تشير مطالبة 22 من المشرعين الأمريكيين الرئيس دونالد ترامب باستخدام قانون “ماغنيتسكي” في قضية اختفاء خاشقجي، إلى أن تصعيدا خطيرا يلوح في الأفق.
وكان أعضاء في مجلس الشيوخ قد قالوا في رسالة وجهوها إلى ترامب إن قضية اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي تتطلب فرض عقوبات على المسؤولين عنها وفق القانون الأمريكي، ما يعني أنهم يدفعون في اتجاه صدام مع الرياض إذا صدقت الظنون والتصريحات المغفلة التي رسمت نهاية مأساوية لهذا الكاتب.
وكما يؤكد شهود ومسؤولون أتراك، دخل الصحفي السعودي القنصلية ولم يخرج منها، في حين تؤكد الرياض أن مواطنها غادر المبنى ولا علم لها بمصيره.
هذه القضية تتعاظم خطورتها وتتشابك ملابساتها، على الرغم من غرابة “أطوارها” وعدم وجود رابط منطقي بين أنسجتها، خاصة أن الرجل كان أعلن أنه يحتفظ بـ”البيعة” للعاهل السعودي وولي عهده في عنقه، وهو غير مدرج في قائمة المطلوبين وغير متهم، ولا تحفظ عليه إلا لتصريحاته المنتقدة لسلطات بلاده بطريقة لا تخلو من الدبلوماسية.
إذا، في أي اتجاه ستسير هذه القضية التي تشخص الأنظار إليها الآن مخلفة وراءها قضايا أخرى كانت تصدرت الأحداث قبل الثاني من أكتوبر، مثل مطالبة ترامب للسعودية مرارا وتكرارا أن تدفع مقابل حماية الجيش الأمريكي لها “تريليونات” من الدولارات؟
بطبيعة الحال تحديد مثل هذا الاتجاه يحتاج إلى أكثر من بوصلة، إلا أن إشهار مشرعين أمريكيين قانون “ماغنيتسكي” والذي يمنح واشنطن الحق في فرض عقوبات على أشخاص متورطين في انتهاك حقوق الإنسان، مرشح لإفساد الود التقليدي والتاريخي بين واشنطن والرياض بشكل نهائي.
ومرد مثل هذه الفرضية المتشائمة، يعود إلى أن نتائج التحقيق في قضية اختفاء خاشقجي الغامض، إذا توصل إلى إدانة الرياض، سيكون في مقدور الكونغرس فرض عقوبات على المسؤولين عن هذه الجريمة التي تتأرجح الآن بين الإخفاء القسري والقتل، “حتى ولو كانوا في أرفع المناصب في المملكة”.
أما من الناحية الإجرائية، فيلزم قانون “ماغنيتسكي” الذي كان أقر في الأساس عام 2012 ضد شخصيات روسية، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بناء على طلب من رئيس لجنة العلاقات الخارجية، العمل على تحديد هوية المسؤولين عن اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وإبلاغ الكونغرس بالنتائج في مدة زمنية لا تتعدى الشهرين.
وتبعا لذلك، ستستنفر الأجهزة الأمريكية المختلفة لتتبع أثر خاشقجي للكشف عن جميع ملابسات حادثة الاختفاء، لتأخذ القضية صبغة أمريكية خالصة، خاصة أن الصحفي السعودي كان مقيما رسميا في الولايات المتحدة، وبالتالي فالأبواب مفتوحة أمام جميع الاحتمالات إذا لم يظهر خاشقجي حيا بكامل عافيته، الأمر الذي لا يعول عليه الكثيرون.