كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: لن يقفل الأسبوع إلّا ويكون القرار الحكومي قد حسم تسويةً أو تأجيلاً لتسديد سندات ”اليوروبوندز” الذي يستحق الإثنين المقبل. وقد نشطت أمس الإجتماعات على مختلف المستويات الحكومية والمصرفية في السراي الحكومي وخارجه لبلورة طبيعة هذا القرار الذي سيتحدد في ضوئه مستقبل الوضع الإقتصادي والمالي المأزوم، والذي يعاني اللبنانيون جرّاءه صنوفاً يومية من المعاناة على مستوى معيشتهم المغموس بالإذلال الذي يتعرّضون له أمام صناديق المصارف التي تكاد “تقنّن” دفع رواتبهم أو ودائعهم الى حدّ الصفر.
تسود حال من الإرباك الحكومة إزاء القرار الذي سيتخذه لبنان حول مستحقاته المالية ويشتد التخبّط مع اقتراب موعد إعلانه. وفي معلومات لـ”الجمهورية” أنّ رئيس الحكومة حسان دياب أوعز بضرورة التوصّل إلى هذا القرار مساء بعد غد الجمعة، ليتمكن من إعلانه قبل ظهر السبت من القصر الجمهوري إمّا بعد اجتماع رئاسي ثلاثي أو بعد جلسة لمجلس وزراء، أو بعد الاثنين معاً.
أمّا فحوى القرار فهناك تكتم شديد حوله، علماً انّ الاجتماعات تواصلت في السراي الحكومي. وفي هذا الصدد زار دياب رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد ظهر أمس، ثم اجتمع مجدداً مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس وأعضاء جمعية مصارف لبنان في حضور الاستشاريين القانوني Lazard والمالي Cleary Gottlieb ووزراء المال والعدل والاقتصاد، واستمرت هذه الاجتماعات حتى ساعة متأخرة من ليل أمس.
وعلمت “الجمهورية” انّ وجهة نظر المصارف لا تزال تميل الى عدم الامتناع عن الدفع كلياً، إنما إمرار جزء أقله فوائد الديون لحملة السندات الخارجية.
وقالت مصادر المجتمعين لـ”الجمهورية”: “لا قرار بعد للحكومة والمطلوب تقديم اقتراحات ترضي الدائن الخارجي لأنّ الاصدار دولي، فهل ندفعه أم ندفع جزءاً منه أو ندفع فوائده أو دفع downpayment لاستحقاق آذار وجدولة بقية السندات، وقد أرسل المقرض الخارجي اشارات الى انه يفضّل التفاوض وعدم الدخول في مشكلات او محاكم مع لبنان.
وقالت مصادر السراي الحكومي انّ لبنان يتجه الى إبلاغ أصحاب السندات تَعذّر دفع المستحقات بغيىة اعادة النظر في هيكلية الديون وجدولتها وفق صيغة جديدة، رغم وجود صيغة مطروحة للبحث تتحدث عن دفع نسبة معينة من السندات وبمقدار محدود جداً لم يتخذ القرار النهائي في شأنها، وهو أمر بات رهناً بالصيغة التي يمكن اعتمادها للاعلان عنه السبت المقبل سواء من السراي او من بعبدا.
ولفتت المصادر الى انّ البحث تناول ايضاً سلة متكاملة من الإجراءات الإقتصادية والنقدية التي يمكن اتخاذها لمواجهة الأزمة بجوانبها المختلفة، وعدم حصر العملية بكلفة السندات من دون مقاربة الجوانب الأخرى من الأزمة، ولاسيما منها موضوع تسهيل حصول اللبنانيين على دفعات اكبر من العملات الصعبة عبر صناديق المصارف.
وقالت مصادر مصرفية لـ”الجمهورية” انّ “المصارف اللبنانية أبدت كل استعداد للتعاون مع الحكومة إمّا تقسيطاً او تسليفاً او اعادة جدولة”. وأكدت “أنّ الدولة ستكون بعد اسبوع امام خيارين: امّا الامتناع عن الدفع ما سيُوَلّد ارتدادات كارثية على البلد، وإمّا دفع جزء الى الخارج، أمّا بالنسبة إلينا فقد وضعنا أنفسنا في تصرف الحكومة والقرار في ملعبها”. وأضافت هذه المصادر: “المهم الآن التفاوض مع الخارج ونحن في الداخل “مِتلنا مِتلن” والمصير واحد، وما يهّمنا فقط هو عدم الوصول الى default او الإفلاس، لأنّ أي مصيبة ستحصل ستصيب كل الدولة والمودعين من بينهم”.
وقال مصدر مصرفي آخر لـ”الجمهورية” انّ “فكرة إقدام المصارف على إعادة شراء السندات التي باعتها الى الاجانب لن يكون سهلاً، لأنّ حاملي الاسهم قد لا يوافقون على البيع بأسعار منطقية. واذا كانت المصارف، وبسبب حاجتها الى السيولة، باعت السندات بأسعار تراوحت بين 75 و80 سنتاً للسند، فإنّ اعادة الشراء قد تكلفها خسائر كبيرة، لأنّ حاملي السندات الأجانب قد يستغلون الظرف ويطلبون أرباحاً لا يستهان بها على سعر السند”.
ووفق المعلومات، لم يتم التوصّل الى اتفاق، رغم انّ المصارف أبدت استعدادها للمساهمة في أي حل يؤدي الى عدم الوصول الى تخلّف غير منظّم.
ولكن في انتظار القرار النهائي، ستتواصل الاجتماعات والمحادثات، على أن يتم حسم القرار بين بعد غد الجمعة او السبت المقبل، في اعتبار انّ الاثنين هو موعد تسديد الاستحقاق.
الكابيتال كونترول
وفي هذه الأجواء قالت مصادر مطّلعة انّ الصيغة النهائية لمشروع قانون “الكابيتال كونترول”، الذي أعدّته لجنة خاصة من الإختصاصيين القانونيين والماليين، سلّم الى وزير المال مطلع الأسبوع الجاري، ومن المحتمل ان يكون مدرجاً على جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء التي دُعي إليها قبل ظهر غد الخميس في القصر الجمهوري، رغم التعتيم المقصود حول مضمون جدول الاعمال.
تعميم من مصرف لبنان
وفي معلومات “الجمهورية” انّ البحث في مشروع القانون المقترح تزامَن ووضع مضمون تعميم جديد قد يصدر عن حاكم مصرف لبنان الى المصارف، يُحاكي النتائج التي قصدها القانون نفسه لتنظيم العلاقة بين المودعين والمصارف.
مجلس الوزراء
ومن جهة أخرى، تغيب التعيينات عن جلسة مجلس الوزراء المقررة الحادية عشرة قبل ظهر غد في القصر الجمهوري، وخصوصاً نواب حاكم مصرف لبنان الاربعة الذين أدرجوا ضمن التعيينات الملحّة والضرورية والتي لا تخضع لآلية التعيين، لكن عدم التوافق بعد عليها لا يزال يمنع إدراجها على جدول الاعمال، علماً انّ الوزراء اشترطوا رفع 3 سيَر ذاتية لكل منصب لاختيار الأنسب.
وعلمت “الجمهورية” انّ جدول اعمال الجلسة يضم 9 بنود، أهمها مشروع قانون لرفع السرية المصرفية والخطة المتكاملة لإدارة النفايات الصلبة وآلية السفر وحضور المؤتمرات، وبند يتعلق بشراء خدمات لتوظيف 10 اشخاص لمراقبة “كورونا” في مطار رفيق الحريري الدولي.
كورونا
في غضون ذلك، ظل وباء كورونا، الذي يقلق اللبنانيين جميعاً ويقضّ مضاجعهم، محور استنفار الدولة على كل مستوياتها الصحية من اجل منع تَفشّيه ومعالجة الحالات المكتشفة والحجر على الحالات المشتبه بها.
وأعلنت وزارة الصحة العامة انّ الفحوصات التي أجريت أمس على الحالات المشتبه بها جاءت نتيجتها سلبية. وأكّدت في بيان أنّ “نتيجة أوّل حالة شُخّصت في لبنان جاءت سلبية ايضاً، على أن تتم معاودة الفحص المخبري لها اليوم حيث سيتم إخراجها من المستشفى الى منزلها، عند تأكيد النتيجة السلبية الثانية للفحص المخبري”.
من جهته، أعلن وزير الصحة العامة حمد حسن لوكالة “فرانس برس” أنّ “السلطات اللبنانية جهّزت مستشفيات حكومية في 8 مناطق على الأقل، في إطار خطة استباقية لمواجهة فيروس كورونا”.
وسيعقد حسن مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع منظمة الصحة العالمية، عند الحادية عشرة قبل ظهر اليوم، في الوزارة، للرد عن كل التساؤلات المتعلّقة بالفيروس.
من جهته، أعلن مستشفى رفيق الحريري الجامعي أنّه “استقبل خلال الـ24 ساعة الماضية 47 حالة في قسم الطوارىء المخصّص لاستقبال الحالات المشتبه بإصابتها بالفيروس، وقد احتاجت 12 منها إلى دخول الحجر الصحي”. ولفت المستشفى إلى أنّ “حالة المريض المصاب بالفيروس المُستجد من التابعية الايرانية ما زالت حرجة”.
وأعلنت وزيرة العدل ماري كلود نجم، في بيان مشترك مع مجلس القضاء الاعلى، أنه نظراً للظروف التي يمر بها لبنان المتعلقة بفيروس كورونا “تقرر تعليق الجلسات لمدة تبدأ من اليوم وتنتهي يوم الجمعة الواقع فيه 6/3/2020 ضمناً”.
وفي هذه الاثناء عقدت لجنة الصحة العامة والعمل والشؤون الاجتماعية جلسة برئاسة النائب عاصم عراجي أمس، حيث “تمّ البحث في التدابير بالنسبة الى العمال في المصانع وعدم انتشار الفيروس بين الموظفين فيها”.
وأكّد عراجي بعد الاجتماع: “ما زلنا في مرحلة احتواء المرض لأنه لم ينتشر بمقدار كبير جداً، ولكن يجب ان نكون جاهزين اذا حصلت مرحلة الانتشار، والمفروض عندها ان تكون لدينا خطة لكي تستطيع ان نواكبها”.
وكشف عن خطّة تتضمّن “المرحلة الاولى “مستشفى رفيق الحريري”، المرحلة الثانية تجهيز بعض المستشفيات الحكومية من اجل استقبال حالات “كورونا”، واذا انتشر الفيروس المفروض، حينها علينا الذهاب الى المستشفيات الخاصة”.