قبل أن يجف طوفان أنفاق المطار، ويعود البنزين الى المحطات بعد إتمام الوزارة للمناقصات، استجلبت الأزمة ملف الطحين..
فصرخ أصحاب الأفران مهدّدين بالإضراب أو تخفيض وزن الرغيف، فلم يُسمع صداهم إلا مزيداً من التأوّه في أحياء الفقراء والمعدمين، أمّا الحكومة فمعلّقة وتصريف أعمالها على مزاج رئيسها ..
لم ينقلب المشهد بعد، ولم تنتهِ ملفات الأزمة ولن تنضب مآسيها، وليست الأحياء المتهالكة في الشمال والمنهارة على أهلها بعد أن عُمّرت على مدى دورات نيابية وعهود حكومية، سوى مثال لمأساة حقيقية سرعان ما يحيلها المتهمون بل المذنبون من السياسيين والمسؤولين الى رسائل تُرمى بوجه الخصوم، بإسم التظاهرات والغضب الشعبي الذي بات مسيَّراً وفق إشاراتٍ سياسيةٍ عند كل مفترق أو استحقاق ..
وفيما الإستحقاق الحكومي مازال معلقاً عند شخص مُطوَب بفتوى، فإن الوقت ليس للترف ولا للتهرب ولا لفرض الشروط من جهات خارجية، وخصوصاً من قبل الإدارة الأميركيةَ التي تفرض إملاءاتها على شكل الحكومة ولونها ونوعها ومَن يشارك فيها، بل على برنامجِها وبالأخصّ في موضوع النفط والغاز..
نفط وغاز كانا أبرز محركَي اللقاء الذي جمع رئيس مجلس النواب نبيه برّي بالمنسق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش في عين التينة، حيث إستنكر الرئيس برّي أمام كوبيتش الإعتداء الصهيونيَ المتمثل بقيام إحدى البواخر الإسرائيلية بعملية مسح خلافاً للقانون الدولي، في نطاق البلوك رقم 9، في المياه الإقليمية اللبنانية..
أما ما يجري على الأرضِ اللبنانية، فهو محطّ اهتمام بل تدخل من الحكومة الإسرائيلية، وبعد كلام رئيسها بنيامين نتنياهو، كلام أكثر وضوحاً لرئيسِ الأركان السابق “غادي إيزنكوت” الذي دعا الى الإستفادة الجدية مما يجري في لبنانَ لتجريد “حزب الله” من سلاحه كما قال، مطالباً حكومته بالقيام بخطوات حقيقيةٍ تجاهَ لبنان في ملفي الغاز وترسيم الحدود البحرية والبرية..
ووسط كل هذه التحديات، فإن مصادر مطلعة تؤكد أن الحريري مازال متمسكاً بتشكيل حكومة تكنوقراط، فهل هي قادرة على مواجهة هذا السيل من التحديات؟..