وبعَيد الأولى بعد ظهر أمس بتوقيت غرينيتش، حطّت الطائرة التي تقل اللاعبين في مطار مدينة فرانكفورت، في حضور نحو 200 مشجّع، بحسب ما أفاد مصدر ملاحي.
وتأتي العودة غداة الخسارة أمام كوريا الجنوبية 0-2 في الجولة الثالثة الأخيرة من المجموعة السادسة، والتي أدّت إلى إقصاء المنتخب من المرحلة الأولى للمونديال للمرة الأولى منذ 1938.
عبر حسابه الخاص على موقع «تويتر»، قدّم المنتخب رسالة اعتذار إلى «المشجّعين الأعزاء، لقد خاب أملنا بقدركم. نحن آسفون لأننا لم نلعب كأبطال للعالم. لهذا استحقّينا الإقصاء، بقدر ما كان مريراً».
وبُعَيد الوصول، قال مدير المنتخب أوليفر بيرهوف: «لا زلنا متأثرين». بينما لخّص القائد حارس المرمى مانويل نوير الوضع بـ»خيبة أمل، غضب… أضعنا العديد من الأمور»، مؤكداً أنّ اللاعبين «مسؤولون» عمّا جرى.
وسبق للاعبي المنتخب أن أقرّوا بأنهم كانوا دون التوقعات، بعدما ظهر المنتخب كشبح للفريق الذي كان يحسب له ألف حساب، واعتبر من أبرز المرشحين للاحتفاظ بلقبه، ليكون أوّل منتخب منذ 1962 يحقّق ذلك.
«نحن جميعاً ارتكبنا أخطاء» قالها ماتس هوملز بعد خسارة الأربعاء التي كانت الثانية لأبطال العالم في الدور الأوّل، بعد المباراة الأولى أمام المكسيك (0-1). ولم يفز المانشافت سوى مرّة في المباريات الثلاث، وكان ذلك بشق النفس على السويد (2-1) في المباراة الثانية.
ولم يخفِ مشجّعون في مطار فرانكفورت خيبتهم. وقال غونتر كيومل، بائع الصحف البالغ 67 عاماً الذي حمل لافتة كتب فيها «عار رياضي»: «خاب أملي من ذهنية اللاعبين الواهنة التي لم تكن احترافية. لم يكن لديّ انطباع».
ولم ترحم الصحافة الألمانية منتخب بلادها. «لا كلمات» لتعبّر بها صحيفة «بيلد» الواسعة الانتشار، و»عار تاريخي» بحسب «دير شبيغل».
وليست ألمانيا أوّل حامل للقب يخرج من المرحلة الأولى. لأنّ إيطاليا سبقتها في 1950 في أوّل بطولة بعد توقّف بسبب الحرب العالمية الثانية، والبرازيل في 1966، وفرنسا في 2002، وإيطاليا في 2010 وإسبانيا في 2014.
«صدمنا»
وقال نوير بعد المباراة: «لا يمكنك أن تشعر بأننا كنّا نلعب في كأس العالم»، بدوره، قال توماس مولر: «لقد صدمنا».
وكان الأخير مهاجم بايرن ميونيخ الذي سجّل 5 أهداف في مونديال 2014، من أكثر اللاعبين المخيّبين في روسيا 2018. وقال لوف عنه قبل مباراة كوريا إنه يحافظ على إيجابيته وسيقدّم أداءه المعهود، لكنه أبقاه على مقاعد الاحتياط ودفع به بديلاً… من دون جدوى.
وتحمّل يواكيم لوف المسؤولية أيضاً، هو الذي قاد ألمانيا إلى نصف النهائي على الأقل في كل بطولة شارك فيها منذ تولّيه مهامه.
ولم تخفِ الصحف الألمانية الحاجة إلى «بداية جديدة» قد لا يوفّرها سوى مدرّب جديد. إنّ لاعبين مثل مولر وسامي خضيرة ومسعود أوزيل وجيروم بواتنغ وطوني كروس، صنعوا فرحة الأعوام الماضية. أمّا ظهورهم الهزيل في روسيا 2018، فيدفع للاعتقاد بأنّ السنوات المقبلة تتطلّب دماً جديداً.
وقالت صحيفة «فرانكفورتر ألغيمايني تسايتونغ» إنّ «انتهاء الاحتفال قبل أن يبدأ فعلاً هو أمر يمكن تحمّله، لكن فقط في حال أدركَ واضعو استراتيجيات كرة القدم الألمانية، الإشارات وتصرّفوا على هذا الأساس».
أما صحيفة «كيكر» الرياضية فتحدّثت عن «فشل جماعي» بعد الخسارة أمام كوريا. بعد السقوط الافتتاحي ضد المكسيك، كانت قد أصدرت حكماً جازماً: «لا يوجد فريق حقيقي في روسيا».
ووضع لوف ثقته أيضاً بلاعبين شبّان لم يكتسبوا خبرة كافية، على غرار تيمو فيرنر ويوزوا كيميش، ومنح فرصاً نادرة لـ يوليان براندت وليون غوريتسكا وسيباستيان رودي ونيكلاس زوله. وأقدمَ على خطوة بقيت من دون تفسير مقنع: إستبعاد لوروي سانيه، لاعب مانشستر سيتي وأفضل لاعب شاب في الدوري الإنكليزي، من التشكيلة التي سافرت إلى روسيا.
ويرى الخبير الألماني رالف هونيغشتاين أنّ «ثمة العديد من اللاعبين يعتبرون أنفسهم سفراء اللعبة ومن طينة فريدة»، لكنهم يبدون اهتماماً بمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من التركيز على كرة القدم.
على هامش الرياضة، كانت السياسة حاضرة أيضاً، وانشغلت ألمانيا لأسابيع في نقاش حول مسعود أوزيل وإيلكاي غوندوغان. إنهما لاعبان من أصول تركية، إلتقطا صورة في لندن إلى جانب الرئيس رجب طيب أردوغان، ما تسبّب بعاصفة لم تهدأ رياحها حتى الآن.
ينس ماير، النائب عن حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المناهض للهجرة، إختصر معاناة المنتخب بأربع كلمات: «لولا أوزيل، لكنّا فزنا!».
أمّا المسار الانحداري فلَخّصه هوملز: «آخر مرّة لعبنا فيها بشكل جيّد كانت في خريف 2017»
**