أيها الرفيق الذي ترجّل وحيداً في ظل الصمت والإغتراب ..
أيها التغييري الذي أفل في سماء التوحيد العربي ..
أقف اليوم أمامك، في ذكرى رحيلك.. أهمس لك وأنت في جنتك، موقن أنك تسمعني وتصغي إلي، كما كل مرة أعاتبك كيف رحلت يا رفيقي دون وداع..؟ كيف أدمنت الغياب الجارح؟ وكل خاطرة تمر بنا تحفظ ذكراك. هل صحيح يا عاشق فلسطين أن كأس الموت يتذوقه الجميع؛ هل يمكنك أن تخبرنا أيها الرفيق الغالي؟، لا زال عطرك يفوح بيننا، لا زالت روائح جسدك النابض بالتمرد تعبق في كل الزوايا التي مشيناها فهل تراك نسيت..؟؟ .
أنا الآن أقتبس أنفاساً من الماضي لعلني أخرج من جبانة الحاضر؛ فأستعيد معك بدايات المسيرة التي رسم خيوط معالمها رفيقنا الغالي وئام وهاب؛ فيصبح هذا الشاهد الرخامي الذي بقبرك ثقيل على صدرك العروبي.. فهل تريد أن تصرخ؟؟
أصرخ يا غازي.. ألا تستطيع أن تصرخ..؟؟
أصرخ لعل صرختك توقظ هؤلاءِ النائمين الذين نسوا معاني التغيير، واستكانوا بعيداً يلوكون الخيبة ..
ما عساي أقول وقلبك الطيب ما عاد يحتمل، أريدك فقط أن تنهض لنحتسي قهوة كما عودتني، ونجلس إلى رفاق التوحيد، لا أريد غير هذا..؟
أفهم إيماءتك يا صديقي.. تريد تريد.. أنت تريد. اليوم بالذات صحوت على صوتك المبحوح يطلع كحشرجة، لم يحدث أن عجزت عن رؤية صورتك التي لا تفارقنا، حزمة الضوء تشتعل في عيني حين أحدق في نظراتك، أمد يدي إليك أصافحك فتلتقي في القسم الذي بيننا.. جميل هذا الشعور.. حين تمتد دائماً بين العتمة والضوء ذكراك فتشعل الشموع، وتفسح المجال للإنتظار.. ستظل كما أنت غازي عبد الخالق الذي ترجل دون وداع أخير، ستظل عتبات التغيير تذكرك يا غازي، وتراب فلسطين يحنّ إليك، وقع خطواتك حين تقارب بلدتك مجدلبعنا في غدوك ورواحك من مكتبك..
ستظل كما أنت في قلبي وقلوب الذين أحبوك.. مثلما اللغة العصية تخونني الآن، تجعلني أبحث عن الكلمات لتستحيل المعاني خطوطاً متشابكة في يدي ألفك بها، ليس لي ما أعطيك إياه.. غير العجز وخيانة اللغة وأنت في عالم الصمت والإغتراب.. غير الإعتراف بفضلك حين تضيق الروح علي، ليبقى ما يوفيك فضلك وقيمتك وما سأكتبه عنك مؤجلا يا صديقي .
غازي.. ظلك المتعب لم ينسحب عن وجوهنا؛ ذكراك ستبقى مورقة تعرش على أيامنا كل يوم من أيام التغيير..فنم هانئاً يا غازي.. أنت في ذمة الله، سيدثرك في خلوتك.. وحده الله يحتويك، الى اللقاء يا رفيقي.. الى اللقاء.. يشهد الله أنّا نحبك.