ترك انخفاض أسعار النفط الذي شهدته الاسواق العالمية للنفط انعكاسات سلبية على مختلف الاقتصادات العالمية، بحيث بات هناك فائض في المخزون لدى الدول المنتجة والمستوردة، بشكل أصبحت معه هذه الدول عاجزة عن استيراد أو تخزين المزيد من الذهب الاسود.
ما هي الأسباب التي أدت الى أزمة الاسعار التي وصلت الى ما دون الصفر؟
بداية، لا بد من الإشارة إلى أن هذه الأسعار بدأت بالانخفاض مع خلافات سياسية بين الدول المنتجة ولا سيما بين روسيا والمملكة العربية السعودية حول حجم الانتاج، الأمر الذي ساهم في تفاقم هذه الازمة، بالاضافة الى الآتي:
1 – الازمة الوبائية الناجمة عن انتشار فيروس كورونا في كل بلدان العالم والتدابير الاحترازية التي اتخذتها الدول لحماية المواطنين.
2- انخفاض معدل استهلاك المشتقات النفطية التي وصلت الى مستوى انعدام استعمالها في بعض الدول.
3 – توقف حركة النقل البري والجوي والتنقل بين الدول حيث توقفت حركة الطيران التي تعتبر من اهم القطاعات المستهلكة للنفط.
4 – ارتفاع حجم المخزون لدى الدول المستوردة وعدم تصريف المشتقات المكررة بسبب انخفاض الطلب عليها.
وعلى الرغم من التوصل الى حل للخلاف الروسي – السعودي بخفض الانتاج على أمل إعادة التوازن إلى أسواق النفط وأسعاره، لم يتم حتى الآن على الأقل لجم الانخفاض في الأسعار، وهذا ما ينبىء بمشاكل اقتصادية للدول المنتجة التي تبني موازناتها على أساس الانتاج النفطي لديها وأسعاره في الأسواق العالمية.
أبي عاد
ويقول الخبير النفطي الدكتور ناجي أبي عاد: “إن الأسواق العالمية للنفط تعتمد معيارين للتسعير، هما نفط تكساس انترميديت والبرنت، ولكن غالبية النفط المنتج في العالم تعتمد البرنت في حين يتجه المنتجون والمصافي في الولايات المتحدة الأميركية وشمال أميركا الى الاعتماد على نفط تكساس انترميديت”.
واعتبر أن “انخفاض الأسعار إلى ما دون 5 دولارات لبرميل نفط تكساس انترميديت والى 20 دولارا للبرنت له تأثير كبير على اقتصادات الدول في العالم، فالدول المستهلكة تستفيد من هذا الانخفاض لخفض فاتورتها النفطية، اما الدول المنتجة كدول الخليج ،التي تعتمد اقتصاداتها بشكل اساسي على النفط، فتتأثر سلبا في مداخيلها وخصوصا أنها تبني موازناتها على سعر النفط المنتج لديها والايرادات الناتجة عنها (فالسعودية بنت ميزانيتها الحالية على اساس 80 دولارا للبرميل الواحد).
وحول تأثير الانخفاض العالمي في اسعار النفط على لبنان، أكد أبي عاد أن أي “انخفاض في سعر النفط العالمي وبالتالي في أسعار المشتقات النفطية المستعملة في لبنان سينعكس ايجابا على الفاتورة النفطية وتخفض حجم قيمة الاستيراد. ولكن، ومن ناحية اخرى، واذا بقيت هذه الاسعار على الوتيرة ذاتها من الانخفاض فقد تؤثر سلبا على مشروع الاستكشاف في البحر عن الغاز والنفط واقتصادياته، وخصوصا أن أي إنتاج لأي استكشافات محتملة في مياهنا الاقليمية سيكون على الأرجح عالي الكلفة”.