في عيد البربارة غُصةٌ من سلطة لم تعرف سوى لغة المحاصصة والتسويات، ولباس الأقنعة من خلال تشكيلة وزارية تُعيد نفس الطاقم السياسي القديم وإنما بمسميات جديدة تساهم في تعميق مأساة اللبنانيين.
بكى ذوو الإرادات الصلبة وأهلهم بعد أن قُطِّعَت بهم السبل، وقبلهم بكت عائلة الشهيد ناجي الفليطي الذي عجز عن سد حاجة ابنته بألف ليرة، فيما ينشط أصحاب الكراسي على خط تشكيل حكومة لا تختلف عن سابقاتها في إيصال البلد الى الإفلاس وفي تقاسم المغانم والحصص وإلغاء المساءلة والمحاسبة وعجزها عن معالجة الإنهيار المالي والاقتصادي.
إن السلطة الحاكمة في غيرِ مكان اليوم ومطالب الناس ليست في سُلّم الأولويات، فحقوق الناس باتت تُستجدى بدل أن تتضافر كافة الجهود لتأمينها حفاظاً على كراماتِهم المهدورة أمام الأزمة التي تعصف بالبلاد، والتي تعجز هذه الطبقة الفاسدة عن إيجاد الحلول المناسبة لمختلف أوجهها، وأهمّ سبل الحل، المشاورات الحكومية، التي كان من المنتظر أن تلبي طموحات اللبنانيين الذين يفترشون الساحات منذ أيام طويلة ضد الهدر والفساد وكل الموبقات التي تنهش جسد الوطن.
ولكن إذا كانت المشاورات الحكوميةُ قد لامست نهايتها بعد تسمية سمير الخطيب رئيساً للحكومة مع وقف التنفيذ، فيما العين على الإستشارات النيابية وبدايتها، لم يُحدَّد موعدها بعد، لكن ما يفصل عنها هو آخر الترتيبات التي تشي بشيء واحد وهو العودة مجدداً الى زمن الصفقات التي تفوح منها رائحة الفساد والإبقاء على السياسة والآلية النقدية التي اعتمدت منذ مطلع التسعينيات والتي كانت السبب المباشر في إفقار اللبنانيين والسبب المباشر في الوصول الى الوضع الحالي.
في زمن التسويات الحكومية يبقى ناجي الفليطي الشاهد الأكبر على الجريمة البشعة التي ترتكب كل يوم على أيدي طبقة سياسية لم تتقن سوى الفنون الإستعراضية المؤلمة والمستفزة، والتي تستخف بعقول الناس غير آبهة بحقوقهم وبلقمة عيشهم ومستقبلهم ولا تخفي إنزعاجها من جيل الشباب الواعي الذي لن يقبل بعد اليوم بالخضوع لبطشها.