كتبت صحيفة “الديار” تقول: على وقع التحولات “الدراماتيكية” في سوريا، انفجرت “القلوب المليانة” بين التيار الوطني الحر، والحزب التقدمي الاشتراكي في بيروت على نحو غير مسبوق، ما اعاد العلاقات بينهما الى ما قبل “تفاهمات” حادثة “قبرشمون”، واذا كانت الانتقادات اللاذعة من قبل مسؤولي القوات اللبنانية وفريق 14 آذار لوزير الخارجية جبران باسيل امرا معتادا في الاونة الاخيرة، فان “السقف العالي” من قبل “الاشتراكي” يطرح اكثر من علامة استفهام حيال توقيت هذا التصعيد خصوصا انه تقصد هذه المرة “كسر الجرة” مع “العهد”..
لكن اوساطاً وزارية بارزة تؤكد ان “عاصفة” الردود على وزير الخارجية لن تسقط الحكومة، ولن تمنع زيارته الى دمشق في الزمان المناسب، فيما عطلت “المزايدات” “الاصلاحية” بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر “ولادة” الموازنة بالامس على وقع توتر داخل الجلسة فشل في احتوائه رئيس الحكومة سعد الحريري الذي منح “ضوءا اخضر” لباسيل لزيارة سوريا، ولكن دون توريطه في ظل “تعطيل” اميركي- سعودي لاعادة سوريا الى الجامعة العربية..
جلسة حكومية “متوترة..
في هذا الوقت لم تنجح مساعي رئيس الحكومة سعد الحريري في ابقاء التوتر السياسي خارج مجلس الوزراء الذي لم ينجح بالامس باقرار موازنة 2020 بعدما عرقل التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية “التفاهمات” السابقة واصرا على ادخال تعديلات اصلاحية كان سبق واتفق على ابقائها خارج الموازنة، وعندما حصل نقاش حول امكانية زيادة الضريبة على القيمة المضافة رفض وزراء “القوات” “والتيار” الخوض بالنقاش دون اصلاحات في “متن” الموازنة، وهذا ما اثار “غضب” رئيس الحكومة الذي رفع الجلسة، فيما عبر وزير المال علي حسن خليل عن ”استيائه” بكلام متوتر قال فيه بعد الجلسة: نحن لسنا دولة، نحن بيت بغرف كثيرة، هناك من لا يتحمل مسؤولياته، نحن في واد والناس في واد آخر.. وقد اكد وزير الاعلام جمال الجراح بعد الجلسة ان هناك تلكؤاً في إقرار بعض البنود المتعلّقة بمشروع قانون الموازنة وهذا ينعكس سلباً ويؤخر اقرارها.. وستعقد جلسة الاربعاء لاستكمال النقاش..
وفقا لمصادر وزارية، اصر وزيرا الاشتراكي، وائل ابو فاعور، واكرم شهيب، ونائب رئيس الحكومة الوزير غسان حاصباني على مناقشة كلام الوزير باسيل حول سوريا في بداية الجلسة، وعندما توجه ابوفاعور بالكلام الى باسيل تعمد الاخير عدم الاستماع اليه وخاض نقاشا جانبيا مع الوزير محمد فنيش، وعندما طالب ابوفاعور برد من وزارء “التيار” رفض طلبه، وامتنع الوزراء عن الكلام، فتوجه وزير الصناعة الى الرئيس الحريري وطالبه بتسجيل هذا الرفض في محضر الجلسة، فرد رئيس الحكومة بالتاكيد على ان هذه الجلسة مخصصة فقط لنقاش الموازنة وليس اي شيء آخر.. وكان الرئيس الحريري قد اجرى محادثات ايجابية مع نقابة الافران، واعلن نقيبهم كاظم ابراهيم من السراي، تعليق الاضراب واضاف “رئيس الحكومة طلب منا مهلة 48 ساعة لحل الموضوع وكلنا ثقة به”.
“التيار” والاشتراكي” “تحت صفر”..؟
في هذا الوقت ذهب لقاء “اللقلوق” بين الوزير جبران باسيل والنائب تيمور جنبلاط “ادراج الرياح”، كما سقطت التفاهمات التي ارساها النائب السابق وليد جنبلاط مع رئيس الجمهورية ميشال عون في بيت الدين وانتقلت المواجهة بين التيار الوطني الحر والعهد والحزب الاشتراكي الى “الشارع”، ووفقا لاوساط “التيار” فان التوتر لدى الاشتراكيين اسبابه معروفة وله علاقة بالفشل بكل الرهانات الداخلية والخارجية، والان لا يريد من خسر رهاناته ”التواضع” “ودفع الثمن”.. في المقابل تشير اوساط “الاشتراكي” الى ان المشكلة مع العهد “والتيار” انهما لا يلتزمان بالمواثيق او العهود وثمة محاولة “لكم الافواه” واستهداف الحزب الاشتراكي ومحاولة التفرد بقرارات استراتيجية دون التوقف عند رأي شريحة كبيرة من اللبنانيين، ولذلك لم يعد بالامكان السكوت عما يحصل..
متى يزور باسيل دمشق؟
ووفقا لتلك الاوساط، يتم دراسة موعد زيارة باسيل بدقة متناهية لتتلاءم مع الظروف الداخلية السورية حيث تنشغل القيادة في دمشق بمعالجة آثار العدوان التركي على اراضيها، فيما يستعد الجيش الاميركي للانسحاب في تحول ”دراماتيكي” سيترك تأثيراته المباشرة على لبنان والمنطقة.. وفي هذا السياق ينتظر رئيس التيار الوطني الحر في ”قصر بسترس” وليس في “ميرنا الشالوحي” تحديد جدول مواعيده في العاصمة السورية عندما يصبح المسؤولون هناك جاهزين لبحث ملف العلاقات الثنائية على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية وليس فقط ملف النزوح…
ما هو موقف سوريا؟
ووفقا لزوار العاصمة السورية، فان دمشق لا تبالي بكل “الصراخ” الدائر في بيروت “والمناوشات” الكلامية بين المسؤولين اللبنانيين، وهي ستستقبل باسيل بصفته وزيرا لخارجية لبنان، وليست معنية بحالة “انفصام الشخصية” الذي تعاني منه بعض القيادات اللبنانية، واذا كانت هذه الزيارة قد تأخرت عن موعدها المفترض، الا ان ثمة تفهماً يشوبه بعض “العتب” في العاصمة السورية، حيال تعقيدات الوضع اللبناني المتصلة ايضا بالمناخات الاقليمية والدولية التي فرضت على البعض “التريث” في المبادرة او التردد في الاقدام على خطوات ضرورية لاعادة العلاقات الى سابق عهدها..
“الضوء الاخضر” من الحريري؟
وفي هذا السياق، يبدو ان كل الاطراف اللبنانية الحليفة والمعادية للنظام السوري باتت تدرك اليوم ان ملف الازمة السورية وضع على “نار حامية”، وقد لمس رئيس الحكومة سعد الحريري هذا الامر خلال زياراته الى الامارات العربية المتحدة حيث تم التداول بكيفية الاستفادة من موقع لبنان لتسهيل المشاركة في الاستثمار في سوريا، وهذا ما يفسر “الضوء الاخضر” الذي منحه رئيس الحكومة لباسيل للقيام برحلته السورية عبر بيان “ملتبس” في عباراته واضح في مقاصده لجهة ايكال هذا الدور لوزير الخارجية على ان يستفيد الجميع في وقت لاحق من المردود السياسي والاقتصادي، ولهذا لم يصوب بيان رئاسة الحكومة على اعلان باسيل عزمه على زيارة سوريا، بل “فتح” نقاش حول من اخرج الجيش السوري من لبنان، بعدما نسب رئيس التيار الوطني الحر لتياره السياسي الفضل في اعادة هذا الجيش الى بلاده ..
تشكيل لجنة لاعادة الاعمار..!
ووفقا لاوساط وزارية بارزة، لا يأتي “فتح” ملف العلاقات مع سوريا دون مقدمات موضوعية، فالاجواء في الجامعة العربية باتت مهيئة اكثر من اي وقت مضى لاعادة النظر في الملف السوري، حيث تلعب مصر والعراق دورا محوريا في “تعبيد الطريق” امام هذه العودة، كما بدا القرار الاميركي بالتسليم بالدور الروسي – الايراني يترجم على ارض الواقع في الشمال السوري، وهذه المعطيات يدركها المسؤولون اللبنانيون جيدا، لكن الاهم بالنسبة اليهم هو ”سريان” معلومات موثوقة عن تشكيل لجنة لبنانية – سورية تضم من الجانب اللبناني شخصيات مقربة من دمشق دورها سيكون دراسة ملفات الشركات والافراد الذين يرغبون مستقبلا بالمشاركة في عملية اعادة الاعمار…
“فيزا” من حارة حريك..؟
وفي هذا السياق سمع بعض زوار العاصمة دمشق كلاما واضحا يشير الى ان التجربة السورية مع البعض في لبنان كانت مريرة خلال سنوات الحرب، وكان حياد البعض اشد ايلاما مع عدائية الاخرين، بينما هناك من دفع دماً للدفاع عن سوريا وشعبها، ولذلك من يريد الذهاب الى دمشق في المستقبل عليه ان يحصل على “فيزا” من “حارة حريك”…