اليوم يعود إلينا يوم الحزن على فراق اخ كبير وصديق عزيز ومناضل كبير هو الرفيق غازي عبدالخالق الذي رحل عن دنيانا في مثل هذا اليوم الذي كان قاسيا بالنسبة لنا ولاسرته ولرفاقه وأصدقائه ولكل من كانت تربطه به علاقة صداقة او رفقة.
رغم مرور سنوات عديدة على رحيله لازلت احتفظ في هاتفي النقال بجميع ارقام هواتفه الخاصة والعامة، لم تستطع يدي ان تمتد لإزالتها ولازلت احتفظ بصورته في مكتبي ولازلت اتحدث معه كل يوم وكأنه لا يزال بجانبي حيّا يرزق . رفقة طويلة وأخوة توحيدية ربطتنا منذ ان التقينا .
بدا عمله بجرأة لم يعرفها الا ما ندر ممن ساقتهم الرغبة بالتغيير للتعامل المباشر مع رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب. كان ينتقد كل اشكال التقليد. عمل ما استطاع من خلال حزب التوحيد لإعادة بث روح المقاومة والتغيير في صفوف أبناء مجتمعه بعد ان حاصرتهم سياسات العزل والتقوقع والرجعية والابتعاد عن قضايا الامة وهموم شعوبها.
كان يُؤْمِن بالمقاومة خيارا والعروبة نهجا ، ولَم يكن يقبل المساومة على اي شبر عربي محتل فظلت فلسطين حاضرة في وجدانه ككل أحرار العالم الذين يريدون تحرير فلسطين كل فلسطين.
يجول بخاطري احيانا ان تجربة غازي مع الناس والرفاق والحياة جديرة بالدراسة العميقة لسياسات التوحيد العربي في كيفية التعامل مع المجتمع الدرزي الذي مازال يعاني من كل اشكال التقليد والاقصاء والتهميش وعدم قبول التعددية أو الاعتراف بالآخر.
اكتب هذه السطور عن صديق العمر في ذكرى رحيله وانا اعلم انني إنما اتحدث عنه من خلال علاقة رفقة وصداقة وأخوة. كنت أتحدث معه في الامور الحزبية كما في الشأن العام. ولكن كان يرغب دائما الحديث عن أولاده وائل وزينة وزوجته هيام. كانت أسرته همّه الأكبر، وكان يردد دائما على مسامعي: إذا كان الانسان قد اخطا فسيلقى ربا رحيما. وان كان قد اصاب فسيلقى ربا كريما.
في ذكرى رحيلك أيها الرفيق وانت في رحاب الله لا يسعنا الا ان ندعو لك بالرحمة والرضوان. وقد امرنا ان نذكر محاسن موتانا. كم يعز علينا فقدان اخ وصديق ورفيق مثل غازي عبدالخالق . كم يعزّ علينا يا غازي ان لا تكون بين أهلك ومحبيك وهم يهنئون زينة بيوم زفافها في تموز المقبل ، ولكن شاءت الاقدار أن يمسك بيدها ابنك وائل ويسلمها لحبيب العمر والمؤتمن عليها.
ولكن من قال يا غازي انك لن تحضر في يوم الزفاف ، فستكون أول الواصلين الى جانب زوجتك لإستقبال المدعوين وانت الحاضر بوجدان ابنتك زينة والذي يمسك بيدها ويسلمها الى زوجها ، ففي قلب زينة يسكن صوتك الذي يردد:” أبنتي وصهري الغالي . يا من أعطيته أعز ما لدي لا أريد منك إلا أن تكون بخير وترعاها وتكون لها عوضاً فتنسيها ألم فقدان والدها . فكلما كنت رجلاً سهلت لك ولانت . وكلما كنت عطوفا صارت لك أرضا تزرعها بما تشاء . بارك الله بكما وحماكما من كل مكروه .
**