يعيش اللبنانيون أزمة معيشية خطرة، والحديث الذي كان يُهمس به في الصالونات بدأ يخرج إلى العلن، ليكشف فداحة المخاطرعلى مختلف المستويات الاقتصادية والمالية والاجتماعية.
كل المؤشرات تقول أننا ذاهبون إلى أزمة وجودية تشبه الى حد كبير المرحلة التي مر فيها لبنان خلال الحرب العالمية الأولى أو ما عرف حينها “بالمجاعة” وهذا يعني أن البلد يتجه إلى كارثة وانهيار كلّي إذا بقي الواقع على ما هو عليه إذا ما سارع المعنيون الى معالجة الأزمة الاقتصادية والنقدية التي لم يسبق أن وصلت إلى هذه الدرجة حتى خلال الحروب والعدوان “الإسرائيلي” على لبنان عام 2006.
لقد بدأت الأزمة تفتك بكل القطاعات الإنتاجية والخدماتية ويكفي أن نقوم بجولة على مناطق معروفة بنشاطها التجاري، في شوارع فرن الشباك والحمرا والأشرفية في بيروت، وأسواق الزلقا وجونيه وجبيل، الى جانب الأسواق المنتشرة في مناطق الجبل لتبيان فداحة الوضع الاقتصادي، فالعديد من المحال والمؤسسات التجارية أقفلت أبوابها، فيما تعاند مؤسسات أخرى وتواصل العمل ضمن شروط وإجراءات قاسية، إذ جرى تخفيض رواتب الموظفين وتسريح عدد كبير منهم، فيما الناس تختنق بين جشع التجار بزيادة الأسعار على السلع الإستهلاكية ومعاندة البعض على التمسك بنظام المحاصصة.
وتبقى عملية الإحتيال الأكبر من خلال نهب أموال اللبنانيين والتي بدأت بنقص في السيولة وتدهور سعر الليرة مقابل الدولار وإغراء المودعين من قبل بعض البنوك بفوائد مرتفعة وتهريب مليارات الدولارات الى الخارج لينتج عن ذلك أزمة في الإنتاج والاستهلاك وموجة بطالة كبرى في صفوف العمال والموظفين.
ولكن هل بات المطلوب إفقار اللبنانيين وجرهم الى الهجرة أو السرقة أو الإنتحار؟
فظاهرة السرقات أصبحت مستفحلة يوماً بعد يوم، ومواطنون يقدمون على إحراق أنفسهم، وآخرون يحاولون حالياً الحصول على ” فيزا” للخروج من البلاد، فيما يبقى ناجي الفليطي الذي أقدم على الإنتحار الشاهد الأكبرعلى نمط حياة اللبناني والآتي أعظم إذا لم تسارع السلطة المهترئة الى إتخاذ الإجراءات المطلوبة مع العلم أن وقف النزيف الحاصل ستكون كلفته عالية على الجميع في ظل ما يتحدث عنه الخبراء عن أزمة سيولة ستواجه اللبنانيين منتصف عام 2020.