انه السادس والعشرين من شهر ايار 2016 الذكرى العاشرة لتأسيس حزب التوحيد العربي التي نستعيد معها باعتزاز الدور الحيوي للحزب في النضال ضد التخلف والرجعية والتقليد وفي العمل من أجل وطن حر ومقاوم.
ومن محاسن الصدف أن تتزامن هذه الذكرى مع عيد المقاومة والتحرير الذي جعل من الحياة نافذة مشرعة على الأمل والعزة والانتصار الناجز على كل اشكال الاحتلال والارهاب والتشدد التكفيري والتطرف .
لقد بات حزب التوحيد العربي حاجة وطنية وقومية وهذا ما دلّت عليه حقائق الواقع والتاريخ، فلو لم يكن الحزب كذلك، لما أمكنه الاستمرار منذ تأسيسه عام 2006وحتى الآن. لا يستمر في الحياة إلا من يمتلك القدرة على الحياة، وتتوافر فيه شروط البقاء والاستمرار، وهذا شأن حزب التوحيد العربي ، ومحازبيه وانصاره الذين شكلوا قوة ومطلباً مهماً في الواقع اللبناني والعربي اليوم. وليس في الأمر لغز، فمشروع الحزب التغييري هو المشروع الأهم الذي يمكن أن ينتشل الامة من وضعية التقليد والتخلف والتفتت والانهيار الذي يتخبط فيه، والذي وصل اليوم إلى درجة تهدد الوجود العربي ذاته، خاصة وأن الحزب يؤكد على أهمية تضامن ووحدة القوى الوطنية والتحررية والقومية على مستوى الساحات العربية بكاملها. فلا استمرار دون تجديد، والمطلوب ليس فقط التجديد، بل تحويل هذا التجديد إلى حالة دائمة في حياة الاوطان .
لقد شكل ما تعرضت له سورية في السنوات الأخيرة من عدوان إرهابي- تكفيري غاشم تحدياً وجودياً لحزب التوحيد العربي وللعروبة والمشروع القومي في المنطقة.
إنه تحد كان لابد للحزب أن يستجيب له، ويستنفر كامل قواه وطاقاته ليرتقي إلى مستوى مواجهته، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن الحزب يمتلك مخزوناً كبيراً من الحيوية والطاقة، وإلا لما تمكن من هذه الاستجابة بالشكل الأمثل ، وعندما بدأت الحرب العدوانية – التكفيرية على الشعب السوري ، كان وقْع الصدمة كبيراً عليه، لكنه لم يكن منفعلاً بالحدث، اومتعثراً في الفعل والمواجهة، وانما كان على قدر المسؤولية من خلال الدور الكبير لرئيس الحزب وئام وهاب ومواقفه وجهوده الرامية الى تجاوز المصاعب ومعالجة المشكلات، وتجديد الروح النضالية والمقاومة لا سيما في صفوف طائفة الموحدين الدروز في السويداء وجبل العرب وجرمانا وغيرها من المناطق الاخرى من اجل تقوية الايمان بمشروع المقاومة الوطني والقومي.
والحقيقة أنه بقدر ما استهدف العدوان الإرهابي – التكفيري الغاشم سورية من خلال الاعتداء على الممتلكات العامة وتفجير المؤسسات وإحراقها، ، وتدمير المصانع والبنى التحتية وقتل المواطنين الابرياء بقدر ما ازددنا إيماناً وتمسكاً بفكرنا ومشروعنا وعروبتنا المقاوِمة، وازدادت قناعتنا بأننا نسير في الطريق الصحيح الذي لابد أن يقود، طال الزمان أم قصر، إلى مشرق عربي مقاوم ، وإلا لما كان هذا المشرق هدفاً لهذا الإرهاب الأعمى، والمعسكر الاميركي – العربي – التركي – الخليجي الذي يقف وراءه، إلا أن هذا العدوان علّمنا أيضاً أن تحصين بيتنا الداخلي، وتطوير قدراتنا الدفاعية، وتعزيز وحدتنا الوطنية، وإصلاح مؤسساتنا، وتجديد أفكارنا ورؤانا، والتفاعل الحر العميق مع المواطنين والنهوض باقتصادنا، والارتقاء بمجتمعنا هو الهاجس الدائم الذي يجب أن يكون في قلب اهتمامنا وأولوياتنا وبرامجنا. ومن هنا حرْصُنا على أن يكون حزب التوحيد العربي فاعلاً رئيسياً في هذه الجهود المشتركة ، وأن نبدأ من أنفسنا لنكون قدوة للآخرين.
لقد اندفع التوحيديون في مواجهة الإرهابيين في سورية وارتقى منهم شهداء وكانوا دائماً في مقدمة المتحمسين لمقارعة هؤلاء التكفيريين، يدفعهم حب الوطن والولاء له من جهة والتزام عميق بالعروبة وعقيدتها النضالية من جهة أخرى.انه امر طبيعي أن يشارك مناضلو الحزب في الدفاع عن سوريا عبر تشكيلات تطوعية واسعة للجان الشعبية في إطار الصيغة العامة للدفاع الشعبي. في سورية كان الشعب والجيش معاً في كل الميادين، وحزب التوحيد العربي جزء من هذا الشعب التي تترتب عليه مسؤولية أكبر في الدفاع عن الوطن، وهذا يؤكد على عقيدة التوحيد العربي واولويته في الدفاع عن عروبة سوريا والتمسك بخيار المقاومة رافعة راية العرب والمسلمين وعنوان عزتهم وكرامتهم.
يدرك التوحيديون تماماً أن الدول الخليجية الراعية للإرهاب التكفيري والتي تحتضن الجماعات المسلحة ودعمها بالمال والعتاد ، مازالت متمسكة ببعض أوهامها، ومازالت مسكونة بحقدها الأسود على سورية والمقاومة، مع ذلك أمامنا بعض المؤشرات تجعلنا نملك قدراً من التفاؤل، أولها أن الجيش العربي السوري والمقاومة يحققون إنجازات عسكرية مهمة ضد «داعش» و«النصرة» وغيرها من المجموعات الإرهابية كان آخرها استعادة القريتين وقبلها تدمر. ثانيها الحوار الروسي الأمريكي الذي يبدو أنه مستمر ومؤثر رغم السلوك الأمريكي الإعلامي والسياسي المتناقض الذي نشهده أحياناً. وهذا يدفع الغرب إلى مقاربة أكثر واقعية لما يحصل في سورية، خاصة بعد تعرضعدد من المدن الاوروبية لهجمات إرهابية أكدت ما كانت سورية تقوله منذ البداية وأنكرتهالحكومات الاوروبية . لكن أوروبا ما زالت بعيدة عن الاعتراف الكامل بحقائق المشكلة ودور الرئيس بشار الاسد في مواجهة الإرهاب .. ثالثها أن تركيا والسعودية تحصدان اليوم نتائج موقفهما العدواني من سورية، وتورطهما الإجرامي الكبير في الحرب الإرهابية عليها، ورابعها أن سورية تذهب إلى المحادثات معززة بانتصارات جيشها الباسل، وتأييد شعبها الذي مارس منذ فترة وجيزة حقه بالانتخابات التشريعية، في رسالة واضحة إلى العالم أن دولته قوية وباقية.
وبينما يستمر امراء الزيوت والنفط في التشدق بالحل السياسي، وهم يعملون في السر ضده ويعوّلون على الارهاب التكفيري لتغيير موازين القوى على الأرض، فإن سورية تذهب رغم تقدمها العسكري البارز بتصور عملي واضح طرحه الرئيس الاسد في احد اطلالاته الاعلامية. وهذا التصور كفيل، لو توفرت النوايا الصادقة في الطرف الآخر، أن يُنجح المحادثات في أسرع وقت، ويضع حداً للمأساة السورية الدامية التي يغذيها الأعداء بقوة الإرهاب. مع الإشارة إلى أن ما طرحه الاسد يومها يتفق تماماً مع مبادرته للحل التي أطلقها في خطابه الشهير يوم 01- 06 – 2013 ، والتي لو استمع إليها العالم وقتها لما استمر سفك دم السوريين حتى الآن.
نحن في حزب التوحيد العربي توجهنا العروبي ليس خياراً سياسياً فقط ولكنه خيار وجودي يتعلق بهويتنا، ودورناالمقاوم في المنطقة . ورهاننا على العروبة المقاوِمة ليس له حدود، ولذلك سنكون في طليعة المدافعين، لأن همنا واحد، وعدونا واحد، ومصيرنا واحد، وسيبقى حزبنا حاملاً لمشروع العروبة والمقاومة و التغيير ، من أجل مشرق عربي ينتزع مكانه اللائق في العالم، ويكون لاعباً كبيراً على الساحتين الاقليمية والدولية ، وفاعلاً في حضارة الإنسان.