١٣ نيسان ١٩٧٥، تاريخ طُبِع بذاكرة اللبنانيين رصاصاً ودماء، وبوسطة نقلت لبنان الى حرب أهلية وخراب ودمار وكانتونات وتاريخ من الإقتتال، ومنذ توقف أزيز الرصاص، واللبنانيون يحيون الذكرى بعبارة: تنذكر وما تنعاد.. أما اليوم الواقع فيه ١٣ من نيسان ٢٠٢٠، فإن بوسطة من نوع آخر تتفتل في شوارعنا، تتربَّص بأمننا الصحي، تدهس اقتصادنا المصاب أصلاً، وتلاحق واقعنا الاجتماعيَ والإنساني المرهق، بوسطة لم تُميز بين راكبيها ومطلقي النار عليها، إنها بوسطة كورونا..
البوسطة التي تجوب بلدان العالم الواقعة في عجز أمام عجلاتها، وهي المدججة بالوباء العصي على البشرية وتقدُّمها الى الآن، مُقدّمة نموذجاً من الهلع والموت السريع الذي عمَّ المعمورة دون استئذان من بلاد قوية أو أخرى ضعيفة، ومن بلادٍ غنية أو أخرى فقيرة.
أما ما يفتقر إليه العالم ولاسيما المتغطرس منه مع هذا الوباء، فهو الإعتبار من هذه الجائحة التي سرعان ما جاءت تخلخل بنيان دول كنا نعتبرها في يوم من الأيام دول عظمى.
في لبنان الذي يقف أهله جميعاً شركاء متضامنين لعبور هذه المحنة، هو وطن لم يُصَب بالصميم من الوباء الخبيث، كما والمطلوب مواصلة المقاومة المجتمعية، والوقاية عبر الحجر المنزلي والعملُ يداً بيد لخدمة الناس وتوفير المستلزمات الضرورية لهم، والتطلع بأمل الى مستقبل مشرق للبنان..
لبنان الذي لم يُسجِّل سوى إصابات قليلة بوباء كورونا في الأيام الماضية، لكن هذا التفاؤل يجب ألا يصيب اللبنانيين بالطمأنينة ويدفعهم الى التفلت من الإجراءات، فكورونا متربصٌ بالجميع، وموجاته تجول فضاءنا، ولا مجال للنجاة إلا إن اأكملنا الإلتزام بالإجراءات المطلوبة..
أما ما يجري على ضفاف كورونا من مناكفات سياسية، والتقاط البعض من رجال دين وسياسيين لفرصة ملامحِ الخطة الاقتصادية للحكومةِ لِيُثيروا من ورائها سجالاً، فهو أمر مُعيب فيما المطلوب هو وضع اليد على مَن استساغ أن ينال من ودائع الناس والتي تسولت له نفسه الإعتداء على جيوب المواطنين..