يبدو أنه كتب على اللبنانيين عدم الخروج من نفق يشقه لهم “آل سعود” ليدخلهم في آخر سعيا منهم الى الامعان في تفريغ الدولة من مؤسساتها آملين من ذلك ان يتحول اعوانهم مرشدين للجمهورية اللبنانية، ويجعلوها حديقة خلفية يرمي فيها النظام البدوي مخلفاته الفتنوية والتكفيرية والتوسعية والارهابية.
فبعدما حلت ازمة النفايات على قاعدة العودة الى المربع الاول، دخل اللبنانيون في مشكلة الـ”انترنت” وانكشاف البلد امام التنصت والتجسس الاسرئيليين”، ناهيك عن غياب الحيوية عن المؤسسات الدستورية المفرغة عنوة، والتي لم تعد في سلم اولويات المعطلين للاستحقاقات النيابية والرئاسية .
واذا كان تيار المستقبل قد بادر الى فتح كوة في جدار التعطيل عبر ترشيحه سليمان فرنجية، المحسوب على تيار “8 اذار”، ولاقاه في منتصف الطريق رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع بتبنيه ترشيح رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون، الا ان فئة من الحكام السعوديين اشترطت تسليم السلطة لاعوانها في لبنان وفي طليعتهم تيار المستقبل مقابل السماح لنواب 14 آذار بالذهاب الى البرلمانواستكمال العملية الدستورية، اي انهم جعلوا الانتخابات الرئاسية نقطة زئبق يلعبون بها كما يشاؤون.
الم يعد هذا كافيا للبنانيين كافة، ليدركوا أن التعطيل وتفكيك الدولة هما الهدف الحقيقي لهذه العائلة المتورطة في حروب ، بدءا من سوريا مرورا باليمن وصولا الى العراق والبحرين ودعمهم دون مواربة للجماعات التكفيرية المسلحة المسؤولة عن سفك الدماء وممارستها ابشع انواع الجرائم والقتل والدمار على الساحات العربية؟
لم يسبق لدولة في العالم، باستثناء الصومال، ان بقيت بلا رئيس للجمهورية نحو سنتين، فاذا كانت الدولة تحللت في الصومال المنسية من المجتمع الدولي، فهل تحللت ايضا في لبنان كي يبقى بلا رئيس، وبرلمانه يقفله نوابه الممددين لنفسهم، وحكومته لا تقوى حتى على اتخاذ قرار رفع نفايات من الشوارع الا بعد ارضاء كل الزعماء المذهبيين؟
نذكر جميعا ان موعد انتخاب رئيس الجمهورية كان بدقة ساعة “بيغ بن” السويسرية، وقد اجري حتى في اصعب الظروف، ففي اثناء الغزو الاسرائيلي في العام 1982 لم يتوان النواب عن انتخاب رئيس درءا للفراغ، فيما في غضون عشر سنوات فرغت سدة الرئاسة مرتين نتيجة تعنت بعض المتزعمين في لبنان ورهنهم مصير البلد للارادة السعودية.
في حديثه الاخير الى احدى محطات التلفزة اللبنانية امعن الامين العام لحزب الله حسن نصرالله في تأكيده على الصيغة التوافقية اللبنانية والتشديد على اهمية الحفاظ على خطوط العلاقة بين لبنان ومحيطه العربي, وهو بذلك وضع الاطار المناسب لتلك العلاقة التي لا يمكن الاستغناء عنها حفاظا على وحدة اللبنانيين الذين يدفعون الاثمان الباهظة منذ سنوات طويلة لمغامرات السياسات السعودية باغراق لبنان بالديون والمضي قدما في هدم مؤسسات الدولة, تمهيدا لتفليس الدولة, ليس بالمعنى المالي, بل الوجودي والكياني, لذا فولي ولي العهد السعودي هو في الحقيقة “حزب التعطيل في لبنان”.