوقات ومن كل الحالات الإعتراضية التي حاولت التصدي لنا…
وكان تيار التوحيد اللبناني نقطة الإنطلاق، وبدء التأسيس، فحقّق إمتداداً على كل الساحات والمناطق والبلدات، وحين أصبح الصراع يزداد ويكبر، ظهرت فكرة إنشاء حزب التوحيد العربي والذي أعلن بعد المؤتمر الأول في بعقلين الشوف عام 2010…
عندها تشكّل المكتب السياسي ومجلس الأمناء والمفوضين العامين والمحليين، وافتتحت المراكز من نيحا الى السمقانية وكفرحيم والجاهلية، وصولاً الى مدينة عاليه وامتداداً نحو راشيا وحاصبيا. وقد تحوّلت هذه المراكز الى أماكن لتوزيع المساعدات الإجتماعية وتقديم الدواء، والخدمات لكل محتاج دون تمييز أو تفريق…
وبالتوازي كان لهيئة العمل التوحيدي دوراً أساسياً، مع كل الهيئات الدينية والروحية عبر المؤتمرات والإجتماعات وإقامة المناسبات.
إنها ورشة حزب التوحيد العربي، فعلت في عقول الناس ووجدانهم، أخذتهم الى الشعور بالحرية والإنعتاق من قيود الذل والهوان، فأقمنا إحتفالات متعددة في كل المناطق، حيث أقسم المئات يمين الولاء والإنتماء…
وقد خرجنا من التقوقع الطائفي، وذهبنا في رحلة الإنسان الجديد، وافتتحنا مراكز في إقليم الخروب وبيروت، وأطلقنا ورش متعددة في حقول: الطلاب والشباب والأشبال والهيئات النسائية، والبيئية وإقامة المستوصفات ومراكز للرعاية الإجتماعية.
وفتحنا حواراً مع الدول الصديقة والشقيقة، الداعمة لمسيرة التحرر، وغدت العلاقات متينة من زيارات متبادلة ومشاركة في المناسبات الحزبية…
إنه طيف حزب التوحيد العربي، الذي كان لرئيسه الدور الأساس في إقامة كل هذه الإنجازات، وعلى رأسها إقامة مؤتمر عام للقوى والعشائر والشخصيات العربية في بيروت إستمرّ لثلاثة أيام، حيث شارك فيه العديد من دول الأردن والكويت والعراق وسوريا وفلسطين ولبنان، فخاض الصراع بكل تفاصيله المحلية والإقليمية والدولية، ومن هنا كان موقفنا الداعم لسوريا في وجه الحرب الكونية التي مورست عليها، وقدّمنا كل جهد ودعم في هذا المجال من عتاد وعديد وقدّمنا كوكبة من الشهداء الأبرار على سفوح جبل الشيخ ومحافظة السويداء…
ومن هنا كان وقوفنا الى جانب المقاومة التي يتلاقى عيد التحرير بعيد تأسيس حزب التوحيد العربي…
أيّها الرفقاء والرفيقات،
أيّها المواطنون،
رغم حداثة حزبنا، إلا أن التاريخ سيشهد أننا كنّا وسنبقى في قلب الحدث ومجريات الصراع… ولطالما دعونا لمحاربة الفساد، وإصلاح القضاء، وتأمين العيش الكريم، وإقامة دولة قادرة وعادلة، يسود فيها القانون، وتكون المواطنة الحقيقية سبباً لنهضتها وحداثتها…
وعلى هذا الأساس كان لرئيس الحزب صولات وجولات سياسية وإعلامية وميدانية، خاضها باللحم الحي، فدافع عن الحق والمحرومين وهاجم الفاسدين والمفسدين، في ورشة يومية قلّ لأحد من الآخرين أن خاض غمارها بهذا الشكل المفتوح والمبرمج والمدروس، ولذا كان يتعرّض بقول الحق لحملات تطاله بين الحين والآخر، لكنه بقي مستمراً في قناعته، ملتزماً بمسيرته، مؤمناً بأن الغد آتٍ لا محال، وسوف تندثر كل هذه الطبقة الفاسدة التي عاثت بالوطن والناس، وسرقت منهم كل ما يمتلكونه حتى أولادهم الذين تشرّدوا في ديار الله الواسعة…
وعلى هذا الأساس، خضنا المعركة النيابية قبل عامين، بوجه الجميع دون استثناء، وكسرنا الآحادية والثنائية والثلاثية والرباعية، وحققنا إنتصاراً معنوياً كبيراً، بالرغم من خسارتنا لمقعد كنا سنتخلّى عنه اليوم، نتيجة لهذا الوضع المقيت الذي نحياه، حيث ورغم كل العوز والجوع وغياب فرص العمل، مازالت تلك الطبقة الفاسدة تتعاطى مع ما تبقى في هذا الوطن وكأن شيئاً لم يحصل…
لقد جاءت نتيجة الإنتخابات صاعقة عليهم، فانبروا يتآمرون ويدبّرون المكائد لنا، فكانت غزوة الجاهلية اعتقاداً أنها ستكون نهاية المطاف، لكن جبروتهم وفسادهم إندحر حين غسلت دماء الشهيد محمد أبوذياب تراب البلدة والجبل، وحوّل الغزوة الهمجية لإلتفاف شعبي وديني وحزبي ودبلوماسي، شاركوا في تشييعه وتأبينه وتقديم واجب العزاء في دار الطائفة الدرزية في بيروت…
إننا ومن خلال ما تقدّم، مازلنا نعمل جاهدين لتقديم كل ما يحتاجه الناس ضمن إمكانياتنا وطاقاتنا، فلا مزايدات إعلامية، فتَحْتَ طبقة الضجيج نعمل بصمت وهدوء، فنحن جئنا من تعب الناس وهمومهم ومشاكلهم، جئنا لحفظ كراماتهم، والدفاع عن مصالحهم، وتقديم كل ما يلزم لخدمتهم…
إننا وقد خرجنا من القيود، آمنّا بأن الحرية هي حقّ الصراع للتقدم لبلوغ الأهداف الإنسانية…
آمنّا بأن الإنسان هو الغاية والمرتجى، فنحن حزب وحدوي توحيدي عربي، لا مكان فيه إلا للأحرار، إلا للأقوياء، إلا للشرفاء، فحيث تسكن العتمة نموت بالظلام، وحيث تبزغ الشمس نحيا بالحياة وللحياة…
ثلاثون عاماً أغرقونا بالكذب والوعود والسمسرات والصفقات.
ثلاثون عاماً خطفوا كل شيء من أمام أولادنا، وأهلنا.
أما آن لنا أن نستفيق؟؟.
إن عجلة التوحيد تستمر في دورانها، لتحقيق كامل أهدافها، وإن إنتصارات المناضلين ساطعة فوق كل أرض من أمّتنا، ويبقى الوقت في لعبة الأمم الفيصل لتحديد المسارات…
إننا وفي زمن توقّفت فيه دورة الحياة الكاملة في كل أنحاء العالم، نتيجة للأوضاع الإقتصادية والمالية المتردية، ولجائحة كورونا المدمّرة، ندرك جيداً، أن العالم سيتغيّر بكامله، وستحيا الأمم والدول حياة مختلفة عما كانت عليه.
لذا، كلّنا ثقة بأن أمّتنا قادرة على إعادة إنتاج نفسها، وصون ثرواتها، وحماية أراضيها، وفتح أسواقها، وقيام أنظمة جديدة تحاكي العصر والزمان…
إننا وبمناسبة تأسيس الحزب، أردنا الإطلالة عليكم عبر هذا البيان، لنؤكّد ثقتنا بكم أعضاء ومحازبين وأصدقاء، وثقتنا بأبناء شعبنا جميعاً، فلا تركنوا، ولا تستهينوا، فإن أشدّ ساعات الليل ظلمة عند إنبثاق الفجر…
إننا نوصيكم بالعمل والعلم والمعرفة، والوقوف الى جانب أهلنا في كل ميدان، ونحن مؤمنون بأن ما فيكم من زاد التوحيد خير دليل ومنهج وسبيل…
إننا نستمد قوتنا منكم، وعلى طريق الآلام نصنع الإنجازات معاً، وبجوار المؤسس القائد، سنبقى، نغنّي للحياة، ونزرع البذار، ونعاند الجبال، ونخوض البحار…
معاً، راية التوحيد ستخفق في سماء الوطن، وسوف ترَون، فزمن التسلّط ولّى واندثر، وزمن الآحادية سقط وانكسر، وزمن التغيير والتحرير، فعل فعله وانتصر.
والنصر للحزب
مجلس الأمناء في حزب التوحيد العربي
بيروت في 26/05/2020