تتصاعد في الآونة الأخيرة مواقف تطالب بتعديل اتفاق الطائف وتحديداً من أطراف مسيحية، رأت في الغبن اللاحق بالمسيحيين على صعيد تولي الوظائف العامة، وفي الحد من صلاحيات رئيس الجمهورية غبناً للمسيحيين وظلماً وبدأوا المطالبة، في النظر بهذه القضية القديمة الجديدة.
حتى الآن، يبدو أن الامور مقبلة على التصعيد بعد الانتخابات في 6 أيار المقبل، وإن كان البعض يقلل من أهمية هذه القضية ووضعها في اطار البازار السياسي من أجل شد العصب الانتخابي علماً أنه لا يوجد دليل قاطع حول هذا الغبن المفترض فمعادلة 6 و6 مكرر تطبق في كل الادارات والمؤسسات في مراكز الفئة الاولى حتى باتت مراكز الفئة الثانية وحتى الثالثة تخضع للمعادلة المذكورة وتبريره عند البعض بأن لبنان هو متنوع تعيش فيه 18 طائفة وعليه مراعاة هذا التنوع بالتوافق.
أما بخصوص صلاحيات رئيس الجمهورية أنها لب المشكلة عند بعض الذين يحاولون التصويب عليها وتسخين الساحة الداخلية على أن تبلغ ذروتها بعد الانتخابات النيابية.
فرئيس الجمهورية الماروني قبل اتفاق الطائف 1989 كان يتمتع بصلاحيات اجرائية واسعة، لأن النظام اللبناني كان رئاسياً بامتياز، لهذا ابان الحرب الأهلية كانت توصف الحالة السياسية في لبنان القائمة على أساس ذلك النظام ومن قبل المسلمين خاصة، “بالمارونية السياسية”، وهي تعني الهيمنة والتفرّد الماروني بشؤون الحكم دون غيرهم من الطوائف اللبنانية، ولكن بعد اتفاق الطائف وتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية فقد تغير الحال حيث أصبحت الصلاحيات الاجرائية مقسمّة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والحكومة نفسها.
اليوم، ومع وصول العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية يعود الحديث مجدداً عن تعديل الطائف خصوصاً لجهة تعديل صلاحيات رئيس الجمهورية، فهذه الصلاحيات كانت برأي الكثيرين احدى أسباب إندلاع الحرب الأهلية اذ كان الرئيس يملك صلاحيات واسعة تغيرت مع الطائف.
حتى الآن يبدو الأمر صعباً وهو مرتبط بنتائج الانتخابات النيابية وشكل مجلس النواب الجديد الذي عليه اخذ القرار. لكن مهما كانت نتيجة الانتخابات فالتيار الوطني الحر غير قادر على تعديل الدستور، وهو يحتاج إلى شريك مسلم لأن التعديل يتم بأغلبية ثلثي مجلس النواب . من هنا صعوبة التعديل وإن كان التيار الوطني الحر يبدي إصراراً كبيراً على هذه النقطة فيما تبقى الامور معلّقة بقادم الأيام.
**