بدأت إيطاليا أمس الإثنين بتنفيذ المرحلة الثانية من إجراءات الوقاية في وجه فيروس “كورونا”، وإعادة فتح البلاد بشكل تدريجي. ولجأت إلى فرض قوانين جديدة لاستخدام وسائل النقل لمنع انتشار الفيروس بشكل موسع مرة أخرى. وتتبع إيطاليا إجراءات وقائية خلال المرحلة الثانية خصوصا في استخدام وسائل النقل، فتقوم الحكومة بتوفير الماسح الحراري في جميع الأماكن من المطارات والمحطات وحتى في الحافلات والمترو. ووضعت الحكومة قواعد التزام المسافات الإجتماعية الآمنة والتزام ارتداء الكمامات في وسائل النقل.
واعتبارا من يوم 4 أيار، ستكون الأنشطة ذات مؤشرالمخاطر المنخفض بمثابة طريق المضي قدما للتعافي وأبرزها قطاع التصنيع والمنسوجات والبناء وتجارة الجملة. وسيكون هناك تخفيف من قيود السفر مع الحفاظ على الاعتماد الذاتي. وسيكون من الممكن الخروج من بلدة الإقامة.
وفي 11 أيار، سيتم إعادة فتح تجارة التجزئة مع ضمانات الحماية الفردية. وبالنسبة لبعض المتاجر سيكون هناك التزام بتعقيم المنتجات، حتى مصففي الشعر ومراكز التجميل يجب أن يكون لديهم الضوء الأخضر لاستئناف النشاط. لكن الحكومة الإيطالية أرجأت إعادة فتح الكنائس والنشاطات الدينية، إلى ما بعد 4 أيار دون تحديد موعد مؤكد، الأمر الذي واجه ردة فعل قوية من قبل مجلس الأساقفة في إيطاليا معتبرا أجراءات الحكومة “صفعة للكنيسة”.
وسألت صحيفة “أفينيري” الناطقة باسم مجلس الأساقفة في إيطاليا “كيف يمكن للعمال أن يعملوا جنبا إلى جنب في أماكن الإنتاج وكيف يسمح للمكتبات بفتح أبوابها والمتاجر الكبيرة ولا يسمح للكنيسة التي اتخذت منذ بداية الجائحة الإجراءات الضرورية؟”.
الجديدر بالذكر أن للكنيسة في إيطاليا دورا مفصليا ويرتكز عملها على العمل الأجتماعي مثل دور الرعاية الاجتماعية سواء للأطفال أو كبار السن، فضلا عن إقامة بيوت المغتربين والمغتربات وإدارة مطاعم الفقراء.
منذ يومين خصص مجلس أساقفة إيطاليا مليونين و400 ألف يورو للمنشآت الصحية. وأشار في بيان إلى أن “المبلغ مخصص للمنشآت الصحية التي تواجه حالة الطوارئ الناتجة عن انتشار فيروس كورونا” وأعلن عن “إيكال إيطاليا وجميع الأشخاص المتألمين بسبب الوباء الحالي إلى قلب مريم الطاهر”. وأوضح المجلس أن “هذه المساعدة المالية تضاف إلى 6 ملايين يورو تم تخصيصها خلال أسابيع مرحلة الطوارئ الحالية، وذلك للإستجابة إلى احتياجات 7 منشآت صحية واجتماعية كاثوليكية موزعة على أراضي البلاد”.
وكتب المدير الإقليمي لمنشآت “دون أوريوني” في إيطاليا الأب أوريليو فوزي في صحيفة “أفينيري”: “إن الكنيسة في إيطاليا تقدم لنا من خلال هذا الإسهام رسالة ثقة ورجاء، كأم تقف إلى جانب أبنائها خلال الصعاب وتكشف عن وجهها الأجمل عبر مساعدة من يساعد أكثر الأشخاص ضعفا”.
ووصف رئيس جمعية “الناس للناس” الأب عبدو رعد تصرف السلطات الإيطالية تجاه الكنيسة بـ “غير المبررة” وقال: “عندما تشاهد فيديوهات عن دخول رجال الشرطة إلى بعض الكنائس في إيطاليا ومنع الكهنة من متابعة القداس، علما أن الوضع لا يستدعي ذلك أبدا، لا صحيا ولا أمنيا ولا وقائيا ولا قانونيا، لا تستطيع أن تستبعد الفكرة التي تخالجك بأن هناك بعض المتعصبين ضد الممارسات الدينية المسيحية يستغلون ظرفا معينا لتبرير عداوتهم”.
أضاف: “بعد صدور آخر مرسوم حكومي في روما الذي يحدد الرابع من أيار موعدا لإعادة الحياة إلى عدد من المرافق الأساسية دون أن تكون الكنيسة ضمنها، إنما يسمح فقط بممارسة شعائر الدفن ولعدد محدود جدا من الأقرباء، تشعر بعمق الهوة بين الأحكام التي تصدر عن مجلس الوزراء في إيطاليا وبين رغبة المؤمنين في ارتياد الكنائس. هناك امتعاض بدأ يتمدد من استمرار الحكومة في منع المؤمنين من حضور القداس، ويذكر البعض بالدستور الإيطالي وحرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية”.
وختم: “قبلت الكنيسة، في زمن “كوفيد 19″، وعلى رأسها البابا فرنسيس، بكثير من الألم والمسؤولية الالتزام بالأنظمة المدنية حفاظا على صحة الناس. البابا نفسه، وفي مشهد لن يغيب أبدا عن ذاكرة التاريخ، صلى وحيدا في ساحة مار بطرس إلا أن المؤمنين يستغربون السماح بفتح مرافق متنوعة دون الكنيسة، علما أن التجمعات في الكنيسة ليست أكثر خطرا من التجمعات في الأسواق والسوبرماركت ويمكن تنظيمها لالتزام معايير الوقاية والصحة المفروضة. من هنا عبر مجلس أساقفة روما عن أسفه لعدم استدراك المرسوم الأخير الصادر في 26 نيسان، السماح للكنيسة بالاحتفال بالذبيحة الإلهية (القداس) مع الشعب، مؤكدين أن دور الدولة أن تعطي التوصيات للحفاظ على الصحة وليس لتنظيم الحياة الكنسية الذي يمكن للكنيسة القيام به مع الحفاظ على التوصيات واحترامها”.