الإنتصار الذي تحقق في لبنان وهزيمة الإرهاب في جرود عرسال، لم ياتِ صدفة وإنما هو حصيلة جهود كبيرة تكاملت فيها جهود المقاومة والجيش اللبناني ومن خلال معادلة النصر الذهبية، هذا النصر سيكون له ما بعده ويمكن صرفه في السياسة لجهة تعزيز قوة محور المقاومة وتأثيره المباشر في مجمل الأوضاع الإقليمية السائدة كعمل تراكمي يمكن البناء عليه.
ويسجل لـ “حزب الله” ومقاتليه البواسل الدور الهام في هذا الإنجاز وما قدموه من تضحيات تكللت بالنصر، ورحيل أكثر من 8000 عنصر من إرهابيي النصرة وأسرهم وآخرين بإتجاه إدلب، وهذه الخطوة ربما تكون المرحلة ما قبل الأخيرة على إسدال الستار في المنطقة الحدودية اللبنانية – السورية، والدور القادم سيأتي على “داعش” وهذا ما أكّده أمين عام “حزب الله” سماحة السيد حسن نصرالله من خلال كلمته المتلفزة: “أقول لـ “داعش” سيأتيكم اللبنانيون والسوريون من كل الجهات وكل خطوط التماس ولن تستطيعوا الصمود في هذه المعركة وأنتم مهزومون حكماً، لذلك إحسبوها جيداً لأن هناك أياماً للتفاوض يمكن أن تفتح…”.
وأشار سماحته الى أن المعركة في جرود عرسال حظيت بتأييد القيادة السورية، و”عندما ذهبنا الى الميدان كان الجيش السوري يقاتل في جرود فليطا، وما ساعد على حسم المعركة هو العمل من جبهتين من جرود فليطا وجرود عرسال، وهذا ما شتّت قوة الخصم”.
وبالتأكيد، نجح “حزب الله” وبدعم لوجستي وتنسيق غير مسبوق مع الجيش اللبناني، في معركة خاضها رجال المقاومة في الجانب اللبناني، وسلاح الجو السوري في الجانب السوري للحدود المشتركة، رفعت “النصرة” الراية البيضاء بعد تلاشي قوتهم العسكرية وفقدانهم السيطرة على عناصرهم وهروب ومصرع قادتهم، الأمر الذي طوى صفحة “النصرة” وسيتم فتح صفحة “داعش” ومصيرها لن يختلف عن مصير “النصرة”.
إن معركة تحرير المنطقة الحدودية مع سوريا “جرود عرسال” إستهدفت إجتثاث خطر الإرهابيين على لبنان وشعبه، تلك التي أرادها المتآمرون على سوريا والمقاومة اللبنانية كورقة ضغط لإيذاء سوريا والرهان على الإرهاب لمواصلة إستنزاف الجيش السوري وقوة “حزب الله” مستهدفة منذ مشاركة الحزب في تحرير مدينة القصيّر من الإرهابيين بمشاركة الجيش السوري، واعتبر وقتذاك بأنه نقطة تحول في مجرى الحرب التي إندلعت في سوريا وعليها.
بدأت ورقة الإرهاب بالسقوط في كافة المناطق السورية، وكما سقطت في الموصل، وفي طريقها للسقوط في دير الزور كما في جنوب شرق سوريا، وتبيّن أن ما يسمى معارضة مسلحة مدعومة من أميركا لا يمكنها الإستثمار في مسرحية الحرب على الإرهاب، وبالتالي لا يمكنها الوصول الى دير الزو بعدما قطع الجيش العربي السوري الطريق عليها، وكل المؤشرات تؤكّد أن التحركات العسكرية على الأرض تعمل في مصلحة الجيش وحلفائه، وهذا الأمر يترسخ في عزم قوى محور المقاومة كما وصفه الباحث الفرنسي فابريس بالوتش بقوله: “إن الجيش السوري وحلفائه يتقدمون بشكل منهجي في البادية، ويسيطرون على نقاط المياه، وطرق المواصلات، وحقول النفط والغاز، ومناجم الفوسفات، إذ أن سوريا تحتاج الى مواردها لإعادة بناء بنيتها التحتية وضمان الأمن الإقتصادي.
وفي وقائع الميدان والسياسة وبالنظر الى المعطيات والوقائع على الأرض وفي ميادين القتال، وحيث إتفاقيات تخفيف التصعيد في إطار تفاهمات أميركية – روسية، تمخضت عن وقف لإطلاق النار بدأ يترسخ يوماً بعد يوم، هذه التطورات دفعت بعض من “المعارضة السورية” للتصريح “بأن الحرب في سوريا إنتهت”، يضاف الى ذلك، ما يسمى الجيش السوري الحر، بدأ يتآكل بشكل متسارع في الفترة الأخيرة، بعد أن أقدم الرئيس الأميركي دونالد ترامب وبتوصية من جورج بومبيو مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية “على إنهاء برنامج تدريب الجيش الحر وتسليحها: لأن هذه البرامج مكلفة وبلغت تكاليفها مليار دولار، وهي غير فعالة، وقوة قتالية جوفاء”، وأن معظم الأسلحة الأميركية التي تمّ تزويد الجيش الحر بها، جرى تسريبها الى ما يسمى هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً)، وبعض عناصره إنضم الى “النصرة” أو “داعش”، ورفض عناصره الإنخراط في حرب ضد “النصرة” أو “داعش” بطلب أميركي.
وكل المؤشرات تؤكّد بأن الحرب إنتهت أو هي في آخر فصولها، وأن مموليها تغيرت أولوياتهم، وباتوا غارقين في حرب دموية في اليمن ومن الصعب الإنتصار فيها، وأخرى حرب سياسية ضد قطر، شريكتهم الأبرز في الملف السوري.
وأيضاً، هناك بعض رموز “المعارضة والمحايدة”!، بدأت تطرح سؤالاً مهماً: “هل يفتح يأس السوريين باب الحوار الوطني المطلوب؟”، وهم يعترفون علانية بأخطاء جوهرية إرتكبتها ما تسمى المعارضة المعتدلة، أبرزها التعويل على الخارج والأميركي بالذات، وتسليح المعارضة وخطفها من الإسلام السياسي المتطرف وفصائله.
بإختصار، الدرس إنتهى، وليس مستبعداً تكرار سيناريو عرسال في إدلب ويبدو بأن هذه اللحظة تقترب وباتت وشيكة، كل التحية للجيش العربي السوري الذي إحتفل بذكرى تأسيسه وهو يحقق مكتسبات على الأرض بعد صمود أسطوري وينتقل اليوم من الدفاع الى الهجوم وموعده مع النصر النهائي القريب.