كتبت صحيفة “الجمهورية ” تقول: الوباء الخبيث، في مسار تصاعدي خطير على امتداد الكرة الأرضية ومن ضمنها لبنان طبعاً، طالما أنّ المختبرات الطبيّة العالمية فشلت في إيجاد اللقاح الواقي منه حتى الآن، والى أن يبتدع العقل البشري هذا اللقاح، سيبقى هذا الكابوس جاثماً على صدر البشرية جمعاء، وحال اللبنانيين كحال غيرهم من شعوب العالم، سيبقون مشاريع ضحايا أمام هذا الاجتياح الوبائي.
بالتأكيد يرى اللبنانيون بأم العين أنّ عدّاد الضحايا يتصاعد بوتيرة مخيفة على مدار الساعة، ما يفاقم الخطر المحدق بهم. ففي ثلاثة أيام حصد “كورونا” في لبنان ما يزيد عن 100 إصابة، ليصبح العدد الإجمالي الرسمي كما أعلنته وزارة الصحة في تقريرها اليومي أمس، 256 مصاباً، علماً أنّ التقرير لم يحتسب 11 حالة من مختبرات غير مُعتمدة من قِبل وزارة الصحة، تحتاج لإعادة التأكيد في مستشفى الحريري. وهذا العدد الى تزايد على حدّ ما تؤكّد الجهات الصحية المعنية.
إلتزام شبه كامل
وبالتأكيد أيضاً، انّ عدد المصابين كان ليرتفع أكثر، لولا التدابير التي نفّذتها وحدات الجيش وسائر القوى الأمنية، وكذلك البلديات والمؤسسات الاجتماعية المدنيّة، خلال اليومين الماضيين، في كل المناطق اللبنانية، لإلزام المواطنين بالتقيّد بكلّ ما يحفظ سلامتهم ويبقيهم بمنأى عن الإصابة بهذا الوباء. ونتيجة هذه التدابير كانت ملموسة عبر الإلتزام شبه الكامل من قِبل المواطنين، وهذا ما تمّ رصده في الساعات الماضية، وتلك علامة مسؤولة ومبشّرة، ما خلا بعض المستهترين الذين اصرّوا على مخالفة هذه الإجراءات وخرقها، إما عن طيش، أو عن جهل أو عن مكابرة غبية وسخيفة أمام جرثومة تهدّد أرواحهم!
ثلثا العلاج
ليس خافياً على اللبنانيين ضعف إمكانات الدولة في مواجهة هذا الوباء، بالتأكيد كان الأمر مختلفاً، لو لم يكن لبنان ضحيّة فساد السلطة على مدى السنين الماضية، ولو لم يجرِ تفريغ خزينة الدولة مما كان يعوّل عليه من أموال لتوفير الإمكانات المطلوبة، بدل أن تصبح دولة تتسوّل المساعدات على أعتاب دول العالم.
تلك الحقيقة الموجعة، لا تلغي حقيقة أهم، تؤكّد أنّ ثلثي العلاج، وربما أكثر هو في أيدي اللبنانيين. فبيدهم أن يُرحِّلوا هذا الوباء، أو يطيلوا إقامته القهرية في ما بينهم مع ما يترتب على ذلك من تهديد للأرواح، وذلك عبر اعتماد العلاج الأقل كلفة المتوفّر لهم حتى الآن، لمكافحة “كورونا” والحدّ من انتشاره، وذلك بالالتزام الكلّي بمنازلهم والتقيّد الى أقصى الحدود بكل الإجراءات الوقائيّة والحد من التنقل والاختلاط. وقد ذكّرت وزارة الصحة المواطنين بأنّ الالتزام بالحجر المنزلي التام أضحى مسؤولية أخلاقية فرديّة ومجتمعيّة واجبة على كل مواطن، وانّ أي تهاون في تطبيقها سيعرّض صاحبها للملاحقة القانونية والجزائية.
الأكيد أنّ إلتزام اللبنانيين بإجراءات الوقاية الذاتية والبقاء في منازلهم، لم يعد طلباً ملحاً، بقدر ما هو توسّل إليهم بإتباعها، وما ينبغي أن يتمعّنوا فيه مليّاً هو أنّ الأيام الثلاثة الأخيرة رفعت الخطر الوبائي الى مستويات مخيفة، والتطمينات التي سيقت قبلها، بأنّ لبنان مازال من بين الدول الأقل تسجيلاً للإصابات نسبة الى الدول الأخرى، ذابت مع التزايد المرعب لعدد الحالات.
أسبوع مصيري
الواضح، إنّ كل يوم يمضي بالتأكيد سيكون أصعب من سابقه. وتبعاً لتطورات هذا الوباء، فإنّ الأسبوع الجاري هو إمتحان مصيري لكلّ اللبنانيّين، بين أن ينجحوا من خلال تقيّدهم الكامل بالإجراءات وبالتزام منازلهم، في تضييق مساحة انتشار هذا الوباء، وبهذا يخطون الخطوات الأهم على طريق النجاة، وبين أن يفشلوا، فينقلون البلد بفشلهم وخروقاتهم وعدم التزامهم شروط الوقاية الذاتية، من مرحلة الإحتواء الصعب، الى مرحلة الإنتشار الوبائي السريع، الذي لن يكون في مقدور أحد أن يقدّر المدى الذي سيبلغه.
وها هي دول العالم، وخصوصاً الدول الغنية والمتطورة، تقف عاجزة أمام هذا الوباء، فكيف بالنسبة الى لبنان بوضعه المهترئ اقتصادياً ومالياً، والمهدّد بدفع كلفة باهظة جداً، سيدفعها اللبنانيون بشكل عام من صحتهم وأرواحهم ومن الفتات الباقي لهم من مورد رزقهم.
الوضع مخيف
الحكومة رفعت وتيرة إجراءاتها، ولكنها لم تلامس “حالة الطوارئ” التي باتت أكثر من ملحة؛ مع أنّ رئيسها حسان دياب أقرّ بسوء حال البلد، وأطلق النفير العام وطلب الى الجيش والاجهزة الامنية التشدّد في تطبيق مندرجات التعبئة العامة الصحية التي اعلنتها لمحاصرة انتشار ”كورونا”، وذهب بعض الوزراء الى ما هو ابعد بقوله ” إنّ الوضع مخيف.. والله ينجّينا”. فيما قال وزير الصحة حمد حسن: “ما زلنا في المرحلة الثالثة من انتشار الوباء، ولدينا أسبوع حتى 29 آذار الجاري، وبعده نقرّر إذا كنا سنذهب الى إجراءات وقائية أهم”. مشيراً، أنه “تمّ الحجز لإستيراد 120 جهاز تنفّس من ألمانيا، و100 جهاز من هونغ كونغ، على أن تصل خلال ثلاثة أسابيع”.
بري: حالة طوارئ
كل هذه الصورة المخيفة، تشكّل بلا أدنى شك، أسباباً موجبة لحالة الطوارئ التي باتت مطلباً لأن تتحمّل الحكومة مسؤوليتها في إعلانها، علماً أنّ هذا الأمر كان محل تشاور على المستوى الرسمي، قبل إطلالة رئيس الحكومة السبت الماضي، ودعوته الى تشدّد القوى العسكرية والأمنية في الزام اللبنانيين الإلتزام بإجراءات التعبئة العامة الصحيّة. ورئيس المجلس النيابي نبيه بري تداول بشكل مباشر مع رئيس الحكومة في موضوع إعلان حالة الطوارئ، وكشف انّه طلب من رئيس الحكومة السبت الماضي إعلان حالة الطوارئ، وانّ دياب وعده بذلك، “لكنني لم اعرف ما هو سبب عدم اتخاذ هذا القرار حتى هذه الساعة، وفي اي حال، انا اطالب بحالة طوارئ فورية وسريعة، لأنّ الوضع لا يُحتَمل”. تتوازى بالتأكيد مع حالة الطوارئ الحكومية لمعالجة الأزمة الاقتصادية والمالية وحماية الامن الغذائي والاجتماعي.
واكّد بري امام زواره، أنّ اعلان حالة الطوارئ امر ضروري، وليس الاكتفاء بما هو حاصل اليوم مع ما يشبه “حالة طوارئ لايت”، فيما المطلوب هو التشدّد والصرامة الى ابعد الحدود في إلزام المواطنين بالتقيّد بالإجراءات اسوة بما هو معمول به في دول العالم، وعلى الاقل لجهة فرض حظر التجوّل ضمن فترات معينة، وعلى سبيل المثال من الساعة 7 مساء وحتى الساعة 6 صباحاً، فعلى الاقل القوى العسكرية والأمنية التي تتولّى فرض الامن وتطبيق الاجراءات الوقائية نهاراً، يمكن لها ان ترتاح قليلاً في فترة الليل.
وعُلم انّ دعوة بري الى حالة الطوارئ السريعة، مبنيّة على قراءة قلقة لواقع الحال اللبناني، الذي ينحدر من سيئ الى أسوأ على صعيد تزايد عدد الإصابات بالفيروس، الذي يُنذر بانتشار كارثي لن يعود في الامكان اللحاق به، وبات يتطلب أعلى درجات الإجراءات الصارمة للحدّ من هذا الانتشار وحصره قدر الإمكان، اضافة الى قراءة للمشهد الدولي وحجم تفشّي هذا الوباء، والذي دفع الدول المبتلية به الى اعلان حالة الطوارئ لمكافحته.
يُضاف الى ذلك، الآراء والتحليلات الطبيّة التي باتت مع ارتفاع اعداد المصابين في لبنان الى ما يزيد عن الـ40 اصابة يومياً، على ما تمّ تسجيله في الايام الاخيرة، تحذّر من انّ هذا الارتفاع اذا تخطّى حدود الـ60 اصابة، فذلك سيفوق قدرة استيعاب المستشفيات، ما يعني انّها لن تكون قادرة على تقديم المعالجات المطلوبة، وهنا الكارثة، التي لا سبيل للنجاة منها سوى إرغام اللبنانيين على التزام بيوتهم ومنع تنقلاتهم.
وفي السياق ذاته، قال رئيس المجلس امام زواره: “انّ المرحلة الحالية تتطلب وضع المناكفات السياسية على الرفّ، وان يستوعب اللبنانيون بعضهم البعض في هذه المرحلة وتخفيض منسوب الحدّة في الخطاب، لأنّ المركب يغرق بالجميع. فالاولوية الآن هي لكيفية ان نقطّع هذه المرحلة بأقل الاضرار الممكنة على لبنان واللبنانيين. وبعدها فليعودوا الى مناكفاتهم كيفما يشاؤون”.
وعبّر بري عن استياء بالغ من الوضع المزري الذي بلغه حال الناس، في كل المناطق من الشمال الى الجنوب الى البقاع وصولاً الى بيروت، خصوصاً اولئك الذين لم يعودوا يتمكنون من تأمين الدواء لأمراضهم المزمنة، جراء فاقتهم، وايضاً جراء فقدان هذه الادوية. واكّد انّ مسؤولية الحكومة أن تسعى جهدها لتأمين حاجات الناس الغذائية والدوائية والاستحصال على مساعدات غير مشروطة خصوصاً للفئات الأكثر والأشد فقراً.
كذلك اعرب بري عن استياء كبير من الأخبار التي ترد اليه حول مؤسسات تصرف عمالها وموظفيها الذين اصبحوا بلا دخل وقال: “ان تثبيت سعر البنزين قرار مهم اتخذته الحكومة، فمع تثبيت هذا السعر، يُضاف اليه انخفاض اسعار البنزين والفيول، وتعليق تسديد سندات اليوروبوند، يتحقق وفر يمكن ان يُستخدم في هذه المرحلة لتأمين الحاجات الضرورية والملحة للمواطنين، ولمساعدة المؤسسات التي بدأت بصرف موظفيها وعمالها ويخفف عنها الأعباء ويمكّنها من الاستمرار”.
إجراءات ملحّة
على انّ مسؤولية الدولة، وكما تؤكد مصادر طبية لـ”الجمهورية”، لا تنحصر فقط في إعلان التعبئة العامة الصحية او اعلان حالة الطوارىء، بل ان تسخّر كل جهد لمواكبتها بسلسلة إجراءات:
أولاً، توفير المستلزمات الوقائية لكل المواطنين، وعلى وجه الخصوص تأمين الاقنعة الواقية والفعالة، والمطهّرات غير المغشوشة التي ملأت الاسواق. والحؤول دون إغراق البلد بأدوية ومستحضرات وعقاقير غير مطابقة للمواصفات الطبية وللمعايير العلمية، وعوارضها الجانبية مؤذية وخطيرة.
ثانياً، توفير الأمن الغذائي للمواطنين. ومنع الاحتكار والتلاعب بالاسعار وتحقيق الربح استغلالاً لحاجة الناس والضائقة الصعبة التي يمرون بها على كل المستويات.
ثالثاً، الاستعداد للأسوأ، وتحديد اماكن جديدة للحجر الصحي، لتخفيف الصغط عن المستشفيات.
رابعاً، وقف مسلسل الشائعات المتفلّت، خصوصاً على وسائل التواصل الاجتماعي، التي تتسبّب بأضرار كبرى وهلع شديد في صفوف المواطنين.
خامساً، عدم التباطؤ في تأمين المساعدات للمحتاجين، علماً انّ عشرات الآلاف من المواطنين أصبحوا بلا دخل يوفّر لهم قدرة الاستمرار.
طار الكابيتال كونترول
على الخط الاقتصادي، يعود مجلس الوزراء الى الانعقاد في السراي الحكومي اليوم، وكما هو معلوم انّ مشروع الكابيتال كونترول هو أحد بنود جدول اعمالها.
وفيما تردّد انّ وزير المال غازي وزنة، الذي أعدّ مشروع القانون، سيطلب خلال جلسة مجلس الوزراء اليوم سحبه نهائياً، قالت مصادر وزارية مواكبة لهذا الملف لـ”الجمهورية” انه بمعزل عن طلب الوزير سحب المشروع ام لا، فإنّ إقرار هذا المشروع في جلسة مجلس الوزراء اليوم مُستبعد لأسباب جوهريَّة:
الاول، إنعقاد مجلس الوزراء في السراي الحكومي، ذلك انّ مشروعاً بهذه الاهمية والحساسية يتطلب عقد الجلسة في القصر الجمهوري في بعبدا، على غرار الجلسات التي تعقد برئاسة رئيس الجمهورية لاتخاذ قرارات مهمة، علماً انّ مجلس الوزراء سينعقد مجدداً الخميس المقبل في بعبدا، وفي جدول اعمال الجلسة تعيينات نواب حاكم مصرف لبنان الاربعة كما توقع وزير المال غازي وزنة، الذي أشار انّ هذه التعيينات ستشمل أربعة نواب جدد للحاكم.
الثاني، المداخلات والملاحظات التي أبديت من المستشارين ومن مصرف لبنان وجمعية المصارف، التي أدّت الى تعديلات كثيرة تمّ إدخالها على مشروع وزير المالية، وعلى نحو شَوّه مضمونه والهدف منه، علماً انّ ملاحظات اضافية وضعها الوزراء سيتم طرحها في جلسة مجلس الوزراء اليوم.
الثالث، الاعتراضات الشديدة على هذا المشروع، وخصوصاً من قبل رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي عاد وأكد في الساعات الماضية انّ مشروع “الكابيتال كونترول” غير وارد بالنسبة إليه نظراً لِما يشكّله من مخالفة صريحة وفاقعة للدستور، فضلاً عن أنه يُسيء للمودعين ويعتدي على حقوقهم، ولا يعطيهم حقوقهم بشكل كامل، خصوصاً بالنسبة الى السحوبات بالدولار. وينتظر ان تشهد جلسة مجلس الوزراء اليوم إبداء ملاحظات من قبل الوزيرين اللذين سمّاهما رئيس مجلس النواب نبيه بري تنسجم مع موقفه، ومن غير المستبعد ان يعمد وزير المال الى طلب سحبه.
وقالت مصادر عين التينة لـ”الجمهورية” انّ رئيس المجلس سبق له ان أكد رفضه لأيّ مشروع، سواء أكان كابيتال كونترول او غيره، من شأنه أن يمسّ بحقوق المودعين، ومن هنا جاء تأكيده اكثر من مرة على انّ ودائع الناس مقدسة.
وبحسب المصادر فإنّ المشروع “لا يصبّ على الاطلاق في مصلحة المودعين، بل هو في جوهره يقدم جائزة ترضية للمصارف التي تعاطَت بطريقة غير مسؤولة مع المودعين منذ بدء الازمة، وتلاعبت بحقوقهم الى حد جعلتهم متسوّلين لحقوقهم على ابوابها”.
وأكدت المصادر “انّ المصارف هي التي ساهمت بشكل واضح وأكيد في مفاقمة أزمة الودائع، عبر تهريب الاموال الى الخارج، ومنذ بداية الازمة، بادرَت هي الى تطبيق “الكابيتال كونترول” على ودائع اللبنانيين، من دون الاتفاق معهم، وبغير رضاهم، سواء على اصحاب الودائع بالليرة اللبنانية من خلال وضع سقوف للدفوعات، او على اصحاب الودائع بالدولار والعملات الاجنبية، بحيث تدرّجت دفعاتها لهم ومن دون اي مبرر او مسوّغ قانوني، من 1000 دولار في بداية الامر، وقَبلَ المودعون بهذا الأمر رغماً عنهم، ثم الى 500 دولار أسبوعياً، ثم في مرحلة لاحقة الى 300 دولار وصولاً الى 150 دولاراً وما دون. وهذا الامر سبق لرئيس المجلس أن طرحه مباشرة مع رئيس جمعية المصارف سليم نصار، وأكد على مسؤولية المصارف في افتعال هذه الامور، وحلّها وحدها، وليس على حساب المودعين”.
وأشارت المصادر انّ “هذا المشروع المطروح بصفة المعجّل، لا يحقق من قريب او بعيد مصلحة المودعين. ومن هنا جاء تأكيد رئيس المجلس بأنّ هذا المشروع غير وارد السير فيه من قبله، فضلاً عن انه مخالف للفقرة “و” من مقدمة الدستور، التي هي جزء لا يتجزّأ منه. وبالتالي، لا يمكن السير بأيّ مشروع فيه مسّ بالدستور”.
إعلان وقف الدفع
على الصعيد المالي، خَطت الحكومة اللبنانية أمس خطوة في اتجاه الحَثّ على تسريع حسم مسألة التفاوض على إعادة هيكلة وجَدولة الدين الخارجي (يوروبوندز)، من خلال بيان أصدرته وزارة المال أعلنت فيه قرار توقّف الحكومة اللبنانية عن دفع جميع سندات اليوروبوندز المستحقة بالدولار الأميركي.
ونشرت الوزارة أرقام ومواعيد استحقاق جميع الاصدارات التي ستتوقف عن دفعها، وتبلغ 29 اصداراً، تصل قيمتها الاجمالية الى حوالى 31 مليار دولار.
وفي قراءة لأهداف إعلان هذا القرار، تشير المعلومات أنّ الخطوة تهدف الى تحفيز المُقرضين على حسم مواقفهم، لأنّ المماطلة وإضاعة الوقت ليستا لمصلحة لبنان. وحرص بيان المالية على تأكيد رغبة الحكومة اللبنانية على التفاوض مع المقرضين، وعلى حسن النية، مع الحرص على إعادة التذكير بالعناوين الرئيسية لخطة الانقاذ التي ترتكز على اعادة الاستدامة الى المالية العامة من خلال إعادة هيكلة الدين العام واعتماد سلسلة من التدابير المالية، وإرساء بيئة مؤاتية للنمو من خلال برنامج إصلاحي هيكلي شامل يتضمّن تدابير آيلة الى تحسين الحوكمة ومكافحة الفساد، وإعادة الاستقرار الى النظام المالي وإصلاحه من خلال إعادة هيكلة القطاع المصرفي. (ص 10).
دعم استمرارية المؤسسات
الى ذلك، أصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أمس، تعميماً يهدف الى تقديم جرعة أوكسيجين الى المؤسسات لضمان استمراريتها وحمايتها من السقوط بسبب تداعيات فيروس كورونا الذي جاء ليزيد الأزمة الاقتصادية تعقيداً.
ويقضي التعميم بتقديم قروض بفائدة صفر في المئة الى المصارف لكي تقرضها بدورها الى المؤسسات التي تواجه صعوبات في سداد قروضها، أو في دفع رواتب موظفيها. وقد تضمّن التعميم مجموعة شروط لضمان عدم استخدام الاموال من قبل المؤسسات أو من قبل المصارف، سوى لتحقيق الاهداف التي ابتغاها التعميم.
سلامة
وأوضح سلامة أنّ “الهدف من التعميم هو مساعدة اللبنانيين خلال المرحلة الصعبة، وحتى لا تضطر المؤسسات إلى إقفال أبوابها والاستغناء عن موظفيها”.
ولفت الى انّ “لبنان عاش 3 صدمات في الفترة الأخيرة: الأولى في تشرين مع إقفال المصارف، والثانية مع التخلّف عن الدفع، والثالثة بسبب “كورونا”. وقال: “ما نبتغيه من التعميم هو أن تتمكن المؤسسات من دفع رواتب الموظفين وسداد ديونها كما مساعدة كل من لديهم قروض مدعومة، مثل السكن أو الصناعيّين أو غيرهم، على تأجيل ديونهم المستحقة خلال الـ3 أشهر المقبلة، من خلال تقسيطها لـ5 سنوات مع فائدة صفر في المئة”.
وأوضح “انّ كل الإجراءات التي اتخذت في الأشهر الأخيرة ضمنت عدم تحويل الدولار الذي يخرج من “مصرف لبنان” إلى خارج البلاد، ما أدى الى مرونة في ظل اقتصاد مدولَر”.
حمود
وتوقّع رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود ان تصل قيمة المبالغ المرصودة لتمويل القروض الى حدود الـ600 مليون دولار، مؤكداً لـ”الجمهورية” انها لن تَستنزف احتياطي مصرف لبنان من العملات الاجنبية لأنها لن تحوَّل الى الخارج، كما انه سيتم تحويلها الى الليرة اللبنانية في حال تم استخدامها لدفع الرواتب والاجور. وبالتالي، لن يتم سحبها نقداً بالدولار بل فقط يمكن استخدام تلك الاموال كما يتم حاليّاً، عبر بطاقات الائتمان او الشيكات المصرفية، او في حال تم سحبها نقداً فستكون بالعملة المحلية.
مقتل الحايك
على الصعيد الأمني، تفاعلت قضية مقتل انطوان الحايك، أحد معاوني العميل عامر الفاخوري سابقاً، أثناء وجوده في محلّه في المية ومية أمس الاول. وذلك على مسافة ايام قليلة من الافراج عن الفاخوري ونقله الى الولايات المتحدة الاميركية. وصدرت سلسلة مواقف استنكرت غياب الدولة وصمتها حيال اغتيال الحايك، وعلى محاولة البعض التصرف وإصدار الاحكام وتنفيذها وكأننا نعيش في ظل شريعة الغاب”.