ليس وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب، هو اول وزير يزور سوريا ويلتقي مسؤولين فيها، فقد سبقه اليها وزراء في الحكومة السابقة برئاسة سعد الحريري، وهم: غازي زعيتر، حسين الحاج حسن، يوسف فنيانوس، اضافة الى زيارات كان يقوم بها وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول مكلفاً من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لنقل رسائل الى الرئيس السوري بشار الاسد ولو بعيداً عن الاعلام حيث اكد رفول حصولها.
فالعلاقة مع سوريا ونظام رئيسها بشار الاسد، هي نقطة خلاف لبنانية داخلية، تصاعدت مع بدء الازامة السورية، وانقسام القوى السياسة اللبنانية بين مؤيد للنظام سياسياً، وقاتل الى جانبه «كحزب الله»، وفريق معاد له ودعم ما سمي «ثورة سورية» بالمال والسلاح والاعلام والموقف السياسي، وقد تمكنت المجموعات اللبنانية، من تنظيم الخلاف حول سوريا، و«ربط نزاع» لجأ اليه الحريري وقبوله مشاركة حزب الله في الحكومة التي تتذرع بـ«النأي بالنفس»، وهو الشعار الذي لا يفيد تبنيه بمعادلة موضوع عودة النازحين السوريين.
تقول مصادر حزبية حليفة لسوريا، التي لا بد من التواصل معها، لا سيما، وان «معاهدة اخوة وتعاون وتنسيق تربط البلدين»، واقرت من قبل مؤسسات الدولتين، ونتج عنها انشاء المجلس الاعلى اللبناني السوري، وهو ترجمة لما نص عليه اتفاق الطائف حول «العلاقة المميزة مع سوريا».
وزيارة الوزير الغريب الى سوريا، تقع ضمن هذه العلاقة الاخوية، والتي لا ترتبط بنظام سياسي، بل بواقع الجغرافيا والتاريخ والدورة الاقتصادية الواحدة، والامن القومي المشترك، تقول المصادر التي تشير الى ان المسألة السياسية تؤثر على العلاقات بين الدول، ففي لبنان يوجد حلفاء لاميركا ومعادون لها، كما حلفاء للسعودية وخصوماً لها، وكذلك لايران ودول اخرى، الا ان ما يحكم علاقات الدول هي مصالحها، وفي السياسة لا توجد عداوة دائمة ولا صداقة دائمة، فرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي يمثل رأس حربة ضد النظام السوري، وهو ما فعله في العام 2005، عاد فزار سوريا في العام 2009، وكذلك فعل الرئيس الحريري، وقبلهما العماد ميشال عون، الذي كان أشد المطالبين بانسحاب القوات السورية، وعندما حصل ذلك، مد يد الصداقة مع سوريا وزارها وحل ضيفاً على رئيسها.
وما قام به الوزير الغريب من زيارة الى سوريا، كان من ضمن قناعة وواقعية سياسية، عن ضرورة ان تعود العلاقات معها الى طبيعتها، وهو ما تفعله دول شاركت في الحرب عليها، حيث يقول الوزير الغريب لـ «الديار» بان ز يارته ليست رسمية الى سوريا، لان قرارها يصدر عن مجلس الوزراء، الذي سيجتمع غداً في اول جلسة له بعد نيل الحكومة الثقة، وقد وضعت رئيس الحكومة باجواء الزيارة، لانني انا وزير لوزارة تعنى بشؤون النازحين، بما يعني ليس رعايتهم فقط، وقام لبنان بواجبه تجاههم، بل وضع آلية عملية حول عودتهم الآمنة، وهذا ما ورد في البيان الوزاري.
ويضع الوزير الغريب زيارته في اطار التعارف على وزير الادارة المحلية حسين مخلوف المعني بالمناطق التي سيعود اليها النازحون، ولاستطلاع رأيه في ذلك، وعرض ما يمكن عمله بشأن عودة كريمة وآمنة، وقد بدأ الامن العام تنظيم رحلات العودة لمن يرغب من النازحين، منذ نحو عامين، وبتنسيق مع السلطات السورية.
وقد لمس وزير شؤون النازحين، جدية من الوزير مخلوف، بعودة النازحين، وقد عبّر عن ذلك الرئيس السوري بشار الاسد في خطابه الاخير امام الادارات المحلية المنتخبة، وحمّل مسؤولية عدم عودتهم الى الدول التي لا تريد الاستقرار في سوريا.
وهل سيعرض زيارته الى سوريا امام اول جلسة لمجلس الوزراء، يقول الغريب، انه قد يقوم بذلك، وفق اجواء الجلسة، وهو لم يذهب الى دمشق متستراً، بل امام الاعلام وكوزير في الحكومة، وليس بصفتي الشخصية، ولان الحقيبة التي احملها، تفرض علي التواصل واجراء اللقاءات مع مسؤولين سوريين، وهذا امر بديهي، طالما يصب العمل في مصلحة لبنان، الذي يعاني من عبء النزوح السوري، والحكم هو على النتائج.
وكان الغريب التقى امس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا، الذي اطلعه على نتائج الزيارة التي قام بها لدمشق امس والمواضيع التي بحثها مع المسؤولين السوريين الذين التقاهم.
وبعد اللقاء، صرح الغريب للصحافيين: «زرنا الرئيس عون لوضعه في أجواء زيارتنا أمس الاول لسوريا. وكانت هناك مقاربة ايجابية للموضوع من جوانبه كافة. وفي المناسبة، اقول اننا بدأنا نسمع اصواتا، ونأمل لو لمرة واحدة ان نجمع كلبنانيين على ملف وطني وحساس ودقيق بهذا الحجم، إذ ان الامور لم تعد تحتمل. واننا ندعو مجددا كما دعونا في السابق الى اخراج ملف النازحين من التجاذبات السياسية لما يشكله من ضغوط اقتصادية ومالية وامنية على الوطن برمته».
سئل: كيف كانت زيارتكم لسوريا، وهل لمستم ايجابية في هذا الملف؟
اجاب: «لمسنا ايجابية مهمة جدا وامكانا لتقديم تسهيلات كبيرة بمقاربتهم لهذا الموضوع».
كما اجتمع الغريب عصرا، برئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في السراي الحكومي، في حضور الوزير السابق غطاس خوري.
بعد اللقاء، قال الغريب: «وضعت الحريري في أجواء الزيارة التي قمت بها الى سوريا. دعونا، وسنظل ندعو لإخراج هذا الملف من التجاذبات السياسية، وأقلها أن ملفا بهذه الحساسية يستحق منا جميعا كلبنانيين، أن تكون لدينا مقاربة تأخذ بالاعتبار مصلحة لبنان أولا».
سئل: حصل لغط بشأن ما إذا كنتم بالفعل قد وضعتم الحريري في أجواء زيارتكم إلى سوريا أم لا، فما الذي حصل؟، أجاب: «ما هو بيننا وبين الحريري يبقى بيننا».
وسئل: ألم تخالف قرار عدم زيارة أي وزير لبناني إلى سوريا من دون وضع رئيس الحكومة في جوها؟
أجاب: «دولة الرئيس عودنا دائما أن يأخذ مصلحة لبنان أولا، وهو يقارب جميع المواضيع، من ملف النازحين وغيره، بكثير من الإيجابية، آخذا بالاعتبار مصلحة لبنان أولا».
سئل: ماذا سمعت من الجانب السوري بخصوص ملف النازحين؟، أجاب: «كانوا إيجابيين، وقد أبدوا الكثير من الرغبة بتقديم تسهيلات كثيرة، آمل أن تترجم بوضع ورقة في وقت قريب».
المصدر : جريدة الديار – كمال ذبيان
**