لم يعد سلاح الأيادي الخفية المعروفة في حربها على المواطن اللبناني مقتصراً على الدولار، فرغيف الخبز أُدخل عنوة في البازار، معَ أن طحينه مدعوم، واستهلاكه في ازدياد ما يضمن لأصحاب الأفران المزيد من الأرباح ..
وبين عملية الشكوى التي تحتمل النقاش وإصرار البعض على الإبتزاز، وُضِعَت لقمة الفقير على المحك، معَ معرفة الجميع أن المقامرة بهذه السلعة الحيوية أخطر من كورونا، ولا تحتمل الوقوف عند خاطرِ أحد، وهي مسؤولية مشتركة على الدولة وأصحاب هذا القطاع تفرض وضع حد لأي إنزلاق، وإِن كانت البلديات مشكورة قد بادرت لحماية فقرائها، فإن الدولة مسؤولة عن حماية الأمن الغذائي لكلِّ أبنائها.
فالمجتمع اللبناني الذي يخوض حرباً ضروساً مع كورونا، وأخرى مع جنون الأسعار، يجب ألا يسمح لأحد بالتسلل الى ميدان امنِه الغذائي لتصفيةِ حساباتٍ سياسية أو اقتصادية على حساب الفقير، أو لإفتعال ألغام في طريقِ الحكومةِ أو على أبواب الجلسةِ التشريعيةِ التي اكتملت تحضيراتها اللوجستية بعد تلك التشريعية، والتي تضمنت رِزمة من مشاريع القوانين، من قانون مكافحةِ الفساد في القطاع العام، الى تعديل قانون المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، الى إلغاء السرية المصرفية، وصولاً الى العفو العام عن بعض الجرائم، وغيرها من مشاريعِ القوانين..
أما الجرم الأكبر الذي لا يمكن العفو عنه، فهو المتعلق بالأموال المنهوبة وتلك الموهوبة على مدى عقود من حساباتِ دولةٍ مفلسة، فضلاً عن تلك المهربة من المصارف والتي قُدِّرت في كانون الثاني وشباطَ من العام الحالي بثلاثة مليارات وسبعِمئة مليون دولار، قسم كبير منها ذهب الى الخارج، فيما لبنان قادر على الخروج من الثُغرة المالية الكبيرة من دون المسِّ بالودائع أو بييع أملاك الدولة..
وعلى الخارطة الدولية فجَّر مبيع برميل النفطِ الخام بأدنى مستوى له منذ أربعة وثلاثين عاماً لغماً مدوياً في ميدان الإقتصاد العالمي المصاب أصلاً، وجعل الولايات المتحدةَ الأميركية أكبر المتضررين..