يُنتظر ان يشهد الاسبوع الجاري الولادة الحكومية لمشروع هذه الموازنة، ويُفترض ان تكون الجلسة المقرّرة اليوم لمجلس الوزراء الاخيرة ضمن مسلسل الجلسات التي عُقدت وتُعقد لدرس هذه الموازنة وإقرارها وإخراجها في الصيغة التي تتلاءم مع توجّه الحكومة الى خفض العجز الى ما دون 9% من الناتج المحلي.
على انّ اللافت، انّ درس الموازنة في مجلس الوزراء، يجري بالتوازي مع تسخين الحركة النقابية والعمالية لتحرّكاتها المطلبية وخطواتها الاعتراضية على مشروع الموازنة، وما تضمنته من إجراءات تخفيضية طاولت الرواتب وملحقاتها.
وكانت هيئة التنسيق النقابية قد دعت الى مواكبة مقررات جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت مساء أمس، وطلبت من الأساتذة والمعلمين والموظفين والمتقاعدين البقاء على الجهوزية التامّة للتحرّكات التصاعدية التي ستعلن في حينها إضراباً واعتصاماً وتظاهراً، وصولاً الى الإضراب المفتوح والخيارات الموجعة.
في وقت، يستعد العسكريون المتقاعدون، الذين كانوا تحرّكوا بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء السابقة وأحرقوا الإطارات وقطعوا الطرق لتصعيد تحرّكهم الاعتراضي، مع التلويح بخطوات شديدة السلبية، ليس أقلّها قطع الطرق ومنع النواب من الوصول الى ساحة النجمة.
الى ذلك، أعربت مصادر اقتصادية عن ارتياحها الى بلوغ الموازنة المراحل النهائية من الدرس في مجلس الوزراء، واقتراب إحالتها الى مجلس النواب. وقالت لـ«الجمهورية»، إنّ «من شأن ذلك، ان يبعث مزيداً من الاطمئنان في المجال الاقتصادي عموماً. واذا كانت هناك اعتراضات على ما تضمنته من خطوات صعبة تتمثل بالتخفيضات التي طاولت بعض القطاعات، فإنّ ذلك كان شراً لا بدّ منه، كون الوضع الاقتصادي والمالي يُرثى له. إلاّ انّ هذا الامر يوجب على الحكومة ان لا تكتفي بهذا الإجراء، بل يفترض ان تبادر سريعاً الى إجراءات تعويضية سواء بالنسبة الى الموظفين خصوصاً، وإجراءات إنعاشية للوضع الاقتصادي عموماً».
وعن هذا الموضوع، قال خبير اقتصادي لـ«الجمهورية»: «واضح انّ الموازنة ستنتهي الى نسبة عجز اقل مما كانت عليه حالياً 11,5%، اي الى 8.8% من الناتج المحلي، وهو أمر جيد بالنسبة الى الحكومة، ومن شأن ذلك ان يعطي إشارة ايجابية الى جدّية الحكومة اللبنانية في خفض العجز، والإيفاء بالتزاماتها وتعهداتها، خصوصاً تلك المتعلقة بمؤتمر «سيدر». إلاّ انّ ذلك ليس كافياً على الاطلاق. فالحكومة حالياً، مهزوزة الثقة بها لدى الموظفين والمتقاعدين وكل الطبقات التي تعرّضت رواتبها للحسم، ولو بنسب معينة.
ولذلك أمام هذه الحكومة امتحان صعب هو ان تستعيد ثقة المواطن اللبناني بها، وهذا يكون في مبادرتها الى إعلان حال طوارىء اقتصادية، وإصلاحية في آن معاً، تدخل من خلالها في حرب جدّية ضد الفساد، وليس في حرب إعلامية تُدار بالمزايدات والاستفزازات».
وكان مجلس الوزراء أنعقد في السراي الحكومي مساء أمس برئاسة الرئيس سعد الحريري لاستكمال درس مشروع الموازنة، وإستهلت الجلسة بالوقوف دقيقة صمت حداداً على البطريرك صفير.
وتزامنت الجلسة مع تحركات مطلبية في الشارع، إذ بدأ العسكريون المتقاعدون اعتصاماً أمام مصرف لبنان مطالبين بسحب المواد التي تضر بحقوقهم من مشروع موازنة 2019 وايداعها لجنة متخصصة ضمن وزارة الدفاع. فيما أقفلت مجموعة من «المجتمع المدني» المداخل المؤدية الى السراي الحكومي أمام الوزراء المتوجهين اليه للحؤول دون حضورهم جلسة مجلس الوزراء، ما ادى الى وقوع إشكال بين عناصر قوى الأمن الداخلي وعدد من المتظاهرين الذين رفضوا الابتعاد عن مدخل السراي.
وقد انتهت الجلسة قرابة الثانية فجر اليوم، على أن يعود المجلس الى الاجتماع اليوم، ثم غداً، لاستكمال درس الموازنة . وعلمت «الجمهورية» ان المجلس قرر في الجلسة خفض 15 في المئة من موازنات المؤسسات العامة.
**
الحسن