إنهيارات، فيضانات، وسيول بالجملة تجتاح لبنان من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب مروراً بالبقاعين. في ما يخصّ العاصفة “نورما” أو حتى سواها فهذا ليس بالجديد علينا، فنحن في فصل الشتاء ومن البديهي جداً أن يكون هذا الفصل مصحوباً بالعواصف العاتية، الأمطار الغزيرة وحتماً بالثلوج على الجبال، لا بل هذا الطقس ينتظره اللبنانيون عادة لما يحمله من خيرٍ وبركة بعد صيفٍ حارٍّ وجاف.
لكن للأسف وكمعظم الأحداث في لبنان فكلّ نعمة تتحول إلى نقمة، فتحول الأوتوستراد الساحلي إلى مستنقع من المياه والوحول حيث غرقت سيارات وعجزت أخرى عن إكمال طريقها فعلقت كلها في زحمة سير خانقة، هذا المشهد حصل على أوتستراد ضبية وفي “عزّ” ساعة الذروة للموظفين الخارجين من بيروت. ضبية ليست المنطقة الوحيدة التي حلّت فيها المصائب والفضائح “المميتة” فانضم حيّ السلّم، جسر الكولا، أنطلياس، قلعة المسيلحة، عكار، بعبدا، نهر الليطاني، برالياس ، نهر ابراهيم، بقسطا، مرجعيون، صور، صيدا، العاقبية، القاسمية، صيدا، ذوق مصبح والبقاع.
ما شهدته طرقات لبنان الرئيسية والفرعية البارحة واليوم وجسوره لا يدلّ إلا على واقع واحد لا ثاني له وهو إهتراء البنى التحتية على مساحة الوطن وعدم جهوزيتها لاستيعاب أي حالة طارئة أو كارثة طبيعية. كما هو ناتج عن غياب سياسات تحسين البنى التحتية والإستثمارات الكبيرة في هذا المجال التي لم نشهدها بعد الحرب الأهلية اللبنانية… مليارات الدولارات هُدرت في الموازنات السابقة أين؟ وكيف؟ لا نعلم. هذا التهالك في البنى التحتية زاده “بلّة” حلول لبنان في المرتبة 113 من بين 137 بلداً لناحية جاهزية بناه التحتية وفق تقرير التنافسية العالمية لعام 2018. فما الذي ينتظره حضرة المسؤولين لترميم هذه البنى؟
تقاس تحضر الدول ومدى تقدمها باهتمامها بالبنية التحتية ، حيث تعتبر العمود الفقري والعامل الأساسي الذي تعتمد عليه الاستثمارات والمشاريع الكبرى التي تساهم في تنمية المجتمع وتوفير مناخ صحي وآمن للفرد والمجتمع. وللبنية التحتية فوائد عديدة في الاقتصاد: حيث انها تعد من أهم المقومات لجميع مساعي الحياة السياسة والاقتصادية والاجتماعية وفي غيابها لا يمكن تحقيق رفاهية أو تطور في المجتمع واقتصاده الا بدونها. ولا يوجد أى سبيل للتنمية الاقتصادية إلا من خلال الاهتمام بالبنية التحتية وخاصة بدعمها لها في حالات الأزمات والعوائق التي تواجه المشاريع ، كما أن الأرباح التي تنتجها البنية تساهم في المزيد من التنمية الاقتصادية .
كل هذه المصائب التي حلّت علينا من أول عاصفة سجّلت ضد “مجهول” ومن منّا لا يعرف هذا المجهول المسؤول عن كل إهمال وهدر في حقّ شعب “عايش على البهدلة” !!
المصدر: الديار- راف سعادة
**