الفجيعة والحزن والألم على العملية الإرهابية التي وقعت صباح فجر البارحة في القاع والتي تمثلت بتفجير 4 انتحاريين أنفسهم ووقوع 5 قتلى و15 جريحاً، تتبت مرة اخرى ان تنظيم “داعش” الارهابي لا يضرب سوريا والعراق وليبيا فقط بل لبنان ايضاً، وذلك دليل اضافي على أنّ ارهاب هذا التنظيم التكفيري لا يعتبر ردّاً على تدخل حزب الله في سوريا بعد أن أعلن السيد حسن نصرالله بأن الحرب في سوريا حرب استراتيجية، كما ان اعماله الاجرامية
لا تمت إلى الطبيعة البشرية بصلة، الامر الذي يطرح عدداً من التساؤلات عن جدية الحلول، التي تم تطبيقها في مجتمعاتنا العربية لمحاربة وتعرية هذا الفكر الخطر على الأمن والسلم الاجتماعي.
لا شك في أن النظام التعليمي لغالبية البلدان العربية وتحديدا الخليجية مازالت تعاني من وجود مواد تهيئ الطلاب للانتظام في مثل هذه التنظيمات التكفيرية ، على الرغم من ادعاءات دول الخليج أن مناهجها التعليمية خضعت لتطوير وغربلة، ولكن هناك ما يعرف بالمنهج الخفي الذي بسمح بالتأثير في عقول بعض الطلاب، وبخاصة في مراحل التعليم المبكرة، وهنا تأتي خطورة دور مراكز التعليم الخليجية في إشكال تجذير الفكر المتشدد في المجتمعات العربية، وتعزيز ارتكاب هؤلاء “التكفيريين” لجرائمهم القبيحة واعمالهم التدميرية والارهابية.
بعض رجال الدين وخطباء المساجد للأسف يحاولون أن يدافعوا عن “الوهابية” وخطابها الديني المتطرف ، الامرالذي يُستغل من قبل البعض ، لبث وخلق بيئة حاضنة للفكر «الداعشي» في تلك الخطب والمساجد والمدارس والجامعات التي تتحول جميعها الى اطار لاستقطاب هذه الفئة من الشباب وتأثرها بهذا الفكر لتكون المصيبة عظيمة.
هناك من يطرح من امراء الخليج أن هناك تغريباً ومشروعاً ليبرالياً في المجتمع، وأن هذا التشدد هو رد فعل على ذلك بموجة من التشدد الفكري التي تقود بالنهاية إلى الإرهاب وتدمير الاوطان ، ومن يستمع إلى هذه الطروحات يتصور أن التغريب والليبرالية مسيطرة على مفاصل خطابنا الثقافي ، وانتشرت قبل فترة مقاطع استطلاع لأحد البرامج التلفزيونية الخليجية من الشارع لبعض المواطنين والمواطنات عن مفهوم اللبرالية وكانت الإجابات مضحكة، وهذا يدل على أن بعض التيارات الإسلاموية السياسية رسخت الخوف والرفض لكل من يعارض مشاريعها الظلامية في مجتمعاتنا العربية.
إذا كانت المنظومة التعليمية الخليجية وخطابها التكفيري يخرج لنا شباباً بهذا الضعف والانقيادية لأصحاب الفكر المتشدد، فلا شك في أن هناك خللاً ما يلقي على عاتق النخب العربية مراجعته بصدق وشفافية وفي ظروف مفتوحة حتى نصل إلى تشخيص المشكلة بكل حيادية ووضع الحلول لها.
لا أعتقد أن رد فعلنا من استنكار وحزن بعد كل عمل ارهابي سيوصلنا إلى بر الأمان، نتمنى أن يكون هناك مراكز بحثية، وبخاصة في مدارسنا وجامعاتنا لدرس هذه المشكلة، التي نعاني نقصاً واضحاً فيها كما في أغلب الدول العربية.