حينما اندلعت الاشتباكات في سوريا عام 2011 ودخلت البلاد في موجة من العنف والتقاتل الداخلي، بدأ العد العكسي لبيع القدس لاسرائيل والاستفراد بالفلسطينيين وتشريع الاحتلال الاسرائيلي في الجولان وخطوات اخرى ستظهر في المدى القريب كتحويل سيناء ارضاً للفلسطينيين وتوطينهم في لبنان وفي البلدان العربية المتواجدين فيها. لم يعد خافياً على احد ان ما تعرضت له سوريا هو مؤامرة دولية اميركية اسرائيلية، فليس من قبيل الصدفة ان يحدث ما حدث للعالم العربي منذ ان انهمكت سوريا في حرب داخلية اشعلتها واشنطن وتل ابيب واججتها انقرة عبر فتح حدودها للمتطرفين ومولتها بعض من الدول الخليجية.
اليوم، تستعيد سوريا شيئاً فشيئاً عافيتها، والاقتتال تراجع بنسبة كبيرة، وتمكن نظام الاسد من الصمود والبقاء في السلطة، وتقلصت قوة المعارضة السورية، اما الجامعة العربية فتواصل تعليق عضوية سوريا وكأن العرب لم يكتفوا بسياسة الرضوخ لواشنطن واملاءاتها بل باتوا يزايدون عليها في تطويق اي دولة عربية ترفض الهيمنة الاميركية. بات بعض القادة العرب اقرب الى التطبيع العلني مع اسرائيل اكثر من التقرب من سوريا مجدداً ونقول التطبيع العلني لان عدة دول خليجية على علاقة جيدة مع تل ابيب سواء سياسياً او اقتصادياً، ولكن المجاهرة بالعلاقة مع اسرائيل تثير ردة فعل شعبية معارضة ولذلك يلجأ بعض القادة الى دراية الموقف.
والمضحك في الامر، ان بعض رؤساء العرب يشترطون عودة سوريا الى الحضن العربي، ولكن عن اي عروبة يتكلمون وهم صمتوا على اعطاء الولايات المتحدة القدس لاسرائيل واكتفوا باستنكار خجول لشرعنة الاحتلال الاسرائيلي في الجولان؟ عن اي عروبة يتكلمون وبعض رؤساء العرب سهل اتمام صفقة القرن التي هي اخطر صفقة على الشعب العربي؟ عن اي عروبة يتكلمون وهم تواطؤا مع الادارة الاميركية في اعلان القدس عاصمة لاسرائيل وفي طمس اي انتفاضة فلسطينية ضد العدو؟
لم تستدع اي دولة عربية السفير الاميركي لديها للاعتراض على قرار ترامب ضم الجولان لاسرائيل. كل ما رأيناه وسمعناه هو بيان يستنكر القرار الاميركي ولكن دون اي موقف فعلي يترجم على ارض الواقع. حتى موقف مسرحي لم تتخذه اي دولة عربية من الادارة الاميركية سواء حيال القدس ام الجولان، كل ما في الامر بيانات وتنديد وكلام بكلام.
من هنا، يبدو ان دولاً عربية ابقت على كل شيء الا على عروبتها وارتضت ان تسير في الخطة الاميركية المرجوة للمنطقة وما هو استبعاد سوريا الا دليل واثبات على ان المخطط الرامي الى تعزيز موقع اسرائيل على حساب اراض عربية مستمر. فالى متى استبعاد سوريا عن الجامعة العربية؟ الجواب في اروقة الادارة الاميركية.
المصدر: نور نعمة – الديار
**