يؤكد ارسلان لـ«الجمهورية» أنه مستعدٌ لإبداء المرونة، إنما تحت سقف إحالة جريمة قبرشمون الى المجلس العدلي، قائلاً: «مسألةُ الإحالة خطٌّ أحمر، والتراجعُ عنها غيرُ وارد بالنسبة إليّ. هذا أمر ليس قابلاً للتفاوض.. يا لطيف، مش ممكن».
ويشير الى أنّ البعضَ يتّخذ موقفاً سلبياً من رفع القضية الى المجلس العدلي بينما هو يجهل أو يتجاهل دورَه، شارحاً آليةَ عمله قائلاً: «مجلس الوزراء يحيل الملف الى المجلس العدلي الذي يُعيّن محققاً عدليّاً له صفة النيابات العامة، وتتبع له كل الأجهزة الأمنية، ثم يستمع هذا المحقق الى المطلوبين والمتهَمين والشهود وكل مَن يجب الإستماع اليه، ليتكوّنَ لديه في نهاية المطاف ملفٌّ متكامل، يُصدر على أساسه القرارَ الظني ويحيله الى المرجع القضائي المختص للإدعاء، وبالتالي فإنّ هذا المسار يُبيّن أنّ المجلس العدلي يضمن تحقيق العدالة المطلوبة بعد إجراء التحقيقات اللازمة، خصوصاً أنه محصَّنٌ ضد الضغوط والتدخلات السياسية.
ويدعو مَن يرفض إحالة حادثة قبرشمون الى التدقيق في إختصاصات المجلس العدلي التي تشمل الفتنة والجرائم التي تنال من الوحدة الوطنية أو تُعكّر الصفاءَ بين عناصر الأُمّة، وجرائم الأسلحة والذخائر، وترؤُس عصابة مسلّحة، والإعتداء أو محاولة الاعتداء التي تستهدف إثارة الحرب الأهلية أو الاقتتال الطائفي، متسائلاً: «ألا تنطبق هذه الشروط أو المقاييس على ما جرى في قبرشمون؟
ويضيف: «ما يهمني من مطلب الإحالة الى المجلس العدلي هو تأكيد التوصيف الجرمي، الذي يحاول النائب السابق وليد جنبلاط التخفيف منه عبر إنكاره واقعة الكمين وتقزيمها الى حدود الإشكال، في محاولة منه للهروب الى الأمام، ولكن إذا لم يكن إطلاق نحو 19 رصاصة على سيارة وزير وإستشهاد اثنين من مرافقيه يشكل محاولة اغتيال، فماذا يكون ذلك؟».
ويلفت ارسلان الى «أن ليست لدى الرئيسين ميشال عون ونبيه بري مشكلة في رفع القضية الى المجلس العدلي، أما الرئيس سعد الحريري فهو ليس ضد ولا مع، وما يهمه عدم تفجير مجلس الوزراء من الداخل، والوصول الى تفاهم مسبَق خارجه».
ويتابع إرسلان: «لا نريد من خلال الإحتكام الى المجلس العدلي زجّ وليد جنبلاط في السجن، بل حماية هيبة الدولة، ليس فقط لمواجهة تداعيات جريمة قبرشمون، وإنما لتحصين مستقبل لبنان والجبل». ويتساءل: «هل من الطبيعي أن يذهب وزيرُ التربية الى واجب تعزية والمسدس على خصره، وهل من الجائز أن نصبح نحن مضطرّين الى التجوّل في الجبل ضمن مواكب كبيرة لتأمين الحماية.. وحدها جدّية الدولة وهيبتها تحققان الأمن المطلوب».
وينبّه إرسلان الى «أن ما حصل في قبرشمون من إستباحة هو إمتداد لمسار طويل، إذ هم إعتبروا أنّ مفتاح حاصبيا معهم رداً على زيارة الرئيس سعد الحريري اليها قبل الانتخابات، ثم عاودوا الكرّة حين زار وزير الصحة جميل جبق راشيا وجال الوزير جبران باسيل على الجبل».
وعندما يقال له إنه لا يجوز أن تبقى الحكومة مشلولة بسبب الخلاف حول المجلس العدلي، فيما لبنان يواجه المخاطر الاقتصادية والمالية التي تتطلب استنفار الدولة وليس تعطيلها، يردّ ارسلان: «يا جماعة، هناك دم على الأرض، وشبح الفتنة يحوم حولنا.. ثم إنّ تعزيز الاقتصاد والاستثمار يحتاج الى أمن وقضاء، والدليل أنّ سبعة مهرجانات سياحية أُلغيت في الشوف وعاليه بعد الحادثة، وبالتالي كيف للسائح أن يأتي الينا إذا لم يشعر أنّ هناك أمناً مستتبّاً وقضاءً عادلاً».
ويرفض ارسلان عقد جلسة لمجلس الوزراء، «لا يكون جدول أعمالها متضمّناً بندَ المجلس العدلي»، داعياً الى «حسم مسألة الإحالة إما بالتوافق وإما بالتصويت».
ولكن.. ماذا لو خسرتم في التصويت؟
يُجيب ارسلان جازماً «أنّ هذا الاحتمال غير ممكن»، وقائلاً: مَن يستطيع أن يحمل على عاتقه الدم الدرزي.. الرؤساء أم الوزراء، أم مَن؟».
وماذا لو استقال عندها وزيرا الحزب التقدمي الاشتراكي؟
يجيب إرسلان: «حينها يتم تعيين وزيرين درزيّين مكانهما، علماً أننا نحن أيضاً نعرف أن نستقيل إذا اقتضى الأمر. لا تلعبوا معنا هذه اللعبة».. ويؤكد إرسلان أنّ الوزير صالح الغريب «سيحضر أيّ جلسة لمجلس الوزراء، تتم الدعوة اليها، وهو لن يذهب ليتمشى، بل ليواجه ويتّخذ الموقف المناسب، على قاعدة التمسك بخيار المجلس العدلي».
وهل انت مستعدّ لتسليم المطلوبين الذين يتبعون لك؟
يعترض ارسلان على التصنيف المتداوَل، مؤكداً «أنّ المرافقين الذين كانوا مع الوزير الغريب هم شهود ولا أقبل اعتبارهم مطلوبين»، لافتاً الى «أنّ هؤلاء أدّوا واجبهم في حماية الوزير وفتح الطريق التي أُقفِلَت امام موكبه، وكانوا في موقع الدفاع عن النفس، وبالتالي لا أُمانع في الإستماع اليهم كشهود، إنما لا يوجد عندي مطلوبون، وليس هناك أيّ إسم مطروح من خارج الموكب، حتى يجري تصنيفُه مطلوباً».
ويدعو ارسلان رئيسَ الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى «التحسّس بالمسؤولية والموافقة على اعتماد مسار المجلس العدلي، إذا كان لا يوجد ما يريد أن يخفيه»، مستبعداً «أن يكون جنبلاط شخصياً متورطاً في حادثة قبرشمون، إنما أحد نواب كتلته متورّط حتى أذنيه».
المصدر: عماد مرمل – الجمهورية
**