حدّدت مواجهتا نصف النهائي: فرنسا وبلجيكا في سان بطرسبورغ الثلثاء (21,00 بتوقيت بيروت)، وفي التوقيت نفسه الأربعاء إنكلترا وكرواتيا على ملعب لوجنيكي في موسكو، أبرز الملاعب المضيفة والذي احتضن المباراة الافتتاحية في 14 حزيران، ويستعدّ للنهائية في 15 تموز.
المفاجآت… النظام الجديد
وانتهت 60 مباراة من أصل المباريات الـ 64 للحدث الكروي الذي ينتظره مئات الملايين من عشاق الكرة المستديرة حول العالم مرّة كل أربعة أعوام. 60 موعداً حافلاً بالمفاجآت والأهداف ولحظات الفرح والحزن والألم.
كبرى المفاجآت كانت ألمانيا حاملة اللقب. أبطال العالم أربع مرّات آخرها في البرازيل 2014، كانوا من أبرز المرشحين لأن يصبحوا أوّل منتخب يحتفظ بلقبه منذ 1962. لكنّ مصير المانشافت كان مماثلاً لإيطاليا وإسبانيا في النسختين الأخيرتين: حامل اللقب يودّع من الدور الأوّل.
ولم يقتصر الوداعُ المفاجئ على المنتخبات، بل أخذ في دربه الأسماء أيضاً. الجميع كان ينتظر اللاعبَين اللذين تقاسما جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم في الأعوام العشرة الأخيرة، الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو. خيّب الأوّل الآمال، بدأ متعثراً ولم يتمكن من أن يحمل منتخب بلاده إلى أبعد من الدور ثمن النهائي (خسارة أمام فرنسا 3-4). من جهته، دخل البرتغالي المونديال من الباب العريض، وسجّل «هاتريك» من المباراة الأولى ضد إسبانيا (3-3). وثمن النهائي كان أيضاً محطة الوداع لمنتخب بلاده بطل أوروبا أمام الأوروغواي (1-2).
وودّع ميسي (31 عاماً) ورونالدو (33 عاماً) المونديال في اليوم نفسه، ويرجح أنّ هذا المسرح العالمي لن يتاح له مجدّداً أن ينبهر بموهبتهما.
حظ إسبانيا بطلة 2010 لم يكن أفضل، وودّعت من الدور ثمن النهائي على يد روسيا المضيفة بركلات الترجيح، بعدما بدأت المونديال على خلفية أزمة إقالة مدرّبها جولن لوبيتيغي وتعيين فرناندو هييرو بدلاً منه.
آخر الأسماء كان البرازيلي نيمار. أغلى لاعب في العالم كان يحمل آمال مواطنيه باللقب السادس وتعويض الوداع المذلّ لمونديال 2014 على أرضه.
الترقب كان أكبر حياله بعدما غاب لثلاثة أشهر بسبب الإصابة، وعاد في الوقت المناسب للدفاع عن ألوان المنتخب. وتحسّن أداؤه الكروي تدريجاً بعد المباراة الأولى وحتى الخروج أمام بلجيكا في ربع النهائي (1-2). لكنّ المخيّب كان تصرّفه على أرض الملعب: بالغ في التمثيل والسقوط عند كل احتكاك مع منافس، وتصنّع الألم والإصابة بشكل جعله عرضة لانتقادات المدرّبين ولسخرية يومية على مواقع التواصل.
أربعة منتخبات في سباق الأمتار الأخيرة: فرنسا تبحث عن لقبٍ ثانٍ في تاريخها بعد 1998، وإنكلترا تريد الأمرَ نفسَه بعد انتظار يعود لعام 1966. بلجيكا وكرواتيا تريدان اللقب الأغلى الأوّل. لكليهما فرصة ذهبية بجيلين من الأفضل حالياً، كرواتيا بقيادة لوكا مودريتش وإيفان راكيتيتش وماريو ماندزوكيتش، وبلجيكا مع إدين هازار وكيفن دي بروين وروميلو لوكاكو.
حراس الأحلام
دائماً ما تكون الأنظار متّجهة إلى المهاجمين أو صانعي التمريرات الحاسمة أو الموهوبين بين خطوط المستطيل الأخضر. لكنّ مباريات عدّة في المونديال الروسي كان صانعو التحوّل فيها حراس المرمى.
إنكلترا اكتشفت جوردان بيكفورد الذي تكفّل في ربع النهائي بإنقاذ شباكه من محاولات سويدية خطِرة كانت كفيلة بمحو تقدّم بلاده 2-0. واختير أفضل لاعب في مباراة ربع النهائي، وقال عنه مدرّبه غاريث ساوثغيت إنه «مثال لما يجب أن يكون عليه حارس مرمى حديث، يلمس العديد من الكرات… في الدوري الإنكليزي الممتاز، ثمّة العديد من الكرات العرضية التي تُرفع إلى داخل المنطقة، هنا نحتاج إلى صفات مختلفة».
ولم يكن بيكفورد الوحيد الذي برز بين الخشبات الثلاث، فقائد فرنسا هوغو لوريس كان حاسماً أيضاً في مواجهة الأوروغواي في ربع النهائي (2-0)، ومثله البلجيكي تيبو كورتوا ضد البرازيل وهجومها الكاسح في الشوط الثاني سعياً لقلب التأخر 1-2.
ثلاثة حراس من الدوري الإنكليزي: بيكفورد (إيفرتون)، لوريس (توتنهام) وكورتوا (تشلسي). وانضمّ إليهم الكرواتي دانيال سوباشيتش الذي تصدّى لثلاث ركلات جزاء ترجيح ضد الدنمارك، في مباراة ضمن ثمن النهائي برز فيها أيضاً حارس الأخيرة كاسبر شمايكل.
الوحيد الذي خيّب الظن كان الإسباني دافيد دي خيا الذي لم يظهر كأحد أفضل الحراس عالمياً.
التسجيل مفتوح لمَن يرغب
ولم تأتِ الأهداف من المهاجمين أو اللاعبين الذين يعرفون طريق المرمى عن ظهر قلب فقط.
مَن افتتح التسجيل لفرنسا في ربع النهائي ضد الأوروغواي؟ قلب الدفاع رافايل فاران.
مَن افتتح لإنكلترا ضد السويد في الدور نفسه؟ المدافع هاري ماغواير.
مَن كان أفضل مسجّل لكولومبيا التي تضم الثلاثي راداميل فالكاو وخاميس رودريغيز هدّاف مونديال 2014 وخوان كوادرادو في خط المقدّمة؟ المدافع ييري مينا (3 أهداف).
مَن كان أفضل مسجّل للسويد مع هدفين؟ المدافع القائد أندرياس كرانغفيست.
في مونديال المفارقات، لم يكن غريباً أن يدوّن المدافعون إسمهم على لائحة أبرز الهدّافين، وفي ظل اعتماد العديد من المنتخبات على خطط دفاعية، كانت الضربات الثابتة مفتاحاً للتسجيل، بدلاً من الهجمات والاختراقات.
الآن، سيلجأ جميع المدرّبين واللاعبين إلى إجراء جردة حساب للأسابيع الماضية. بدءاً من الغد، ستعود عجلةُ المونديال للدوران مجدّداً، وهذه المرّة، الكأس الذهبية لم تعد بعيدة: مباراتان، فوزان، لا أكثر.
**