بلغت الأزمة الاجتماعية ذروتها في الآونة الأخيرة بطرابلس، بحيث بات للاعتصامات أوجه مختلفة ابرزها مشهد المواطن فادي رعد الذي قرر التعبير عن أوجاعه بطريقته الخاصة فعمد الى خياطة فمه متخذا من ساحة النور ملجأ لإعلان إضرابه عن الطعام والشراب.
ثلاثة أيام مضت على إضراب فادي لكن احدا من السياسيين لم يفكر في الوقوف على خاطر هذا المواطن الذي اعتبر ان قضيته تعني كل طرابلسي يشكو الجوع والفقر والعوز والألم، لافتا الى ان الطبقة السياسية أسهمت في سياسة التجويع اضافة الى انها جردت الفقراء من كرامتهم حتى وصل الحال بهم الى مد يد المساعدة من سياسيي المدينة تارة من اجل فاتورة استشفاء وتارة أخرى من اجل حفنة من المال.
مضت ثلاثة ايام على اعتصام فادي رعد في ساحة النور يشكو ألمه ووجعه وكثيرون متضامنون معه، ورغم حملة التضامن الشعبية الواسعة الا ان فادي لم يفك إضرابه بعد بل عمد يوم امس الى جر جسمه الضعيف متنقلا من الرصيف ليتمدد وسط الطريق عند مستديرة عبد الحميد كرامي متحديا هواء الشتاء القارس الامر الذي ادى الى لفت أنظار كل المارة فحاول كثيرون رفعه عن الطريق لكن محاولاتهم باءت بالفشل خصوصا ان فادي اكد لهم ان ما يفعله هو من اجل استعادة كرامة الطرابلسيين التي فقدت على ابواب وادراج السياسيين.
قصة فادي رعد تحمل في طياتها آلاف القصص المتغلغلة في المجتمع الطرابلسي فحالة فادي وصلت الى حد ما عاد لأي إنسان من طاقة على تحملها، ففي لقاء مع الديار اوضح انه يشكو منذ فترة من البطالة بسبب الملاحقة اليومية لسيارته العاملة على نقل الركاب، ويشير الى ان المخالفات في المدينة تكاد لا تحصى متسائلا لماذا «نحن الفقراء دائما نتعرض للملاحقة وفرض دفع الغرامات؟ بينما هناك عشرات المخالفين يصولون ويجولون في المدينة دون حسيب او رقيب، هل باتت المدينة قسمين قسم ابن الست وقسم ابن الجارية؟»…
ويشرح فادي أسباب تخييط فمه عن الطعام والشراب بالقول «منذ فترة لا اجد عملا أعيش وولدي الاثنين منه، علما انه بسبب ظروفي الاقتصادية انفصلت عن زوجتي لكن مسؤوليتي كأب مستمرة وأحزن كثيرا عندما لا يتوافر معي الف ليرة واحدة اعطيها لولدي في وقت أعيش في غرفة مطلة على البحر تفتقد ادنى مقومات الحياة، وحالتي هذه لا يمكن ايجاد حل لها الا بمؤازرة الدولة اللبنانية بمد يدها الى الفقراء ومساعدتهم وعدم تركهم اذلاء على أبواب السياسيين»..
وقال فادي ان له مطلباً وحيداً هو سحب الجنسية اللبنانية منه واللجوء الى اي دولة ترعى مواطنيها وتقف الى جانب الفقراء، اما بالنسبة للبنان فهذا وطن الأغنياء والتجار والطبقة السياسية اما باقي المواطنين فكتب عليهم الموت على أبواب المستشفيات. واكد فادي ان إضرابه اليوم هو من اجل كل فقراء المدينة.
ليست حالة فادي رعد سوى نموذج لمئات الحالات في مدينة عرفت انها مدينة العلم والعلماء فاذا بها اليوم مدينة الفقراء والمحتاجين فيها من يقيم بابراج عاجية لا يتحسس حالات الجوع ..وحيث مئات العائلات لا تملك قدرة الطبابة والاستشفاء وحيث لا كرامة للشيخوخة وموت مستمر عند اعتاب المستشفيات.
يقف فادي رعد ويتحلق حوله متضامنون يعربون عن موافقتهم للشعارات التي رفعها من مطالبة بعدالة ورعاية الدولة لمواطنيها وتأمين فرص عمل ووقف الهدر والفساد ولقمة عيش كريم للفقير والكف عن ملاحقة الفقراء في تأمين لقمة عيشهم …
عدد كبير من المواطنين آزروا فادي في انتفاضته علها تكبر ككرة ثلج لتتحول الى ثورة شعبية تحقق العدالة للجميع وتؤمن طبابة مجانية ودواء واستشفاء برعاية الدولة.
يأسف فادي حين زاره وفد من «هيئة حقوق الانسان» ليقف الوفد امامه معربا عن عجزه لفعل شيء، متسائلا لعل الحيوان في لبنان يحظى برعاية اكثر من الانسان…
مشهد يختزل مآسي المواطنين والعائلات لكن على من تقرأ مزاميرك يا «فادي»؟؟؟
نواب لم يشعروا بما آلت اليه اوضاع الناس وليس من مسؤول يسأل والانفجار بات يقترب.. فهل من يتحرك ويعالج؟؟؟
المصدر: الديار – دموع الاسمر
**