كتبت صحيفة “الجمهورية ” تقول: أجمعت كل المعطيات والمعلومات التي تجمّعت في فضاء التأليف الحكومي على أنّ ولادة الحكومة أوشَكت، وأنّ الإتصالات تركّز على تذليل بعض العقد المتعلقة ببعض الحقائب والأسماء وسط تأكيد بأنّ غالبية أسماء التشكيلة الوزارية قد تم اختيارها وحددت لها الحقائب التي ستتولاها، على أمل أن تصدر المراسيم في اليومين المقبلين اللذين ينتظر أن يشهدا اجتماعين بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف حسان دياب، الأول لدرس المسودة النهائية للتشكيلة الوزارية والثاني لإصدار مراسيم تأليف الحكومة يسبق لقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري يَطّلع خلاله على التشكيلة الوزارية قبل إعلانها.
ولكن ما يرشح حتى من الإتصالات أنّ عملية التأليف تبدو وكأنها حفلة محاصصة وزارية تحتكر فيها قوى سياسية بعينها اختيار الوزراء وكذلك الحقائب، بما يمنع تحقيق التمثيل الوازن لكل الطوائف وحصره بمحاسيب مقنّعين رغم الكفايات التي يتمتعون بها، وكذلك بما يستحضر العملية التي كانت تتألف بموجبها الحكومات.
وفي سياق المشاورات التي يجريها الرئيس المكلف حسان دياب لتشكيل الحكومة الجديدة، عقد أمس لقاء طويل بينه وبين رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل.
وبحسب مصادر متابعة لحركة الإتصالات، فإنّ الأجواء تشهد تقدماً، ولكن من دون ان يصل البحث الى حسم كل النقاط العالقة. وتبعاً لذلك، فإنّ المشاورات ستتواصل لتذليلها، وإنّ احتمال ان تولد الحكومة قبل نهاية الاسبوع الجاري ليس مستحيلاً، وإن تأخرت الولادة فربما تذهب الى مطلع الاسبوع المقبل.
وإذ جزمت المصادر في انّ الرئيس المكلف قد أنجز مسودة أولية، إلّا انها تخضع للتعديل تبعاً للنقاش الذي لم ينته بعد حول الأسماء المقترحة للتوزير، وكذلك حول الحقائب المخصصة لكل طائفة. وقالت هذه المصادر أنّ العقدة الأساس مازالت كامنة في الحصة الوزارية المعني بها “التيار الوطني الحر”، ويمكن القول انّ هناك تقدماً جدياً، لَخّصه مرجع سياسي بقوله: “لقد اطّلعتُ على اجواء المشاورات من مصادرها المباشرة، وقد طرحت عليهم السؤال التالي: هل وصلتم الى “قمحة” او “شعيرة”؟ فأجابوني أن الأمور ماشية ولا بأس بها، وصرنا محققين “ثلاثة أرباع القمحة”…
وأضاف المرجع المسؤول: “ما زلت آمل في أن تولد الحكومة قبل يوم الأحد (بعد غد)، وكانت قد ضاعت فرصة لولادتها الإثنين الماضي، المهم أنّ الجو على ما قيل لي يُحرز تقدماً لا بأس به، ولكن إذا توصّلوا الى ثلاثة ارباع القمحة، فهذا امر جيد، ولكن الربع الاخير يبقى هو الصعب، وإن شاء الله لا تكون الشياطين معشّشة فيه.
ولذلك، دعونا ننتظر الساعات الثماني والاربعين المقبلة، مع دعائنا لأن يتصاعد الدخان الابيض خلالها.
الى ذلك، اكدت مصادر قريبة من الرئيس المكلف “انّ الامور تسير في المنحى الايجابي الجدي، والتقدّم بلغ مرحلة اللمسات الاخيرة، ما يعني انّ الولادة الحكومية لن تكون بعيدة”.
وفي سياق متصل، رجّحت مصادر متابعة لحركة الإتصالات، حصول لقاء وشيك بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف حسان دياب لجَوجلة ما تَم التوصّل اليه حتى الآن، لافتة الى أنّ هذا اللقاء قد يكون اللقاء ما قبل الأخير بين الرئيسين الذي يسبق إعلان مراسيم تأليف الحكومة في وقت قريب.
التركيبة الحكومية
وفي الوقت الذي حسمت فيه الحقائب الشيعية التي توزّعت بين غازي وزني لوزارة المال وعليا المقداد لوزارة الزراعة وعبد الحليم فضل الله لوزارة الصناعة والدكتور رضا قاسم لوزارة الصحة، لم تحسم الجلسة الطويلة بين دياب وباسيل الحقائب المسيحية حسبما يريدها باسيل، وقد امتدّت لأربع ساعات ونصف ساعة، وأجريت خلالها اتصالات في اكثر من اتجاه وتخللها غداء عمل في منزل الرئيس المكلف.
دياب يتريّث
وفي ظل تريّث دياب في تقديم الموافقة النهائية، قالت مصادر مطلعة لـ “الجمهورية” انّ باسيل عبّر بقوة عن رفضه المطلق وغير القابل للجدل لوجود وزيرين سابقين مقترحين وهما زياد بارود لوزارة العدل وسمّى بدلاً منه النقيبة السابقة للمحامين امل حداد لهذه الوزارة، ورفض إيكال وزارة الخارجية للدكتور دميانوس قطار من دون تسريب الإسم المحتمل في انتظار بعض الإتصالات لحسمه بين مرشحين إثنين أحدهما سفير سابق والآخر سفير حالي قريب من باسيل. وقد اقترح باسيل الدكتورة بترا خوري لوزارة العمل، ورئيس جمعية الصناعيين السابق جاك صراف لوزارة لاقتصاد.
مدني للدفاع وصرّاف لنيابة رئاسة الحكومة
وفي ظل التكتم الشديد حول بقية الأسماء عُلم انّ الحقائب التي باتت في عهدة كل من رئيس الجمهورية و”التيار الوطني الحر” ويتم التكتم حول الاسماء المقترحة لها، هي وزارات: الدفاع، الخارجية، الطاقة، الشؤون الإجتماعية، التنمية الإدارية او المهجرين، الثقافة أو الاعلام. وتردد انّ اقتراحاً بإيكال وزارة الدفاع الى ضابط متقاعد قد سقط، وعلى الأرجح سيسمّى مدني لهذه الوزارة من دون ان يحسم امر ان يكون نائباً لرئيس الحكومة، وسط ترجيح أن يكون جاك صراف في هذا المنصب.
وثمة تعديل يمكن ان يطرأ في انتظار التفاهم مع النائب طلال ارسلان إذا أُعطيت حقيبتا البيئة ومعها الشؤون الإجتماعية أو النازحين للدكتور رمزي مشرفية، الذي ذكّاه باسيل ليمثّل الدروز في الحكومة العتيدة.
سيدة تُمثل “الطاشناق”
علمت “الجمهورية” أنه تمّ التفاهم في ساعة متقدمة من ليل أمس على إسم سيدة سمّاها حزب “الطاشناق” لتمثيله في الحكومة.
عقدة الوزراء السنّة حُلّت
اما الوزراء السنّة فقد رَست أسماؤهم بنحو شبه نهائي، ومن الصعب تعديلها نتيجة الجهود المضنية لجمعها وضمان قبولها الدخول الى حكومة دياب. فبالإضافة الى رئيس الحكومة، رست الصيغة المقترحة على كل من المهندس في عالم الاتصالات عثمان سلطان وهو قريب للسيد توفيق سلطان الذي ذكّاه واقترحه “اللقاء التشاوري” والنائب فيصل كرامي الذي تبلّغ منه الاستعداد للعودة الى لبنان من الخليج، وطارق المجذوب لوزراة التربية، والقاضي فوزي ادهم لوزراة الداخلية بعدما سقط إسما ضابطين متقاعدين طُرحا لها قبل ايام.
ومهندس لفرنجية
اما وزير “المردة” فما زال مُكتّماً عليه في انتظار لقاء يعقد بين دياب وموفد لزعيم تيار “المردة” سليمان فرنجية في الساعات المقبلة، وسط ترجيح أن يسمّي فرنجية مهندساً مدنياً قريباً منه لهذه الحقيبة.
”حزب الله”
الى ذلك أكدت أوساط قريبة من “حزب الله” لـ “الجمهورية” انّ “العمل جار بوتيرة متسارعة وبشعور من المسؤولية للانتهاء من تشكيل الحكومة، متوقعة ظهور نتائج إيجابية خلال وقت قريب”. واكدت “انّ الحزب بذل ولا يزال قصارى جهده لتذليل العقد التي كانت تعترض التأليف”، موضحة أنه “اتخذ قراراً بتقديم كل التسهيلات الممكنة للرئيس المكلف الدكتور حسان دياب”.
وأشارت الاوساط نفسها الى “انّ الحزب وافق في هذا الاطار على تشكيل حكومة تكنوقراط من وزراء يجمعون بين النزاهة والسمعة الوطنية النظيفة، بعدما كان يدعو في السابق الى حكومة تكنو-سياسية. وأكدت “انّ الحزب حريص على تسهيل مهمة دياب وتأمين كل شروط النجاح والإنتاجية لحكومته”، موضحة “انّ القوى التي كلّفت دياب مستعدة لإعطائه ما لم تُعطه للرئيس سعد الحريري لأنّ الأول اختصاصي والثاني سياسي، وبالتالي المقاييس تختلف، ولأنّ فريق الاكثرية النيابية الذي سمّى دياب وتحمّل مسؤولية هذا الخيار معني بإنجاح تجربته”.
إغلاق المصارف؟
إقتصادياً ومالياً في يوم العمل الاول في سنة 2020، عاد ملف إضراب المصارف الى الواجهة، من بوابة الموظفين ايضاً. وسبق للمصارف أن أغلقت أبوابها لأكثر من أسبوع في تشرين الثاني 2019، بقرار اتخذته نقابة الموظفين، احتجاجاً على الضغوط وأعمال العنف احياناً التي تعرّض لها موظفو القطاع على يد مودعين غاضبين يريدون سحب اموالهم، ويعجزون عن ذلك بسبب الاجراءات التي اتخذتها ادارات المصارف.
وفي بيان أصدره اتحاد نقابات موظفي المصارف، أعلن أنه سيُضطر “في حال لم تردع القوى الأمنية المشاغبين، إلى اتخاذ القرار بإعلان الإضراب العام مُجدداً في القطاع المصرفي، إلى حين عودة الاستقرار وأجواء الهدوء إلى أماكن العمل في كل فروع المصارف على مساحة الوطن”.
وتخوفت مصادر متابعة من أن تغلق المصارف أبوابها في حال لم تتمكّن القوى الامنية من تلبية مطالب الموظفين، خصوصاً أنّ من ينفذ الاعتصامات ويتسبّب بحالات هرج ومرج في فروع مصرفيّة هم متظاهرون ينتمون الى الانتفاضة، في ضوء معلومات تتحدث عن وجود قرار لدى الانتفاضة بتكثيف “الغارات” التظاهرية على المصارف في المرحلة المقبلة.