كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: تنصبّ الاهتمامات هذا الاسبوع على الخطة الإصلاحية التي يُفترض ان تعلنها الحكومة وينتظرها الجميع، تزامناً مع اتخاذ القرار في شأن سندات “اليوروبوند”، التي تُستحق بعد اسبوع سداداً او تأجيلاً، وفي ضوء هذه الخطة وردود الفعل التي ستلقاها ستحدّد الحكومة خطواتها داخلياً ومع الخارج الذي رهن التعاطي معها بطبيعة الإصلاحات التي ستجريها ويُفترض ان تلاقي بها ما طلبه المجتمع الدولي، ولا سيما منه مجموعة الدول المانحة في مؤتمر “سيدر”. إلاّ انّ هذا الواقع لن يحجب الاهتمام المتزايد بقضية فيروس “كورونا” والإجراءات المتعاظمة المتخذة في شأنها خصوصاً مع ظهور إصابات جديدة بهذا الوباء، حيث بلغت 10 إصابات حتى الآن، في وقت سيُعقد اليوم اجتماع قضائي ـ بيئي ـ صحي في إطار متابعة التدابير الاحترازية.
اسبوع واحد يفصل لبنان عن موعد استحقاق تسديد إصدار ”اليوروبوند” بقيمة مليار و200 مليون دولار، من دون أن يتضح حتى الساعة ماذا سيكون قرار الحكومة. هذا الضياع يزيد منسوب القلق، خصوصًا لدى الاوساط المالية والاقتصادية التي تتابع بدقة هذا الموضوع، والذي تعتبر انّه قد يقرّر مصير البلد للسنوات المقبلة.
ويُنتظر ان يشهد السراي الحكومي ووزارة المال مزيدًا من الإجتماعات بين اعضاء من اللجنة الوزارية المكلّفة الشؤون المالية وفريق مستشاري رئيس الحكومة وموظفي وزارة المال الكبار وأعضاء بعثتي الشركتين الدوليتين الإستشاريتين للشؤون المالية – النقدية والقانونية، اللتين استعانت بهما الحكومة للبتّ في سبل التعاطي مع سندات “اليوروبوند”.
وقالت مصادر السراي الحكومي لـ “الجمهورية”، انّ موظفين من مصرف لبنان يشاركون في بعض من هذه الإجتماعات، حيث ما وجبت مشاركتهم. ولفتت الى انّ الحكومة ستتخذ قرارها النهائي قبل السابع من آذار الجاري لتكون جاهزة للاستحقاق المُنتظر في التاسع من الجاري.
وفي هذا السياق، نشرت “بلومبرغ” امس تقريرًا جديدًا عن هذا الملف، أشارت فيه الى لوبي مصرفي يسعى الى إقناع الحكومة بعدم الذهاب الى التخلّف، وتقترح بدلاً من ذلك عملية “سواب” تتعهّد بإنجاحها البنوك، لأنّها تعتبر انّ تداعيات التخلّف ستكون كارثية على لبنان، خصوصًا لجهة استعادة عافيته في السنوات المقبلة.
وقال رئيس جمعية مصارف لبنان سليم صفير لـ”بلومبرغ”، انّ المصارف باعت حصصًا في سندات “اليوروبوند” من اجل الحصول على دولارات جديدة مطلوبة لدفع نحو 9 مليارات دولار لتأمين استيراد الوقود والقمح والأدوية.
وأضاف: “المصارف نفسها كانت خاسرة كبيرة لأنّها اضطرت إلى استنزاف سنداتها لتوفير أكبر مقدار ممكن من السيولة لمودعيها، وهو الوضع الذي نشأ عن طريق تمويل العجز المستمر للحكومة”.
واشار الى “أنّ التخلّف عن السداد سيجعل جهود البلد لإعادة رسملة اقتصاده أكثر صعوبة”. واعتبر انّ “لبنان الغد سيتقرّر اليوم. لن يستعيد لبنان أمجاده من خلال الفقر”.
جدير بالذكر انّ سعر السند في إصدار 9 آذار، والذي باعته المصارف الى أجانب بين 75 و80 سنتًا، انخفض بعد تراجع الآمال في أن تدفع الحكومة الاستحقاق في موعده، وتدنّى السعر الى ما دون 52 سنتًا.
فوهة بركان
وابلغ مصدر وزاري الى “الجمهورية”، انّ اختبار التشكيلات القضائية والتعيينات المتعلقة بحاكمية مصرف لبنان ينتظر الحكومة، “فإما ان تثبت انّ المقاربة تغيّرت وانّ سياسة المحاصصة التي كانت متبعة في السابق انتهت، وإما ان تعيد انتاج التجارب الماضية وتواصل النهج الذي كانت تعتمده الحكومات قبلها، فتكون قد رسبت في امتحان النزاهة والصدقية، مع ما يرتبه ذلك من تداعيات على مهمتها الإنقاذية، وخصوصا انّها تحت المراقبة الداخلية والخارجية”.
واشار المصدر، “انّ الحكومة في سباق مع الوقت، والعدّاد شغال، منبّها الى انّ اخطر ما تواجهه انّها تعمل فوق فوهة بركان قد تنفجر حممه في أي لحظة، الامر الذي يستدعي منها إحداث صدمة ايجابية واتخاذ القرارات الضرورية قبل ان يلفظ البركان ما يوجد في احشائه، ولكن في الوقت نفسه من دون ان نتسرّع منعاً لأي دعسة ناقصة”.
وفي سياق متصل، اكّدت اوساط مصرفية مطلعة انّ الاحتياطيات الموجودة لدى مصرف لبنان من الدولار تسمح له بالاستمرار في تلبية الحاجات الاساسية للدولة لنحو سنة ونصف سنة، شرط ان يتمّ خفض اعباء فاتورة المحروقات، كاشفة انّ مصرف لبنان سيحاول الابقاء على السعر الرسمي للدولار عند حدود الـ 1515 ليرة طوال هذه المدة.
الكورونا
من جهة ثانية، ظلت قضية وباء الكورونا محور الاهتمام الرسمي والطبي والشعبي على كل المستويات، في وقت اعلنت وزارة الصحة العامة “تسجيل 3 حالات جديدة مثبّتة مخبرياً مصابة بفيروس كورونا المستجد COVID-19، وهي لأشخاص أتوا سابقاً في طائرات آتية من ايران، وكانوا موجودين في العزل المنزلي”، واوضحت أنّه “عندما ظهرت عليهم عوارض المرض نُقِلوا إلى الحجر الصحي في مستشفى الرئيس رفيق الحريري، ولدى تأكّد النتيجة الإيجابية لفحص الـPCR، نُقِلوا إلى غرف العزل”.
مستشفى الحريري
وأعلن مستشفى رفيق الحريري الجامعي، أنّ “عدد الإصابات المثبّتة بالفيروس وصل إلى 10، بعد ان سُجِّلت 3 حالات جديدة أمس وأُدخلت إلى وحدة العزل لتلقّي العلاج”.
واستقبل المستشفى خلال الـ24 ساعة الماضية 23 حالة في قسم الطوارئ، وقد احتاج 9 منهم إلى دخول الحجر الصحي استناداً إلى تقييم الطبيب المراقب. ولفت المستشفى إلى أنّ “حالة المريض المُصاب بالفيروس من التابعية الايرانية ما زالت حرجة، في حين أنّ وضع بقية المصابين مستقر وهم يتلقّون العلاج اللازم”.
وقالت مصادر في مطار بيروت الدولي، انّ طائرة آتية من طهران ستهبط ظهر اليوم في مطار رفيق الحريري الدولي، تزامنًا مع وصول مجموعة من الطلاب اللبنانيين عبر معبر المصنع صباحاً، بسبب انتقالهم من ايران الى مطار دمشق الدولي.
وترأس المديرة العامة لوزارة العدل القاضية رلى جدايل، عند العاشرة قبل ظهر اليوم، وفي إطار متابعة التدابير الإحترازية للحدّ والوقاية من فيروس كورونا، اجتماعاً في وزارة العدل يضمّ الرؤساء الأول في بيروت والمناطق، في حضور ممثلين عن وزارتي الصحة والبيئة، وذلك للبحث في الإجراءات الواجب اتخاذها في قصور العدل التي تشهد في غالبيتها اكتظاظًا كبيرًا، على أن يصدر تعميم في ختام الإجتماع في هذا الخصوص.
وناشدت رابطة موظفي الإدارة العامة، في كتاب، رئيس الحكومة حسان دياب والوزراء، اتخاذ قرار بإقفال مراكز كلّ التجمّعات، وخصوصاً الإدارات والمؤسسات العامة والخاصة لمدة 15 يوماً احترازياً، خوفاً من تداعيات فيروس كورونا.
ونشرت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية تقريراً يتحدّث عن عدم جهوزية لبنان الذي يعاني كارثة إقتصادية لمواجهة هذا الوباء الجديد.
قعر الازمات
وفي المواقف السياسية، شدّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على انّ “الجميع ينتظر من الحكومة إنهاض البلاد من قعر هذه الأزمات”.
وقال: “الكل ينتظر من الحكومة أن تبادر إلى الإصلاحات المطلوبة في الهيكليات والقطاعات، ولاسيما أنّ عدداً من الدراسات موجودة وحلولها جاهزة. فالمطلوب قرار سياسي جريء لتنفيذها”. مشدّدا على ”إجراء تعيينات إدارية على أساس الكفاية والمُسارعة إلى البدء بإنشاء محطات ثابتة لتوليد الطاقة الكهربائية، والنظر إلى حال الشعب ومشكلته مع المصارف والصيارفة، ومع محال المواد الغذائية التي تُرفع أسعارها بلا رقيب أو حسيب”.
صيادو فرص
وأكّد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد أنّه “لا أصدقاء دوليين يشكلّون رعاة لبلدنا، بل هناك أصحاب مغانم وصيادو فرص، ومع الأسف ما زلنا نسمع من يراهن على هؤلاء، ليس لإنعاش وضعنا الاقتصادي الصعب فحسب، بل لجعلهم يتحكّمون بقرارنا الوطني والسيادي”.
ولفت رعد إلى أنّه “لا يكفي ان يقف الإنسان على التل ويلوم من تصدّى للشأن الحكومي بل عليه أن يراجع حساباته وان يستذكر دوره في إيصال البلاد الى ما وصلت اليه، وان يمدّ يده لكي يشارك في نهوض اقتصادي وطني تعود عائدته على كل الوطن وليس على فريق احد”. آملاً في ان “نخطو خطوات ولو كانت بسيطة ومتواضعة لمواجهة الاستحقاق الداهم في 15 الجاري، حيث يتوجب اخذ موقف من مسألة التسديد “لليوروبوند” الذي سيترك تبعات على بلدنا”.
وقال إنّ “الخيار الذي ستلتزمه القوى السياسية التي تريد الاحتفاظ بقرارنا الوطني هو الخيار الذي سيكلّفنا اقل تبعات ممكنة ويعطينا فرصاً اكبر من الخيارات الأخرى لتعزيز صمودنا وقدرتنا أن ننهض بالحدّ الأدنى من الوضع الاقتصادي الذي يتدهور نتيجة سياسات من سبق في تولّي شأن الحكومات طوال الفترة الماضية”.
وزير العدل الياباني
من جهة ثانية، وصل الى بيروت وزير العدل الياباني يوشيني هيرويوكي، في مهمة تتصل بملاحقة قضية كارلوس غصن والتشاور في التفاهمات القضائية والقانونية بين بلاده ولبنان، بعدما تبيّن ان ليس هناك من اتفاق لتبادل المطلوبين.
وسيبدأ الوزير الياباني اليوم مهمته بلقاء يعقده التاسعة صباحًا مع وزيرة العدل ماري كلود نجم، ثم ينتقل عند العاشرة الى القصر الجمهوري للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وبعد ذلك ينتقل الى وزارة الخارجية للقاء الوزير ناصيف حتي لإستكمال البحث في الملفات العالقة بين البلدين.