اختتمت اليوم في مدينة المنامة في البحرين، أعمال المؤتمر الإسلامي الإستثنائي لوزراء الثقافة، الذي عقدته المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة -إيسيسكو- بالتعاون مع هيئة البحرين للثقافة والآثار في مملكة البحرين وبالتنسيق مع منظمة التعاون الاسلامي، برعاية الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وفي هذا الإطار، اعتمد المؤتمر (برنامج العمل بشأن تعزيز الدعم الإسلامي والدولي للحفاظ على التراث الحضاري والثقافي في القدس الشريف)، ودعا جهات الاختصاص في الدول الأعضاء “إلى اتخاذ إجراءات عملية لتتضمن السياسات والخطط الثقافية الوطنية وفق الموارد المتاحة لها، البرامج الكفيلة بالإسهام في تفعيل برنامج العمل هذا، وخصوصا الأنشطة الهادفة إلى التعريف بالتراث الحضاري والثقافي للقدس الشريف المادي وغير المادي، وتعميق الوعي بشأنه، باعتباره أحد أهم منارات التاريخ الإيماني للانسانية جمعاء، الذي يتوجب حمايته والمحافظة عليه، والتصدي لكل ما يتعرض له من انتهاكات وتجاوزات وحفريات غير قانونية، يتمادى في القيام بها الاحتلال الإسرائيلي لطمس معالمه وأسرلتها (تهويدها)”.
كذلك، اعتمد المؤتمرالقدس الشريف عاصمة دائمة للثقافة الإسلامية، وحث الجهات المانحة والمتخصصة “على تعزيز الدعم الإسلامي والدولي لتفعيل برنامج العمل وإنجاز مشاريعه للحفاظ على التراث الحضاري والثقافي في القدس الشريف”. وأكد “ضرورة تعزيز التعاون مع جهة الاختصاص في دولة فلسطين، لتقديم مزيد من الدعم المالي والفني لترميم معالم التراث المقدسي وتوثيق عناصره اللامادية، وتنظيم أسابيع ثقافية وفنية للتعريف بها، وتوأمة عواصم الثقافة الإسلامية المحتفى بها عام 2019، مع مدينة القدس الشريف، تعبيرا عن اهتمام دول العالم الإسلامي بالقدس واشتراكها في الاحتفال بها عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2019، عن المنطقة العربية، وتزامنا كذلك مع إعلان سنة 2019، سنة للتراث في العالم الإسلامي، لإحياء الذكرى الخمسين لجريمة إحراق المسجد الأقصى المبارك”.
ودعا المؤتمر “إلى توحيد مواقف الدول الإسلامية الأعضاء في لجنة التراث العالمي، لرفض كل المحاولات والمساعي الإسرائيلية، الهادفة إلى أسرلة (تهويد) معالم التراث المقدسي الإسلامي والمسيحي المادي وغير المادي، وتحريف الحقائق التاريخية والجغرافية بشأنها، وحث لجنة التراث في العالم الإسلامي، تحت إشراف منظمة الإيسيسكو، على تعزيز جهودها لحماية التراث الثقافي المادي وغير المادي في القدس الشريف، والتنسيق مع جهة الاختصاص في دولة فلسطين لتسجيل عدد من المواقع التراثية ومظاهر التراث المقدسي غير المادي على لائحة التراث في العالم الإسلامي، ومع لجنة التراث العالمي واللجنة بين الحكومية للثراث غير المادي للغاية نفسها، وللتصدي لمشاريع القرارات التي تستهدف تهويد التراث الثقافي والحضاري المقدسي وتشويهه”.
وأشاد بجهود لجنة الإيسيسكو للخبراء الأثريين المكلفين برصد الحفريات الإسرائيلية اللاقانونية في محيط المسجد الأقصى، ودعا “الإيسيسكو إلى تعميم نتائج تقاريرها الدورية ونشرها والتعريف بها لدى الجهات الوطنية والدولية المختصة”، كما أشاد “بجهود وإنجازات المؤسسات العربية والإسلامية المتخصصة وجمعيات المجتمع المدني في الحفاظ على التراث الحضاري والثقافي في القدس الشريف ودعوتها إلى تعزيز دعمها ومضاعفة جهودها في هذا المجال”.
ودعا “إلى إحداث وحدة متخصصة لدى الإدارة العامة للايسيسكو لرصد مجمل الانتهاكات والخروقات الميدانية التي تطال التراث الثقافي والحضاري في القدس الشريف من طرف الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بالتنسيق مع اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والعلوم والثقافة ووزارة الثقافة في دولة فلسطين”، وأكد “على ضرورة إعداد فهرس بيبليوغرافي جامع للاصدارات التي توثق لمختلف المجالات الثقافية والحضارية والتاريخية للقدس الشريف، بالتعاون والتنسيق مع المكتبات الوطنية في دول العالم، وترجمته إلى أكثر اللغات الدولية تداولا”.
وأوصى المؤتمر “بتشجيع الاستفادة من خبرات وتجارب وإنجازات الدول الأعضاء والمنظمات العربية والإسلامية والدولية المتخصصة، عند تنفيذ مشاريع برنامج العمل لتعزيز الدعم الإسلامي والدولي للحفاظ على التراث الثقافي والحضاري للقدس الشريف، لتفادي الازدواجية وترشيد الإنفاق، وتوجيه مزيد من الأنشطة والبرامج الميدانية التي تعنى بالتعريف بالموروث الثقافي المقدسي، وإبراز غناه وخصائصه ودوره في الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية والمسيحية للمقدسيين، وتخصيص رواق تعريفي بالتراث الثقافي والحضاري للقدس في المعارض والمهرجانات الثقافية التي تقيمها الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية والدولية، وخصوصا مهرجان منظمة التعاون الإسلامي، لإبراز غنى وتنوع الموروث الثقافي والتراث الشعبي المقدسي”.
ودعا ايضا، “إلى مزيد من البرامج الثقافية والفنية والإعلامية المتنوعة لفائدة الشباب والأطفال في العالم الإسلامي للتعريف بمظاهر التراث الثقافي والحضاري في القدس الشريف”، وشكر المدير العام للايسيسكو ومعاونيه، على إعداد برنامج العمل بشأن تعزيز الدعم الإسلامي والدولي، للحفاظ على التراث الحضاري والثقافي في القدس الشريف”، وطالبه “بمواصلة تخصيص عدد من أنشطة المنظمة الثقافية والتراثية لدعم جهات الاختصاص في دولة فلسطين، لمساعدتها على إنجاز خططها الهادفة إلى حماية التراث الحضاري والثقافي في القدس الشريف”.
كذلك، اعتمد المؤتمر (مسار المنامة لتفعيل العمل الثقافي الإسلامي المشترك لمواجهة التطرف والطائفية والإرهاب)، وأكد “أهمية الاسترشاد بمضامين وتوجهات مشروع مسار المنامة عند إعداد السياسات والخطط والبرامج الثقافية الوطنية وفق مقاربة شمولية، تتكامل فيها الأبعاد الثقافية والعلمية والفكرية والدينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والحقوقية والأمنية والإعلامية لمواجهة التطرف والطائفية والإرهاب، بما يتلاءم مع السياسات والخصوصيات والقوانين الداخلية للدول”.
وأوصى “بتشجيع الشراكة بين وزارات الثقافة والوزارات المختصة بالتربية والتعليم والشباب، والشؤون الدينية والاجتماعية والاقتصادية، وحقوق الإنسان والأمن المجتمعي، والإعلام والاتصال، بما يضمن نجاعة الأنشطة والبرامج الموجهة للتصدي لظاهرة التطرف والطائفية والإرهاب”، داعيا “إلى إعداد برامج التكوين والتدريب الملائمة لمختلف الجهات والقيادات المعنية بالتصدي لظاهرة التطرف والطائفية والإرهاب، وفق المقاربة الشمولية لمشروع مسار المنامة، وتنظيم الدورات التدريبية لها، للارتقاء بقدراتها وكفاءاتها”.
وأكد “ضرورة تنظيم حملات توعية مكثفة في أوساط التلاميذ والطلاب، وفي المؤسسات السجنية والإصلاحية، ومن خلال مختلف وسائل الإعلام التقليدي والإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي لتوضيح مخاطر خطابات الكراهية وما تتسبب فيه من تفشي لمظاهر العنف والتطرف والطائفية والإرهاب”، مطالبا “بضرورة التشبت بقيم الثقافة الإسلامية، الداعية إلى التسامح والعيش المشترك ونبذ العنف والتطرف والطائفية والإرهاب”.
وحث جهات الاختصاص على “استثمار المنابر الدينية والدعوية والتراث الديني الفقهي الوسطي في نشر القيم الإسلامية والإنسانية المشتركة، الداعية إلى الوسطية والتسامح واحترام التنوع الثقافي والديني”، داعيا “إلى تطوير الشراكة مع جمعيات المجتمع المدني وتوجيه مزيد من الدعم لها، لتمكينها من تنفيذ برامجها ذات الصلة بمحاربة التطرف والطائفية والإرهاب”.
وشكر المدير العام للايسيسكو ومعاونيه على إعداد هذه الوثيقة، ودعاه “إلى مواصلة تفعيل مضامينها ضمن خطط عمل المنظمة بالتنسيق مع جهات الاختصاص في الدول الأعضاء، وفي إطار اتفاقيات التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية والدول غير الأعضاء”.
واعتمد المؤتمر (التقرير الختامي للاجتماع السادس عشر للمجلس الاستشاري للتنمية الثقافية في العالم الإسلامي)، وشكر رئيس الاجتماع السادس عشر وأعضاء المجلس الاستشاري على الجهود التي بذلوها لدراسة وثائق الاجتماع وإحالتها إلى المؤتمر، كما شكر المدير العام لايسيسكو ومعاونيه على جهودهم المقدرة لإعداد وثائق الاجتماع والمؤتمر ودعم جهود الدول الأعضاء من أجل تحقيق تنمية ثقافية مستدامة في بلدانها. وأعرب المؤتمر عن فائق عبارات الشكر والامتنان لمملكة البحرين ممثلة بهيئة البحرين للثقافة والآثار على استضافتها أعمال الاجتماع وتوفير أسباب النجاح له.