تنتصر القضايا في مواسم الحروب وللنصر أثمانه، فهو ثمرة التضحيات والإيمان بعدالة القضية وحب الأرض، والعامل الحاسم في هذا المجال هو قوة الإرادة ووعي الذات والمرحلة والحسابات الدقيقة المبنية على رؤى واضحة ويقين ثابت.
لم تشهد منطقتنا العربية استقراراً أو أمناً في تاريخها القريب والبعيد، لأن موقعها الاستراتيجي الهام في وسط العالم وملتقى القارات ومركز الثروات والإرث التاريخي ومهبط الديانات السماوية، جعلها محط أنظار القوى الإستعمارية خلال الحقب السابقة ومازالت كذلك.
لم تأتِ الحرب الكونية التي شُنّت على سوريا من فراغ، ومَن ينظر الى تاريخ سوريا خلال قرن من الزمن يستطيع أن يقرأ المرحلة بكل ما فيها من دلالات ومعانٍ، وليس غريباً أو صدفة أن تُستهدف سوريا، فهي منارة الأجيال منذ فجر التاريخ وهي القابضة على جمر عروبتها والتزامها قضايا أمتها، ومن الطبيعي أن مَن يسيطر على سوريا سيتمكّن من الهيمنة على المنطقة بأسرها، لكن هيهات أن تتقاطع أحلام الهيمنة الإستعمارية مع واقع كالذي نعيشه.
سوريا اليوم تقاوم وبكل جدارة وبسالة، وفوّتت الفرصة على كل المراهنين على وقوعها فريسة الأطماع الإستعمارية لقوى الهيمنة العالمية. وثبت مدى حصانة سوريا الأبية الصامدة وقيادتها الشجاعة والحكيمة، فهي عصية على الأعداء وأدواتهم التكفيرية بكل مسمياتهم وألوانهم، واليوم تسقط المؤامرة الكونية لقوى الشر والظلام على أبواب المدن السورية، ويستمر الصراع ونتائجه، لم ولن تتقاطع مع أحلام الطامعين ومآربهم الرخيصة، وثبت نهاراً وجهاراً أن أعداء أمتنا من الصهاينة و”الدواعش” هم “أوهى من بيت العنكبوت”.
وثبت بالدليل القاطع وأمام سمع ومرأى العالم أجمع، أن قوى الهيمنة العالمية تبحث عن مصالحها في المنطقة ولا يهمها مَن يتم استهلاكه من ضعاف النفوس الذين هانوا وانهانوا وحصدوا الخيبة والمذلة والخسران.
سوريا اليوم في صدارة المشهد الإقليمي والدولي “شاء مَن شاء وأبى مَن أبى”، وهي عنوان الطهارة ومصنع العز ومبعث الكرامة، تقدّم التضحيات بكل أنواعها، ولسان حالها يقول “النصر أو الشهادة”، و”الشهادة طريقنا لتحقيق النصر”، واليد العليا لقوى المقاومة ومحورها وصانع مجد الأمة، وسوريا تحرّر اليوم وتهزم المشروع وأدواته، وبدأ العد العكسي لهزيمة “إرهاب القرون الوسطى” الذين حاولوا تسويقه من خلال سيناريو “الدواعش”، وبينما يستمر الصراع العالمي بأشكاله القديمة والمحدثة، وأيضاً ليس صدفة أن تكون سوريا بوابة العبور نحو عالم جديد أكثر توازناً وعدلاً ويهزم في نتيجته كل قوى الهيمنة العالمية وتنعتق البشرية من عهود الظلم والظلام، وينتهي التدخل في شؤون الدول ومصائر الشعوب.
إن ما يروّج من مشاريع جديدة بذريعة الخروج من الأزمة السورية “كمرحلة إنتقالية وغيرها…” هو بمثابة الخروج عن مسار الواقع ومنطق الأشياء، لذلك لن يمر، والسؤال هنا، وإذا فرضنا جدلاً كما يروّجون “لا بدّ من تقديم تنازلات”، لمن تقدّم؟!
نقول في هذا المجال: الإرهاب وصانعيه ومروّجيه وأدواته التكفيرية، جميع أولئك في كفة واحدة، فشلوا في تحقيق هدفهم ويستمر الصراع، وما يسمى “معارضة سورية” تجاوزاً فهي ترتمي في أحضان دول الغرب والدول الداعمة للإرهاب في المنطقة، وفي المقابل سيسجل التاريخ وبكل شهامة، أن سوريا قاتلت دفاعاً عن شعبها وأمتها ووقفت الى جانبها إيران بكل ما تمثّله من قيم الأصالة ومحاربة قوى الإستكبار العالمي.
سقطت أحلام الغزاة، وما نسمعه من جولات تفاوض في جنيف أو فيينا هي مجرد رفع العتب أو تمويه عن العدالة المزيفة والشرعية الدولية التي مازالت واشنطن تراهن على الإمساك في خيوطها وتوجيه مسارها، وهي المكان الذي تراه مناسباً لتحقيق بعض المكاسب التي فشلت في تحقيقها من خلال حروبها وهي مجرد “فرصة” لأدواتها لإعادة لملمة صفوفها تمهيداً لجولة جديدة، أنها إدارة للأزمة لا غير.
صدقت سوريا عندما أرست تحالفات قوية مع روسيا الإتحادية، وهذا ينم عن بعد في الرؤية وقراءة الصراع الأكبر في العالم، لذلك سوريا الحليف الإستراتيجي القادر والمجرب هو ثابت في المعادلة الإقليمية والدولية وهو يمثل اليقين بالنسبة للحلفاء، وسوريا مع أطراف محورها المقاوم شكّلت قوة يعتز بها ويحسب لها الحساب وأثبت جدواها في إسقاط المؤامرة والمشروع الذي إستهدفها.
ومثّلت سوريا الحلقة الصلبة في وجه المشروع الأميركي للهيمنة على المنطقة وهو الأشد خطراً على المنطقة، وعلى المستوى العالمي.
وفي أهمية سوريا، نرى المساندة الروسية لها في محاربة الإرهاب وتعزيز قدرات الجيش العربي السوري، وهذا الأمر يفيد روسيا أيضاً لأنه يؤثر في التوازنات الإستراتيجية الدولية في المنطقة، وبالتأكيد إستحقّت سوريا جدارة الحياة، قاتل جيشها وللعام السادس على التوالي في مواجهة موجات الإرهاب “الداعشي” وغيره، لذلك “تعمل روسيا على ضرب الأطراف المسلحة غير القابلة “بالهدنة” والرافضة للإبتعاد عن “داعش”.
وكلمة حق نقولها هنيئاً لأمتنا بأبطال المقاومة في “حزب الله” وهم رمز الوفاء لسوريا ولأمتهم، وبكل ثقة النصر آتٍ.